أجبرت كثافة القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام السوري على شرق
حلب الجمعة السكان المحاصرين على ملازمة منازلهم، وحالت دون وصول سيارات الإسعاف إلى الضحايا بعد ليلة تخللتها اشتباكات عنيفة في جنوب المدينة، بينما قالت الأمم المتحدة إن المحاصرين في حلب يواجهون "لحظة قاتمة جدا".
وفي اليوم الرابع لاستئناف قوات النظام قصفها على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، قالت الوكالة الفرنسية إن عشرات القذائف والصواريخ سقطت منذ صباح الجمعة على الأحياء السكنية التي تعرضت أيضا لغارات جوية مكثفة، بينما خرجت ثلاثة مستشفيات عن الخدمة في حلب، بحسب ما أعلن الدفاع المدني.
وتعرضت أحياء حلب الشرقية لقصف غير مسبوق منذ العام 2014 التي اعتادت على الغارات الجوية، في وقت لزم السكان منازلهم وخلت الشوارع من المارة.
وأوضح "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن القصف الجوي والمدفعي استهدف صباحا أحياء عدة بينها مساكن هنانو والفردوس والهلك وبستان الباشا وبستان القصر وطريق الباب والصاخور.
وتواجه فرق الإسعاف صعوبة في التوجه إلى أماكن تم استهدافها بسبب شدة القصف بالصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة.
الدفاع المدني عاجز
وقال مدير مركز الدفاع المدني في حي الأنصاري نجيب فاخوري: "لم نشهد غزارة في القصف المدفعي والصاروخي مثل اليوم، حتى بات من الصعب علينا التوجه إلى أماكن القصف"، مضيفا بقوله: "قبل قليل، تم طلبنا لإطفاء حريق نشب في حي الفردوس نتيجة القصف وحتى الآن لم نستطع التوجه إلى هناك".
وكان القصف عنيفا الخميس أيضا، واشتد مساء ليستمر حتى منتصف الليل.
وأعلن الدفاع المدني في مدينة حلب مقتل 87 مدنيا الأربعاء الماضي، على يد النظام السوري وروسيا.
وشهدت حلب الليلة الماضية اشتباكات عنيفة في حي الشيخ سعيد الذي تسعى قوات النظام للتقدم فيه في جنوب الأحياء الشرقية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "الاشتباكات عنيفة جدا وترافقت مع قصف مدفعي متبادل".
وشنت قوات النظام مرات عدة حملات جوية ضخمة ضد الأحياء الشرقية سقط ضحيتها مئات المدنيين، وأطلقت في 22 أيلول/ سبتمبر الماضي هجوما بريا للتقدم والسيطرة على تلك المنطقة التي تحاصرها منذ تموز/ يوليو.
كما حاولت الفصائل المعارضة كسر هذا الحصار عن طريق هجومين واسعين عند أطراف المدينة الجنوبية والجنوبية الغربية إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها، ليبقى أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية محاصرين في ظروف مأساوية.
ولم تتمكن الأمم المتحدة من إدخال المساعدات منذ بداية تموز/ يوليو إلى تلك الأحياء رغم إعلان موسكو ودمشق هدنة لمرات عدة لعدم حصول المنظمات الإنسانية على الضوء الأخطر من كل الأطراف.
ووزع برنامج الأغذية العالمي وإحدى المنظمات الإنسانية المحلية الأسبوع الحالي آخر حصص المساعدات الغذائية القليلة التي كانت متبقية لديهم في المخازن على السكان المحاصرين.
"لحظة قاتمة جدا"
وقال يان إيجلاند، مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، الجمعة، إن السكان المحاصرين في شرق حلب يواجهون "لحظة قاتمة جدا" مع غياب أي إمدادات غذائية أو طبية واقتراب فصل الشتاء وتوقع هجوم شرس من جانب قوات النظام السوري وروسيا.
وقال إيجلاند إنه رغم ترحيب
روسيا والفصائل المعارضة بخطة الأمم المتحدة الإنسانية لتوصيل الإمدادات وإجلاء المرضى والمصابين من شرق حلب إلا أن أي طرف لم يقدم الموافقة النهائية.
وأضاف أن الأمم المتحدة تعتزم إرسال قوافل مساعدات لمليون سوري في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها، لكن حتى الآن لم تصل قافلة واحدة لمقصدها، مؤكدا أن القوات السورية أعادت المساعدات المتجهة إلى بلدة دوما الخميس.
قصف على إدلب ودوما
وتزامن التصعيد العسكري في مدينة حلب بدءا من الثلاثاء مع إعلان روسيا، حليفة دمشق، حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحمص (وسط).
ومنذ الثلاثاء، تركز الطائرات الروسية غاراتها على مناطق متفرقة في محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة "جيش الفتح"، وهو تحالف فصائل على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).
وأفاد المرصد السوري باستهداف "طائرات حربية يعتقد أنها روسية"، لمناطق عدة بينها مدينتا سراقب وجسر الشغور.
وفي الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، تستهدف قوات النظام مدينة دوما بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ مع تحليق كثيف للطائرات الحربية، فيما لم تستطع فرق الإسعاف والدفاع المدني التحرك لإسعاف الضحايا، لكثافة القصف.
تمديد للتحقيق بالهجوم الكيميائي
وفي نيويورك، مدد
مجلس الأمن الدولي الخميس، تفويض فريق المحققين الدوليين المكلفين بتحديد المسؤولين عن هجمات بالاسلحة الكيميائية وقعت في
سوريا، لمدة عام ينتهي في تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
وأقر التمديد بموجب مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة وصدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم روسيا حليفة النظام السوري.
وكان المحققون الدوليون خلصوا إلى اتهام النظام السوري باستخدام مروحيات لشن هجمات كيميائية على ثلاث مناطق في شمال سوريا في العامين 2014 و2015.
كما اتهموا تنظيم الدولة باستخدام غاز الخردل في شمال سوريا في آب/ أغسطس 2015.
ضحايا بقصف التحالف
وقتل خمسة مدنيين بينهم امرأتان وجرح آخرون، الجمعة، بقصف لطائرات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، على ريف الرقة الشمالي، بحسب ما أوضح مصدر طبي لوكالة "سمارت" المعارضة.
وقالت الوكالة إن القصف طال بلدة حزيمة، مشيرا إلى أن بين الجرحى أطفال، أسعفوا إلى المشفى الوطني ومشفى الطب الحديث بمدينة الرقة.
وشنت طائرات التحالف الدولي، غارات على قريتي أبو زكي والكالطة بريف الرقة الشمالي، دون معلومات عن إصابات في صفوف المدنيين.
وقضى وجرح 20 مدنياً بينهم طفل، الخميس، إثر قصف لطائرات التحالف الدولي على قريتي الرحمانية ومزارع العلو شمال مدينة الرقة.