علقت صحيفة "فايننشال تايمز" على الموقف الذي أبداه الملياردير السعودي
الوليد بن طلال من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب.
وتقول الصحيفة، في تقرير أعده مراسلها سايمون كير، إن موقف الأمير يعكس مواقف عدد آخر في المنطقة راهنوا على فوز هيلاري كلينتون، مشيرا إلى أن الأمير السعودي كان يتصيد سقطات ترامب في بداية العام على "تويتر"، وها هو يمنحه رمز مصافحة اليد "إيموجي" في تغريدة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المليارديرين المعروفين اصطدما بآرائهما الصريحة عام 2015، عندما دعا ترامب إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ونشر صورة مزورة لأمير سعودي، بشكل دفع الأمير الوليد للسخرية من ترامب، وقال إنه ساعد الملياردير الأمريكي للخروج من ورطاته المالية مرتين في التسعينيات من القرن الماضي.
ويورد كير نقلا عن الوليد قوله في تصريحات علق فيها على فوز ترامب، إن "خلافي معه كان عندما هاجم ديني، الإسلام"، وأضاف أن ترامب الآن عبر عن موقف تصالحي ويريد لم شمل الجميع، وقال: "أرحب بهذا والعالمان العربي والإسلامي".
وترى الصحيفة أن "اللفتة الدبلوماسية من الأمير تعكس مواقف عدد آخر في الشرق الأوسط، الذين أملوا بفوز المرشحة الديمقراطية كلينتون، وفي الوقت الذي تم فيه اتهام ترامب بأنه معاد للإسلام خلال حملته الانتخابية، فإن كلينتون، التي قضت أربع سنوات وزيرة للخارجية، تعرف بكفاءتها في العالم العربي، إلا أن القادة العرب اكتشفوا الآن ضرورة التكيف مع سياسي لا يمكن التكهن بأفعاله، وجاء من خارج الطبقة السياسية، وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من بين الذين هنأوا الرئيس المنتخب".
ويلفت التقرير إلى أن الأمير الوليد، الذي اشترى يخت ترامب وحصة من فندق "بلازا" المملوك من ترامب في نيويورك، وذلك في فترة التسعينيات من القرن الماضي، قال إنه من المهم "منحه حسن الظن"، وأضاف: "دعونا نعطيه وقتا لنعرف إلى أين يتجه"، مشيرا إلى أن الوليد يملك سلسلة من الاستثمارات مثل "سيتي" و"21 سينتجري فوكس" و"تويتر".
وينوه الكاتب إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج تشهدت ضغوطا مستمرة، بعد عقود من اعتماد واشنطن على نفط هذه الدول مقابل توفير الحماية، لافتا إلى أن هذه العلاقات تعرضت في عهد الرئيس أوباما لتحولات بسبب رغبته بالتحاور مع
إيران ووقف برنامجها النووي، والتوجه نحو آسيا، ونظرا لتراجع اعتماد بلاده على نفط الخليج؛ بسبب اكتفاء أمريكا ذاتيا، حيث وصلت العلاقات إلى مستوى متدن بعد رفض الكونغرس فيتو أوباما على قانون يمنح عائلات ضحايا 9/11 مقاضاة الحكومة
السعودية أو أي مسؤول فيها، ويشعر السعوديون بالقلق من دعم ترامب لعائلات تريد استخدام قانون "جاستا"، الذي يفترض تورطا مزعوما في الهجمات.
وتذكر الصحيفة أن السعودية تخشى من تخفيض الولايات المتحدة مستوى مشاركتها في الشرق الأوسط، خاصة أن ترامب دعا في حملته الانتخابية إلى تقليل التزامات الولايات المتحدة الأمنية في الخارج، في وقت تعيش فيه المنطقة سلسلة من النزاعات والقلاقل.
ويفيد التقرير بأن معظم
دول الخليج، التي دعمت الثوار السوريين الراغبين بالإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، تشعر بالغضب على الموقف الذي اتخذته إدارة الرئيس أوباما من الحرب المندلعة منذ ما يزيد على خمسة أعوام، حيث دعمت واشنطن الثوار السوريين على تردد، فيما عززت كل من روسيا وإيران من موقع نظام الأسد، وقال ترامب إن أولويته هي هزيمة تنظيم الدولة وليس إزاحة الأسد عن السلطة.
وينقل كير عن المحلل السعودي والزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي محمد اليحيى، قوله إن "هناك عددا من الأسئلة، وإن كان سينحرف باتجاه بوتين، وهذا مثار للقلق"، مستدركا بأن عداء ترامب للاتفاق الذي وقعته أمريكا مع الدول الكبرى وإيران حول ملفها النووي، سيرحب به المسؤولون في دول الخليج، حيث هدد ترامب بتمزيق الاتفاق وإلغائه، رغم أنه دمج بالقانون الدولي بعد تصويت مجلس الأمن الدولي عليه.
وتورد الصحيفة نقلا عن جين كيننمونت، من "تشاتام هاوس"، قولها إن "كلام ترامب الشديد عن إيران يجذب دول الخليج، مع أن تمزيقه للاتفاق غير عملي، في ضوء الخيارات المحدودة، وغياب الشهية في الولايات المتحدة للمواجهة العسكرية مع إيران"، وأضافت أن كراهية النخبة الخليجية لأوباما قوية، وقد يستفيد منها، فهم يقولون "أي شخص لكن ليس أوباما"، مشيرة إلى أن "ترامب شخصية معروفة بطريقة غير مسبوقة في الرئاسة الأمريكية، ولهذا، فإن هناك مساحة للتعلل بالأماني، والنظر إليه على أنه يمثل التغيير، الذي قد يكون فرصة إيجابية للمصالح الخليجية".
وبحسب التقرير، فإن المحللين في الخليج يرون أن الملياردير ورجل الأعمال قد يتبنى سياسة عقد الصفقات مع المنطقة، ويتوقع المسؤولون في المنطقة قيام الخطوط الجوية الأمريكية بممارسة الضغط لفرض تعرفة جمركية على الخطوط الجوية المدعومة من الدولة، مثل طيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، وطيران الاتحاد، التي تحصل على دعم ضخم، بحسب قول مسؤولي الطيران الأمريكي.
ويبين الكاتب أن ترامب، الذي يقوم بإنشاء ملعب غولف في دبي، بالمشاركة مع رجل الأعمال الإماراتي حسين السجواني من "داماك" للعقارات، هدد بجعل السعودية، التي تعد ثالث دولة في العالم إنفاقا على السلاح، بجعلها تدفع ثمن حماية الولايات المتحدة لها.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الأمير الوليد يعتقد أن حاسة عقد الصفقات لدى ترامب يمكن أن تدفعه لتسهيل العلاقات مع السعودية، التي تستهدف الشركات الأمريكية للاستثمار في خطة قيمتها 72 مليار دولار، وتهدف إلى تحويل البلاد، وتنويع الاقتصاد، وتقليل اعتمادها على النفط، لافتة إلى أنه بالنسبة للوليد، فإن ترامب يظل رجل أعمال، ولهذا فإنه من السهل العودة إلى المسار السابق.