نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لكل من ضياء حديد ونور يوسف، حول المظاهرات
الطلابية في
الجامعة الأمريكية في
مصر.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن قياديا طلابيا اسمه عمرو الألفي، يبلغ من العمر 20 عاما، قام ليخطب في الطلاب باللغة الإنجليزية، معبرا عن الإحباط الذي يعيشه هو وزملاؤه الطلاب؛ بسبب قلة وضوح الإدارة، فيما إذا كانت الرسوم سترتفع بنسبة 40%، كرد فعل لاقتصاد مصر المتعثر وعملتها المعومة.
وينقل الكاتبان عن الألفي، قوله إنه كان محبطا، لدرجة أنه فكر في إغلاق حرم الجامعة بسيارته، ونوعها فولكسفاغن غولف، وأضاف: "يجب أن تكون هذه (الجامعة) ملاذا اقتصاديا".
وتذكر الصحيفة أن مئات الطلاب يقومون منذ عدة أيام بالتظاهر في حرم الجامعة، ويطالبون بوضع حد لرسوم الدراسة، مشيرة إلى أن هذه المظاهرات هي الأطول في الجامعة منذ سنوات، وتعكس كيف أثرت المشكلات
الاقتصادية في مصر على الجميع تقريبا، في هذا المجتمع الطبقي، المؤلف من 91 مليون إنسان.
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي يتزاحم فيه الفقراء للحصول على الغذاء الأساسي، ويحاولون استيعاب الزيادة في الأسعار، حتى عندما يكون الارتفاع قرشا واحدا، فإن الطبقة المتوسطة بدأت تستخدم أسلوب التشارك بالسيارات بشكل أكبر، والتسوق بشكل أقل، كما بدأوا بوضع مدخراتهم في أصول مستقرة، مثل العقارات وسندات البنوك والذهب، ويؤجلون الحمل والولادة.
ويورد الكاتبان نقلا عن نائبة رئيس اتحاد الطلبة ملك رستم، قولها: "عندما تصيب الأزمة الاقتصادية النخبة، فإن هذا يعني أن المعاناة شملت الجميع، وإن كنا لا نستطيع دفع الثمن فإننا نعلم المدى الذي يعاني منه الآخرون".
وتقول الصحيفة إن "بعض المصريين قد يسخرون من المشكلات التي يواجهها الأطفال من الطبقة المتوسطة والعليا عندما يقلقون بشأن الزيادة في رسوم الجامعة، التي تبدو باهظة بالنسبة لرواتب الفقراء، ونسبتهم عالية في البلاد، إلا أن أجيالا من خريجي الجامعة الأمريكية قامت بأدوار قيادية في الحكومة وقطاع الأعمال وقطاع الشركات غير الربحية، ولذلك فإن أي مشكلة في حرم الجامعة تخرج إلى الخارج فإن أثرها يتضاعف".
وينقل التقرير عن عمرو أديب، وهو إعلامي في التلفزيون المصري، قوله في نشرة تلفزيونية مؤخرا، كأنه كان يتوقع أن يستغرب المشاهدون: "ستقولون (هؤلاء هم البروليتاريا).. حسنا، لكن ألا تريدون أن يكون هناك بعض الأشخاص المتعلمين في المجتمع؟".
ويبين الكاتبان أن مظاهرات الجامعة الأمريكية بدأت قبل أسبوع، بعد أن قامت إدارة الجامعة بعقد ندوة لنقاش تداعيات قرار البنك المركزي للتخفيض من قيمة
الجنيه المصري مقابل الدولار، في محاولة لإحباط السوق السوداء، ولدعم الاقتصاد، حيث وصل سعر صرف الجنيه المصري الآن إلى 15 جنيها مقابل الدولار الواحد، بعد أن كان في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 8.8 جنيه للدولار الواحد.
وتنوه الصحيفة إلى أن قرار البنك كان جزءا من جهود الحكومة لاقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، الذي تمت الموافقة عليه يوم الجمعة الماضي، مستدركة بأنه بالنسبة للطلاب، الذين ترتبط رسومهم بالدولار الأمريكي، فإن تعويم العملة هدد بارتفاع مباشر في رسومهم، إلى حوالي 187 ألف جنيه مصري في العام لأقل الدراسات رسوما، بعد أن كانت حوالي 133 ألف جنيه.
وبحسب التقرير، فإن طلاب الجامعة الأمريكية، البالغ عددهم 6559 طالبا، هم قمة النخبة المكونة من 111600 من المسجلين في جامعات خاصة، حيث يدرس المنهاج باللغة الإنجليزية، وتصل الرسوم إلى آلاف الدولارات لكل فصل "سمستر"، لافتا إلى أن معظم الطلاب الجامعيين، البالغ عددهم 1.8 مليون، يدرسون في جامعات عامة مكتظة ومتداعية، وعادة ما ينظرون إلى الجامعات الخاصة بعين الحسد والازدراء.
