أجمع خبراء اقتصاد، وسياسيون وإعلاميون ونشطاء
مصريون، على أن غالبية المصريين هم الخاسر الأكبر من قرار البنك المركزي المصري، الخميس، بتحرير سعر صرف
الجنيه، وترك تحديده لآليات العرض والطلب.
وأكدوا أن أسعار السلع الأساسية سترتفع بشكل جنوني، وأن الطبقات الفقيرة والمتوسطة لن تتحمل هذا الارتفاع، ما سيلحق أبلغ الأذى بالغالبية العظمى من أفراد هذه الطبقات ومستوى معيشتها، في وقت يحقق فيه قرار "التعويم" مصالح طبقة رجال الأعمال، وسماسرة الاقتصاد المصري، وفق تعبيرهم.
شريف الروبي: "الفقير هيموت بجد"
ندد القيادي بحركة شباب "6 إبريل"، شريف الروبي، بقرار تعويم الجنيه. وقال في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "حقيقي.. ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف في مصر لا يهمني، ولكن ما يؤلمني بجد، وربنا.. حال الفقير والفلاح ومحدودي الدخل، والارتفاع الجنوني للمواد والسلع الأساسية للمواطن مع تدني الدخل.. الفقير هيموت بجد".
خالد علي: كارثة للطبقات الفقيرة والمتوسطة
وندد المحامي والناشط الحقوقي، خالد علي، بقرار التعويم.
وقال في تدوينة عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "تعويم الجنيه كارثة على كافة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وخطة الحكومة التي نفذتها طوال الأشهر الماضية لجعل قيمة الدولار تساوى 18 جنيها بهدف تمرير قرار التعويم، وخلق قبول مجتمعي، بزعم أنه الحل الوحيد للحفاظ على الجنيه، ولجعل قيمة الدولار تتراوح بين 13 و 15 جنيها، ما هي إلا خطة سطحية لمحاولة خداع المجتمع".
وتابع: "الأغرب أن النظام ورجاله يحاولون تصديق كذبتهم، وخداع أنفسهم، وهم أعلم الناس أن التعويم الآن ما هو إلا خضوع لمطالب المؤسسات المالية المانحة والشركات الكبرى، وسوف يحدث تخفيض مؤقت، لكن سرعان ما سيعاود الدولار الصعود على جثة الجنيه مرة أخرى، فقوة الجنيه أمام العملات الأخرى يحددها بالأساس قدرتنا على معالجة العيوب الهيكلية بالاقتصاد المصري، وليس هذا الخداع"، حسبما قال.
خبراء اقتصاد: الفقراء سيزدادون فقرا
وقال الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، وفق صحيفة "البديل"، إن قرارات البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، تعمق أزمات الاقتصاد، ويتحمل الفقراء وحدهم تبعاتها؛ بمزيد من ارتفاع الأسعار، بعيدا عن طبقة رجال الأعمال، و"سماسرة الاقتصاد المصري"، الموجودين حاليا تحت مسمى مستثمرين، بحسب تعبيره.
ومن جهته، قال أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحمد غنيم، بحسب صحيفة "أخبار اليوم"، إن التعويم سيسبب تضخما وارتباكا في الأسواق لفترة، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الفقر.
وشدد على أن "الإجراءات الإصلاحية لقرض الصندوق تنطوي على تكاليف باهظة، ليست للفقراء فحسب، بل للطبقة الوسطى أيضا، فمع انخفاض المستوى المعيشي لمليون ونصف المليون أسرة تحت خط الفقر في عام 2015، هناك ما يشير إلى انخفاض تدريجي من مستوى الفقر إلى مستوى الفقر المدقع".
وأشار إلى أن الطبقة المتوسطة، التي تشكل الدعامة الأساسية للمجتمع، ستعاني من موجة ارتفاع أسعار عارمة مع ارتفاع غير مسبوق في سعر الخدمات العامة، الناتج عن تخفيض قيمة الجنيه المصري، على حد قوله.
وائل النحاس: تراجع القوة الشرائية لرواتب المصريين
في السياق نفسه، قال الخبير المالي والاقتصادي، وائل النحاس، إن القوة الشرائية لدخل المواطن العادي تتراوح بين 48 بالمئة إلى 58 بالمئة بحد أقصى.
وأضاف، وفق موقع "مصراوي"، أنه حال حصول الفرد على الحد الأدنى للأجور المقدر بـ1200 جنيه، فإنه يساوي حاليا 600 جنيه فقط من القوة الشرائية.
وتابع: "سنواجه مشكلة في القطاع المصرفي؛ بسبب الودائع الجديدة، والمواطن سيلجأ لفك الوديعة التي تبلغ 9 بالمئة؛ لكي يأخذ الـ20 بالمئة، وهذا يزيد من تكلفة الأموال على البنوك، فضلا عن ارتفاع الأسعار في شتى الخدمات، وكون فرصة المستثمرين قليلة، وبالتالي "ستطفش"؛ بسبب ارتفاع معدلات الفقر، وتخوفات المستثمر من الأحوال الحالية، وفق توصيفه.
حازم حسني: التعويم تم باتفاق غير أخلاقي
ومن جهته، انتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حازم حسني، قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه.
وقال، في تدوينة عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "تحياتي للسذج الذين لم يفهموا ما أصاب الجنيه والدولار خلال اليومين الماضيين.. أحمد موسى أعلن مساء الأربعاء أن الدولار وصل لـ10 جنيهات، والكتائب اشتغلت على اللي عنده دولار يلحق يبيعه قبل ما ينخفض أكتر".
