مع دخول موسم
الشتاء، وفي إطار الاستعدادات السنوية للقارة الأوروبية لشهور باردة، تتحول بوصلة الاهتمامات لدى القائمين على الأمور في القارة البيضاء من التشدد مع
روسيا في ملفات سياسية واقتصادية، إلى التودد والبحث عن تأمين الإمدادات من
الغاز الروسي خلال شهور الصقيع.
ويوم الجمعة الماضي، أجرى نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون اتحاد الطاقة ماروس ستافروس، محادثات في موسكو مع كبار المسؤولين، تتركز حول ملف سياسات الطاقة. وبحسب ما أعلنت مفوضية بروكسل، فقد شملت قائمة اللقاءات مع الجانب الروسي كلاً من نائب رئيس الحكومة أركادي ديفوركوفيتش، ووزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، إلى جانب كبار المسؤولين في شركة "غازبروم" الروسية.
وأكد ستافروس استعداد المفوضية لاستئناف المفاوضات الثلاثية حول إمدادات الغاز لفصل الشتاء، وبحضور كل من روسيا وأوكرانيا.
ويذكر أنه لتفادي تكرار أزمة الغاز التي وقعت في شتاء عام 2009، في دول الاتحاد الأوروبي، فإن دول ومؤسسات الاتحاد تحرص على إجراء مفاوضات مع كل من روسيا وأوكرانيا لضمان إمدادات غاز مستقرة خلال الشتاء المقبل.
وتسعى بروكسل وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط"، إلى إنهاء الخلافات التي تطرأ بين روسيا وأوكرانيا، وقد تعرقل مسألة إمدادات الطاقة، وبالتالي تؤثر في وصول الغاز الروسي إلى الأراضي الأوروبية عبر أوكرانيا، وخصوصا أن مشتريات الغاز من روسيا تمثل 39 في المائة من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، وتغطي 27 في المائة من حاجته الاستهلاكية.
وفي بيان صدر عن مقر المفوضية ببروكسل، أوضح ستافروس أنه يأمل في استضافة الجولة المقبلة من المحادثات الثلاثية في أقرب وقت ممكن، بعدما أثبتت الجولات السابقة نجاحا، من منطلق أنه من الأفضل للجميع الجلوس على طاولة واحدة؛ روسيا كدولة مصدرة، وأوكرانيا كدولة عبور، والاتحاد الأوروبي كمستورد رئيس. وبالتالي، فإن من الأنسب أن يبحث الجميع ملف إمدادات الغاز للتدفئة في فصل الشتاء.
وشدد المسؤول الأوروبي على أهمية علاقات الطاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، والترابط بين الجانبين في شؤون الطاقة، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي عميل رئيس لصادرات الوقود الأحفوري الروسي، ويدفع الاتحاد الأوروبي التزاماته في الوقت المناسب وبالعملة الصعبة، ولديه الرغبة في استمرار شراء الغاز الروسي في المستقبل.
وبحسب مصادر المفوضية الأوروبية، فإن هناك علاقة طويلة الأمد بين الجانبين في مجال الطاقة، في إطار المصلحة المتبادلة. وشكلت الطاقة عنصرا أساسيا في تجارة
أوروبا مع روسيا لسنوات كثيرة، وسيظل الأمر كذلك في المستقبل.
وتقول المفوضية الأوروبية إنه يحق للمنتجين استكشاف إمكانيات لتطوير أسواق جديدة، وفي الوقت نفسه يحق للمستهلكين الحصول على أسعار تنافسية وتنويع مصادر الطاقة وطرق الاستقرار في ضمان الحصول على الإمدادات. وهي أمور مفيدة لكل من الاتحاد الأوروبي وروسيا.
وبحسب مفوضية بروكسل، يعمل الاتحاد الأوروبي منذ وقت على مشروع كبير لتطوير اتحاد للطاقة، ويلتزم تماما بالأهداف، بما في ذلك أمن الطاقة لجميع الدول الأعضاء، بالإضافة إلى الدول الشريكة ومنها أوكرانيا.
وتأتي الزيارة بعد ساعات من اختتام القمة رقم 18 بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. وخلالها أكد الجانب الأوروبي دعم أوكرانيا في جهود الإصلاح المستمرة من جانب الحكومة. ورحب رئيس المفوضية جان كلود يونكر، بالتقدم المحرز على مدى السنوات الثلاث الماضية، وبشكل فاق ما تحقق في الـ20 عاما الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، أشار يونكر إلى الحاجة إلى البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد للتوصل إلى اتفاق من أجل السماح بتحرير التأشيرات الممنوحة للأوكرانيين قبل نهاية العام الحالي.. كما أنه رحب بالتزام الرئيس الأوكراني بيترو بورشينكو، بتلبية جميع الشروط المتبقية للإصلاح، واللازمة لصرف الباقي من حزمة مساعدات مخصصة في هذا الإطار.