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم أن رسوم الجامعة الأمريكية كانت لفترة طويلة ليست في متناول معظم المصريين، فإن ثلثي طلابها يحصلون على منح دراسية بناء على حاجتهم المادية، بحسب الإدارة، مشيرين إلى أن بعض العائلات تبيع أصولا تملكها لتدريس أبنائها، حيث قالت سلام حفظي (20 عاما)، التي تدرس التسويق، إن والدتها الأرملة قامت ببيع شقتين كان من المفترض أن ترثهما سلام؛ وذلك لتغطية تكاليف دراستها.
وتضيف حفظي للصحيفة: "المبلغ يكفي لعامين آخرين، إن بقيت الرسوم ذاتها.. لكن رسومي قد تصل إلى ربع مليون جنيه مصري، فأنا خائفة".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "آثار الاقتصاد المتداعي على الطبقة المتوسطة قد تبدو بسيطة عند مقارنتها بآثارها على الناس الفقراء، الذين لا يستطيعون توفير ثمن الأغذية الأساسية، لكن ذلك لا يعني أنهم لا يشعرون بها".
ويشير التقرير إلى أن أحد المجمعات التجارية في القاهرة كان شبه مهجور في مساء يوم في الفترة الأخيرة، حيث كانت أسعار الملابس ترتفع بسرعة كبيرة في محل "H&M"، فكانت الأسعار المعلقة على الملابس غير صحيحة، ما كان يضطر العاملين على صندوق الدفع لإخبار الزبائن بالسعر الحقيقي، لافتا إلى أن هناك مجمعا تجاريا آخر شبه فارغ، حيث قالت المتسوقة رؤية إسكندر (22 عاما) إنها وزوجها قررا تأجيل إنجاب الأطفال بسبب عدم استقرار الاقتصاد.
ويورد الكاتبان نقلا عن كثير من العمال، قولهم إنهم يقومون بالتشارك في السيارات منذ أن ارتفعت أسعار البنزين إلى ما يعادل 21 سنتا للتر الواحد هذا الشهر، بعد أن كان 16 سنتا، لافتين إلى أن آخرين خسروا عملهم؛ لأن أصحاب الأعمال لا يستطيعون تحمل تكلفة استيراد المواد الخام، أو بسبب تراجع المبيعات.
وتنقل الصحيفة عن عمر علاء (28 عاما) وزوجته الحامل آلاء مشهور (27 عاما)، اللذين يعملان في شركة "أبفي"، وهي شركة أمريكية لدراسة وتطوير الأدوية، قولهما إنهما كانا خارجين لتناول السوشي في إحدى ليالي الشهر الماضي في الوقت الذي شاهدا فيه رسائل إلكترونية على هاتفيهما الذكيين، للإعلان عن اجتماع في اليوم التالي لمناقشة مستقبلهما، وبدلا من ذلك ذهبا بنفسهما إلى المكتب، فوجدا نفسيهما مع 20 آخرين من زملائهما ممنوعين من الدخول، "مفصولين"، وقال علاء: "نحن الآن جالسان في البيت مصابان بالاكتئاب.. ونبحث عن وظائف على الإنترنت".
ويذهب التقرير إلى أن المصريين الآخرين، ميسوري الحال، يحاولون تجنب خسارة مدخراتهم، عن طريق شراء الشقق والسندات والذهب، حيث ارتفعت مبيعات الذهب هذا العام بنسبة 30% إلى 40%، بحسب إيهاب واصف، الذي يمثل بائعي الذهب في اتحاد غرف التجارة، مستدركا بأن العدد الأكبر، على ما يبدو، تنبهوا بعد أن تم تعويم الجنيه، فوجدوا أن مدخراتهم خسرت نصف قيمتها.
وينقل الكاتبان عن سناء صالح (45 عاما)، وهي أرملة، قولها إنها قللت من فاتورة الطعام، وقللت من استهلاك الكهرباء، في محاولة منها لإبقاء ابنتها في مدرسة خاصة، رسومها 1700 جنيه مصري في الشهر.
وبحسب الصحيفة، فإن رسوم الجامعة الأمريكية، التي ارتفعت بنسبة 6% لهذه السنة الأكاديمية إلى الآن، تتأثر بتقلبات أسعار العملة، مشيرة إلى أن قيمة الرسوم تعطى نصفها بالدولار، والنصف الآخر بالجنيه المصري، لكن الطلاب في العادة يدفعون كامل الرسوم بالجنيه المصري، بحسب السعر الرسمي لصرف الجنيه من البنك المركزي في اليوم الذي يدفعون فيه الرسوم.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه بعد أن بدأت الاحتجاجات الطلابية، وافقت إدارة الجامعة على أن تحسب رسوم هذا الفصل بناء على 8.8 جنيه مصري للدولار، بغض النظر عن تاريخ الدفع، لكن الطلاب الآن قلقون حول الفصل القادم.