وتابع: "لكن البنك المركزي صحي على غيار الريق، وقال لنا إن سعر بيع الدولار في البنوك أصبح 13.50 جنيه، يعني الجنيه فقد -رسميا- أكثر من نصف قيمته مسافة سواد الليل، وده سعر الدولار الرسمي عند افتتاح التعويم، وفي ظل اتفاق غير أخلاقي تم بين الحكومة ومنظمات الأعمال لتجريد المصريين من بعض ما تبقى من مدخراتهم، وكله عشان مصر زي ما إحنا عارفين"، بحسب سخريته.
وأضاف حسني: "الطريف في الموضوع أن رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب الموقر شارك صباح الخميس -من خلال تصريحات منسوبة إليه- في حملة دعوة المصريين للتخلص مما قد يكون بحوزتهم من الدولارات، مبديا ارتياحه لقدرة البنك المركزي على إدارة التعويم، بعد أن وصل الاحتياطي إلى 25 مليار دولار".
واختتم حازم حسني تدوينته بالقول: "آخر معلوماتنا أن الاحتياطي كان وصل 19 مليارا، حد عارف الـ6 مليار الفرق دول جُم منين؟ الله يرحم استيفان روستي، كان بيموت في المفاجآت".
محمود رفعت: سياسة الإمارات لتدمير مصر
وغير بعيد، هاجم المحامي الدولي ورئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، محمود رفعت، سياسات نظام حكم السيسي.
وقال، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "منذ 3 سنوات أكرر: السيسي ليس فاشلا، بل هو منفذ لسياسات محبكة وضعها توني بلير، وتمولها الإمارات؛ لهدم مصر، واليوم وصلت لتعويم الجنيه".
وتابع: "انطلقت فكرة تعويم الجنيه كشرط لصندوق النقد لإقراض السيسي ما لا تحتاجه مصر، بل دفعها توني بلير له لتكبيلها لعقود برعاية الإمارات".
وأردف: "تعويم الجنيه يعني عدم تدخل البنك المركزي بسعر الصرف، ما سيؤدي قريبا للعب مهول بالأسواق، خاصة في ظل منظومة الفساد التي يحكم السيسي بها مصر، كما سيؤدي تعويم الجنيه في ظل هذه المنظومة إلى ارتفاع الدولار وانخفاضه جنونيا، ودافع الثمن سيكون الطبقات المطحونة، ليزداد ثراء الجنرالات".
يسري فودة: السيسي أسوأ من مبارك مرتين
ومن جهته، قارن الإعلامي يسري فودة بين قيمة الجنيه مقابل الدولار في عهد السيسي، وقيمته في ظل الأنظمة السابقة.
وقال، في برنامجه "السلطة الخامسة"، عبر فضائية "دويتشه فيله" الألمانية: "كيف لبلد كان يقرض بريطانيا في أوج إمبراطوريتها، أن تصل به الحال إلى هذا الواقع؟".
واستعرض بالأرقام الاختلافات بين الأنظمة السابقة، قائلا: "السيسي استلم الجنيه رسميا في يونيو 2014، والدولار يشتري 7.15 جنيه، أما الآن في نوفمبر 2016، بعد التحرير المدار، وبعد أقل من سنتين و نصف السنة، يفقد الجنيه أكثر من 100% من قيمته، يعني بمعدل انحدار حوالي 40% كل سنة".
عمار علي حسن: الأمن يدير الاقتصاد.. إنها مأساة
وأدان الباحث في علم الاجتماع السياسي، عمار علي حسن، موقف وسائل الإعلام المصرية من قرار البنك المركزي.
وقال، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "قصف إعلامي حول تراجع الدولار أشبه بالدخان الذي تثيره الجيوش لتغطي انسحابها مهزومة.. الهدف تغطية تعويم الجنيه، الأمن يدير الاقتصاد.. إنها مأساة".
أبو بكر الديب: قرارات عاجلة لا بد منها لإنقاذ "الفقراء"
وفي سياق متصل، توقع الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي، أبو بكر الديب، موجة غلاء للأسعار في الفترة المقبلة، مطالبا الحكومة بالتحرك سريعا لتقليل آثارها السلبية على محدودي الدخل عقب تحرير صرف الجنيه، وفق قوله.
وطالب الديب بزيادة الحماية الاجتماعية للفقراء، من حيث زيادة المعاشات والمرتبات، ودعم مشروع تكافل وكرامة بالتضامن الاجتماعي، وزيادة المقررات التموينية للحد من ارتفاع الأسعار، ووجود دعم نقدي للفقراء، وإعانة بطالة.
"الحرية والعدالة": التعويم يزيد الفقر لصالح رجال الأعمال
وغير بعيد، اعتبر حزب "الحرية والعدالة"، المنبثق من جماعة "الإخوان المسلمين"، أن قرار تعويم الجنيه ليس حلا، وإنما كارثة اقتصادية تتمثل في "ارتفاع كبير في الأسعار، وزيادة فاتورة الواردات، وتفاقم الدين العام، وتضخم عجز الموازنة العامة للدولة بنسب كبيرة، وما يترتب على ذلك من تراجع الإنفاق على الخدمات الرئيسية في التعليم والصحة والبنية الأساسية.
وحمَّل الحزب في بيان له، الخميس، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وعصابته الانقلابية، مسؤوليةَ تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وزيادة نسبة الفقر في مصر لصالح حفنة من كبار رجال الأعمال لا تتجاوز أصابع اليدين"، وفق البيان.
ودعا البيان جماهير الشعب المصري والقوى السياسية والوطنية والثورية كافة لـ"الوقوف صفا واحدا؛ لوقف هذا العبث الذي سيدمر حاضر المصريين، ويقضي على مستقبل الأجيال القادمة، وإزاحة هذا الانقلاب الغادر الجاثم على أنفاس شعب مصر المضيع لحاضرهم، والمتآمر على مستقبلهم"، بحسب البيان.