حققت قوات
النظام السوري المدعومة بالمليشيات الشيعية والقصف الروسي تقدما كبيرا في هجومها على الأحياء الشرقية لمدينة
حلب في الوقت الذي تراجعت فيه فصائل
المعارضة المقاتلة إلى الأحياء الداخلية للمدينة.
وفقدت المعارضة الجزء الشمالي من الأحياء الشرقية لحلب ، التي تمثل أكثر من ثلثي الأراضي التي كانت تسيطر عليها والتي تعد مناطق استراتيجية هامة لتحصين الأحياء الداخلية للمدينة من هجمات النظام.
واجتاح النظام وحلفاؤه في الهجوم الاخير أحياء مساكن هنانو والصاخور والحيدرية والشيخ خضر وجبل بدورو في الوقت الذي يخضع فيه حيي بستان الباشا والشيخ فارس شمال شرقي المدينة لسيطرة فصائل كردية لم يسبق لها الاشتباك مع قوات النظام.
ووسط القصف الشديد والمعارك أجبر نحو 10 آلاف مدني على النزوح في بعد حصار طويل في ظل ظروف إنسانية قاسية ونقص شديد في الخدمات الإغاثية والمستلزمات الغذائية والطبية في مناطق النزوح.
ولجأ قسم من المدنيين الفارين من القصف الشديد إلى مناطق سيطرة الأكراد فيما قام جزء منهم بتسليم نفسه لقوات النظام التي اجتاحت الأحياء وسط شهادات من أقارب هؤلاء بأن عناصر النظام والمليشيا المقاتلة معه قامت بعمليات تصفية.
ويطرح انسحاب فصائل المعارضة من الأحياء الشرقية تساؤلات عن طبيعة وحجم الهجوم الذي شنه النظام والأسباب التي أدت للخسارة في المنطقة التي تعد استراتيجية وهامة للمعارضة.
هجوم غير متكافئ
الخبير العسكري والاستراتيجي السوري أحمد الرحال قال إن الحصار الخانق الذي تعرضت له الأحياء منذ 97 يوما ثم تلتها موجة الغارات الروسية العنيفة بواسطة الطيران وقصف الفرقاطات من البحر المتوسط بصواريخ الكاليبر والقذائف الارتجاجية أدت لهذه الخسارة.
وأوضح الرحال لـ"عربي21" أن هجوم النظام على حلب "لم يكن متكافئا وكان يهدف لتدمير الأحياء الشرقية بقوة نارية عنيفة ولم يكن هناك ميزان قوى ولا تكافؤ قوة بين الثوار المحاصرين وعددهم بالمئات وبين القوات المهاجمة والتي تقدر بالآلاف".
وأشار إلى أن القصف طال المشافي ونقاط الدفاع المدني وكل شيء يتحرك في ظل انقطاع الوقود والأغذية والمستلزمات الطبية والإغاثية وهذه العوامل لا تعطي إمكانية للصمود في وجه هجمات عنيفة بهذه الطريقة.
ولفت إلى أن تدخل الفرقاطات الروسية عبر صواريخ الكاليبر بعيدة المدى والقذائف الارتجاجية وحصار قوات النظام للمقاتلين الذين يقدرون بنحو 500 مقاتل مع عوائلهم في منطقة سليمان الحلبي وهنانو والمنطقة الشمالية الشرقية من أحياء حلب سرع من عملية التراجع لكسب الوقت وخوفا من مجزرة كبيرة كان يحضر لها النظام.
وشدد على أن الانسحاب كان ضروريا لمنع مجزرة ، إضافة إلى منعه من تقسيم حلب إلى جزئين من خلال التحصن في مناطق جديدة.
قصف روسي عنيف
وعلى صعيد القوات المشاركة في الهجوم قال الرحال إن 500 مقاتل من المعارضة واجهوا 66 فصيلا شيعيا يقدرون بنحو 25 ألف مقاتل بالإضافة إلى لواء فلسطيني موال للنظام وعناصر من الشبيحة وألوية إيرانية.
وقال إن سلاح الجو الروسي أحدث أثرا كبيرا في المعارك بعد شنه لنحو 150 غارة يوميا وإلقائه أكثر من 3 آلاف قذيفة على رؤوس المدنيين وهدم كافة النقاط الإغاثية والطبية في المدينة.
وأشار إلى أن عدد المقاتلات الروسية التي شاركت في الهجمات والمتواجدة في قاعدة حميميم كانت تبلغ 300 مقاتلة بالإضافة إلى 15 مروحية.
وأضاف: "هذه القوة النارية تم زيادتها عبر حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف والتي حملت 52 طائرة أخرى وعددا من المروحيات علاوة على قيام فرقاطة بطرس الاكبر والفرقاطات الأخرى برمي صواريخ كاليبر بكثافة ضد الارياف الحلبية والمشافي ونقاط الاسعاف والدفاع المدني.
وفي المقابل قال الرحال إن القوة الموجودة داخل حلب "كانت تعاني من حصار اقترب من 100 يوم وبأسلحة خفيفة غير مكافئة للقوة المقابلة وكان القرار لديها بترشيد استخدام السلاح لأن الطلقة التي تذهب لا يعوض مكانها".
ولفت إلى أن الفصائل المقاتلة اعتمدت على أسلوب التحصينات لتعويض غياب السلاح النوعي والثقيل لكن في حالة القصف الجوي العنيف فإن كثرة العدد لن يكون لها أي أهمية خاصة أن القذائف الارتجاجية الروسية دمرت كافة التحصينات وهدمت المباني على من فيها وهذا بالطبع يدل كيف ستكون نتيجة المعركة.
ورأى أن الأحياء الموجودة حاليا بيد الثوار وهي نحو 50 حيا في مدينة حلب القديمة والسكري والانصاري والزبدية والشيخ سعيد وغيرها من المناطق تمتلك تحصينا جيدا على الرغم من معاناتها من نقص السلاح .
وشدد الرحال على أن الحاجة باتت ملحة لإيجاد استراتيجية قيادية عسكرية جديدة للثورة السورية ترتبط مع التحرك السياسي للمعارضة خارجيا لتشكيل دعم أكبر للثوار في الداخل.