قال الباحث الأمريكي
تشارلز ليستر، إن سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، بتحالفه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وروسيا لمكافحة
تنظيم الدولة "كارثية"، مشيرا إلى أنها ستتسبب بمزيد من الفوضى في الشرق الأوسط.
وقال ليستر، المختص في الشأن السوري، في مقال له مع مجلة "فورين بوليسي"، إن تصريحات ترامب التي قال فيها إنه سيدعم
روسيا والنظام السوري لمحاربة تنظيم الدولة، وإنه "لا يعرف من هم الثوار"، تبسيط مبالغ به لأزمة معقدة.
واعتبر الباحث، صاحب كتاب "الجهاد السوري"، أن الأثر الرئيس لهذه السياسات هو إنهاء المعارضة المعتدلة لصالح نظام الأسد، وتعزيز التطرف.
"عدم أهلية نظام الأسد لمكافحة الإرهاب"
وقال ليستر إن نظام الأسد، بنظرة بسيطة للتاريخ، لا يملك الأهلية لمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى دعم النظام المنهجي لتنظيم القاعدة في العراق، ثم لتنظيم دولة العراق الإسلامية، على مدى الأعوام 2003- 2010.
ومن جانب آخر، أشار الباحث إلى أن دعم ترامب لروسيا يتجاهل تركيز روسيا على قصف كل التنظيمات المسلحة في سوريا، باستثناء تنظيم الدولة، حيث استهدف التنظيم فقط بثمانية بالمئة من كل الغارات الروسية.
والولايات المتحدة تعلم من هم "الثوار"، حيث إنهم يمرون ببرنامج تحقق من المخابرات المركزية الأمريكية، لدعم فصائل "الجيش السوري الحر"، مؤكدا أن هذه الفصائل لا تسلم أسلحتها للتنظيمات الجهادية، فـ12 بالمئة فقط، من أصل 1073 صاروخ تاو وقعت بأيدي تنظيم الدولة.
واعتبر الباحث أن ترامب يتجاهل السبب الرئيس لدعم الإرهاب في سوريا، وهو ديكتاتورية نظام الأسد، ورفضه التفاوض، مشيرا إلى أن سحب الدعم الأمريكي سيقوض المصالح الأمريكية في سوريا.
تعزيز القاعدة
واستطرد ليستر بقوله إن سياسات ترامب ستتجاوز هذه المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة، إلا أن القاعدة ستستفيد من هذا الخطاب، وقد أنفقت جبهة فتح الشام أربعة أعوام لاستدخال نفسها ضمن المعارضة.
وأشار ليستر إلى أن الجبهة أكدت في خطابها، منذ ظهورها، أن الولايات المتحدة لن تدعم الثوار والمسلمين السنة في سوريا، معتبرة أنهم ضحايا مؤامرة دولية. وعززت السياسات الأمريكية الأخيرة هذا الخطاب في عيون السوريين.
ودفع هذا الخطاب، متقاطعا مع السياسات الأمريكية، العديد من السوريين لاعتبار "القاعدة" حاميا فعلا لمصالحهم أكثر من الولايات المتحدة.
تشجيع الحلفاء للتحرك وحدهم
وسيقوض القرار الأمريكي بالتخلي عن المعارضة العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين، وإغضاب الحلفاء الإقليميين، وخصوصا قطر والسعودية وتركيا، الذين قد يتحركون وحدهم، ما يزيد الاضطراب والفوضى داخل صفوف المعارضة.
وأشار ليستر إلى أن الدعم الأمريكي هو الذي نظم هذا الدعم، عبر غرف العمليات المشتركة في تركيا والأردن، والسيطرة على تدفق الأسلحة والتمويل، معتبرا أن زوال هذا التنظيم قد يزيد الفوضى والارتباطات.
وقد تتجرأ الدول الإقليمية على كسر المحرم الأمريكي، وإرسال مضادات طائرات لحلفائهم على الأرض في سوريا، مشيرا إلى وصول ثلاث دفعات صغيرة لشمال سوريا منذ نهاية العام 2015.
تعزيز تنظيم الدولة
وعلى غرار "القاعدة"، فإن التحرك الأمريكي سيعزز دعاية تنظيم الدولة على المدى الطويل، والتي ستتلقى قبولا شعبيا.
وأشار الكاتب إلى إعادة ظهور تنظيم الدولة في العراق ما بين عامي 2010 و2014، على يد قيادة طائفية في بغداد، مشيرا إلى أن قوة تنظيم الدولة المستقبلية ستكون بسبب الغضب السني من الحملة الوحشية والعشوائية، الأمريكية الروسية، على مناطق سيطرة تنظيم الدولة في عام 2017.
وأشار ليستر إلى أن هذه العلاقة ستعزز دعوات تنظيم الدولة ضد أهداف في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة.
تعزيز إيران وحزب الله
وأبدى الباحث الأمريكي استغرابه من أن ترامب، مع كونه معارضا للاتفاق النووي مع إيران، يقوم بسياسات تحفظ إيران من هزيمة جيوسياسية، وتعزز تأثيرها الإقليمي.
فعلى مدى أعوام قبل الربيع العربي، كانت سوريا هي نقطة "الصمغ" التي تحفظ مناطق تأثير إيران، من طهران إلى بغداد إلى دمشق وبيروت، حيث كان الأسد أهم حليف عربي لطهران، وأمن دعمه لحزب الله قوة التنظيم الإرهابي.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية، فقد حمت إيران نظام الأسد، وكان دورها أساسيا، وأكبر من دور روسيا على الأرض، بحسب ليستر، لأن هزيمة نظام الأسد تعني انتهاء "الإمبراطورية الإيرانية"، وهو ما سيهدد حزب الله.
وأشار الباحث إلى أن ترك ترامب للأسد لن يعزز إيران بشكل كبير وحسب؛ لكنه سيكون عاملا معززا لأكبر تنظيم إرهابي في المنطقة، ضد أكبر حلفاء أمريكا في المنطقة.
تعزيز الرجعية الروسية
وتابع الباحث بقوله إن ترامب عبر عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "رجل عظيم"، ووصفه "بأنه يقوم بدور كبير بإعادة بناء صورة روسيا"، متجاهلا حقيقة أن بوتين يسعى لتأمين صعود روسي على حساب السلطة والتأثير الأمريكيين، لا بالشراكة مع الأمريكان.
وأشار الكاتب إلى أن الشراكة الروسية-الأمريكية في سوريا تعني الضغط على المعارضة السورية للقبول بانتصار الأسد في المفاوضات، مشيرا إلى أن هذه المحاولة "ماتت قبل أن تولد".