أشار معهد واشنطن للدراسات أنه في الوقت الذي تحتدم فيه المعركة في
الموصل ومحافظة نينوى، يركز معظم الخبراء على ما سيأتي لاحقا بالنسبة لهذه المنطقة متعددة الأعراق والعابرة الطوائف.
وبين أن "نطاق المعركة الهائل يجعلها فريدة؛ إذ تتألف من سبع وحدات بحجم فرق تلتقي في مدينة كبيرة، وتمثل القوات المشاركة جميع الأعراق والطوائف الدينية التي يمكن إيجادها في
العراق. ورغم أن المعركة تتطور بطريقة تقليدية، إلا أنها تتسم بتعايش مضطرب بين المليشيات الشيعية والأتراك والقوات العسكرية الأجنبية الأخرى والصحافيين، وهكذا دواليك".
ويرى المعهد، في الورقة التي كتبها مايكل نايتس، أن المعركة تحدد "شكل البيئة السياسية المستقبلية في البلاد بعدة طرق".
أولا، "إنها تؤدي إلى ازدياد القبول السني لقوى الأمن العراقية والحكومة المركزية، حتى في مناطق أقل ودّا عادة مثل شرق الموصل".
ثانيا، "قد يُترجَم التعاون غير المسبوق بين قوات "البيشمركة" وقوات الحكومة العراقية إلى ثقة متبادلة أكبر بين قادة الفصيلين. ويلائم هذا التعاون ديناميكية أكبر من التفاعل الإيجابي بين بغداد وأربيل حول عدد من القضايا، من بينها السيادة الكردية والمساحة الاقتصادية المشتركة".
وأشار إلى وجود "علامة الاستفهام حول إمكانية نجاح الجهود الرامية لإرساء الاستقرار بعد المعركة. وتتضمن التحديات إدارة التقلب، وتحقيق العدل، وضبط النظام في المنطقة، وإعادة توطين المشردين داخليا. وعلى المستوى الكلي، يواجه العراقيون أيضا عقبات المصالحة واللامركزية وتسريح الجنود".
وقال إنه في الوقت الراهن، "هناك فكرتان متنافستان في ما يتعلق بإرساء الاستقرار. وتتمثل الفكرة الأولى بنقل الناس على طول الخطوط الطائفية إلى مناطق يشعرون فيها بالأمان. والفكرة الثانية هي إنشاء حكومة تمثل الناس بشكل أفضل في الأماكن التي يوجدون فيها بالفعل. ويبقى أن نرى ما هي الرؤية التي ستصبح حقيقة واقعة".
وبين أن سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق ليست مخطوطة جيدا، ولكن افتقار واشنطن إلى خطة مفصلة ليس بالضرورة أمرا سيئا. فعلى الولايات المتحدة أن تركّز على أهداف شاملة مع مضيّها قدما، بينما تؤدي دور الوسيط الصادق.
وأكد أنه "إذا أردت واشنطن محاربة التطرف، فسوف تحتاج للبقاء في العراق لفترة كافية؛ لإنهاء المهمة التي لا تتعلق بتنظيم «الدولة» فحسب، بل أيضا بجهود توطيد الاستقرار على نطاق أوسع، حيث إن الاستقرار طويل المدى فقط يمكنه أن يضع حدا لحلقة التدخل. ويساعد العمل تحت رعاية "قوة المهام المشتركة - »عملية الحل المتأصل«" أيضا في تعزيز التحالف الدولي ضد التطرف، وهذا شكل من أشكال تقاسم الأعباء الكبيرة التي يمكن أن تحمي مصالح الولايات المتحدة، وربما تتجاوز مجرد إلحاق الهزيمة بتنظيم «الدولة الإسلامية».
بدوره، يرى محافظ كركوك السابق نجم الدين كريم أن "التطرف سيبقى بعد زوال تنظيم «الدولة ».
ويتابع: "فعلى سبيل المثال، لطالما كان قضاء الحويجة مرتعا للإرهاب، وحالما يغادره تنظيم «الدولة الإسلامية» نهائيّا، ستستمر الجماعات الإرهابية بعملها، كما كانت تفعل قبل وصول التنظيم. ومع أن التعاون الناشئ بين "البيشمركة" وقوى الأمن العراقية يُعد تطورا إيجابيا، إلا أنه لا يزال سطحيّا في الوقت الراهن؛ حيث يسعى كلا الفصيلين إلى أن ينسب إلى نفسه الفضل في النجاحات حصريا".
وأشار إلى أن من التحديات الأخرى التي تلوح في الأفق "توزيع الموارد، وهي مشكلة تفاقمت مع بروز العرب السنّة المشردين داخليّا في المدينة. فسكان كركوك يستمرون بمشاركة مدارسهم والكهرباء والأدوية والمياه مع هؤلاء النازحين، في حين يتلقون مساعدة ضئيلة من بغداد. وبسبب الصراع الطائفي -غالبا- لا يستطيع هؤلاء النازحون العودة إلى المناطق في محافظتي ديالى وصلاح الدين، اللتين يُفترض أنه قد تم تحريرهما من تنظيم «الدولة»".
ولفت إلى أن العقبة الأخيرة أمام المصالحة هي "وجود سياسيين محترفين يستفيدون من الانقسامات بين الجماعات العرقية والطائفية. إن الحقيقة على أرض الواقع مختلفة كثيرا، إذ يتفاعل أعضاء هذه الجماعات ويتعايشون بسلام تام. بالتالي، على الحكومة أن تستمع إلى احتياجات الشعب، وأن تتجاوز بنظرتها هؤلاء السياسيين المحترفين من أجل إعادة بناء الوطن".