قال الخبير المصرفي، وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، شريف دولار، إن قرار البنك المركزي
المصري بتحرير سعر صرف الجنيه أو مايمكن تسميته بـ "التعويم المدار"، خطوة صحيحة في مواجهة
السوق السوداء للدولار، لكنها تأخرت كثيرا، وسيكون لها تداعيات سلبية على المواطن المصري في المدى البعيد.
وقال دولار في تصريحات لـ "عربي21" إن قرار البنك المركزي وحده لن يكفي لوقف نزيف الجنيه
المصري أمام الدولار، مطالبا بوضع برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، والسياسة المالية وليس السياسة النقدية وحدها، وإعادة بناء هيكل صناعة جديد يعتمد على المنتج المحلي ويقلل من مستلزمات الإنتاج التي يتم استيرادها من الخارج.
وتوقع دولار أن يمتص الشعب المصري صدمة ارتفاع الأسعار المتوقع حدوثها خلال الساعات القادمة على خلفية تحرير سعر الصرف، مستبعدا أن يتم توظيف التداعيات السلبية لقرار البنك المركزي
اليوم في الدعوات الشعبية للتظاهر يوم 11 نوفمبر المقبل والتي يطلق عليها إعلاميا "ثورة
الغلابة".
وأكد الباحث الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، أن ماحدث اليوم من تخفيض قيمة الجنيه المصري سيكون
له مجموعة من الآثار السلبية على الاقتصاد منها ارتفاع قيمة فاتورة الواردات، وموجات تضخمية عالية، خلال الفترة القادمة، وارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، مما سيؤدي إلى خروج المنتج المصري من المنافسة في الخارج وضعف موقفه في الداخل.
وتابع الصاوي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "سترتفع أيضا قيمة
الدين الخارجي، وستزيد
أعباءه مما سيؤثر على ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، بنسبة كبيرة، وبالتالي تراجع الإنفاق على الخدمات الرئيسية في التعليم والصحة والبنية الأساسية.
وأوضح أن التخفيض الكبير لقيمة الجنيه دفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة إلى 300 نقطة وهو ما
يعني زيادة تكلفة التمويل محليا، وسيكون المستثمر أو المنتج أمام مشكلة معقدة تتمثل في ارتفاع تكلفة التمويل وارتفاع فاتورة الواردات وارتفاع تكلفة الطاقة مما سيؤدي بلا شك إلى خروج عدد كبير من المنتجين من دائرة الإنتاج إلى العمل في مجال التجارة أو الخدمات أو الأنشطة الريعية الأخري.
وأشار الصاوي إلى أن الواقع الجديد الذي فرضه تخفيض قيمة الجنيه وضع الفاعلين الرئيسيين الثلاثة
للاقتصاد المصري ( المنتج، والمستورد، والمدخر) أمام معادلة صعبة، لافتا إلى أن
المدخر سيجد نفسه تعرض لخسائر فادحة نتيجة لتخفيض قيمة الجنيه وبخاصة أولئك الذين
اتجهوا لشراء شهادات الاستثمار أو شهادات قناة السويس، وبالتالي لن يكون هناك حافز
أمامهم للإقبال على الإدخار.
وتوقع الباحث الاقتصادي، أن يؤدي قرار البنك المركزي اليوم إلى حالة من الكمون أو الاستقرار في
سعر الصرف على المدي القصير إلى حين اختبار قدرة البنك المركزي على تلبية احتياجات الطلب على الدولار من قبل المستوردين والمستثمرين الأجانب، الذين يريدون خروج جزء من استثماراتهم أو أرباحهم إلى خارج مصر.
واستطرد:" كما أن المضاربين الذين حصلوا على الدولار بأسعار أعلى من 13.50 سيراهنون على عجز البنك المركزي عن الوفاء باحتياجات السوق من الدولار وبالتالي لن يدفعهم السعر المعلن من
قبل البنك المركزي بـ 13.50 إلى التضحية بما لديهم من دولارات الآن وانتظار ارتفاع الأسعار على الأقل بالأسعار التي اشتروا بها فضلا عن انتظارهم لتحقيق أرباح".
ولفت الصاوي إلى أن المواطن المصري سيتعرض لدفع فاتورة عالية التكلفة بسبب موجات التضخم القادمة واستمرار ثبات دخله، مما سيعني زيادة معدلات الفقر والبطالة خلال الفترة القادمة، في حين سيحقق التجار الذين لديهم بضائع بالأسعار القديمة أرباحا كبيرة.