اعتبر الصحافي المتخصص في الشؤون العلمية بشبكة "سي إن إن" ريتشارد هولينغهام، أن التساؤل حول عدم رد المخلوقات الفضائية على اتصالات أهل الأرض له كثير من الإجابات، من بينها غياب مخلوقات فضائية ذكية في المجال القريب من كوننا.
ووضع افتراضات من بينها، أن تلك المخلوقات "المفترضة" ربما لم تتطور عن مجرد كونها ميكروبات لا تفكر، أو ربما - بناء على ذبذباتنا- خلصت المخلوقات الفضائية المفترضة إلى نتيجة مفادها أنه من الأسلم لها أن تبقى بعيدة. لكن هناك تفسير آخر، وهو أن المخلوقات الفضائية لا تشبهنا بأي شكل على الإطلاق.
وقال عالم
الفلك في شركة "سيتي" سيث شوستاك في تقرير هولينغهام، التي تعنى بالبحث عن مخلوقات فضائية مفترضة، وتحمل اسم "البحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض": "إذا عثرنا فعلا على إشارات، فلا ينبغي أن نتوقع أنها ستكون نوعا من مخلوق فضائي إسفنجي الشكل، لين الملمس، يجلس وراء الميكروفون على الجهة المقابلة" (كما تصوره لنا بعض الأعمال السينمائية).
وينشط تطبيق "سيتي" في البحث عن إشارات عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض منذ أكثر من نصف قرن. وعلى الرغم من وجود بعض الإشارات المحيرة (مثل تلك التي التقطت حديثا)، لم تتوصل الشركة حتى الآن إلى نتيجة تذكر. لكن شوستاك يعتقد أننا ينبغي أن نفكر في مستقبلنا، ونتخيل كيف سيكون شكل تلك المخلوقات الفضائية المفترض وجودها.
يقول شوستاك: "ربما يكون الشيء الأهم الذي نفعله هو أن نطور من المخلوقات التي قد تخلفنا. فإذا تمكنا من تطوير ذكاء اصطناعي في فترة 200 عام منذ ابتكار الاتصال اللاسلكي، فإن أي مخلوقات فضائية كان من المفترض أن نسمع ردا منها، ستكون قد تجاوزت تلك المرحلة على الأغلب".
بعبارة أخرى، كما يقول شوستاك: "معظم أشكال
الذكاء في هذا الكون هي من أشكال الذكاء الاصطناعي، وهذا ربما يخيب أمل صناع الأفلام الذين يتوقعون وجود مخلوقات صغيرة رمادية اللون بحدقات عيون كبيرة، لا ترتدي الثياب، وليس لها شعر، ولا تعرف روح الدعابة".
ويعترف شوستاك بقوله: "ربما يكون ذلك صحيحا. ولكن عندما تُطور ذكاء اصطناعيا بإمكانك استخدامه لتطوير الجيل التالي من الأجهزة التي تفكر وهكذا. وفي غضون 50 عاما سيكون لديك ليس فقط أجهزة أذكى بكثير من الأجهزة السابقة، ولكن أذكى بكثير من البشرية جمعاء".
وقال عالم الفلك ومؤلف كتاب البحث عن توأم الأرض ستيوارت كلارك: "السؤال الكبير هو ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يستمر ليصبح وعيا وإدراكا، ويحدد أهدافه الخاصة، ويقرر أنه لا حاجة للمخلوقات الحيوية التي طورته من الأساس".
ومن "أجهزة الموت" الواعية ذاتيا التي وردت في كتب بيرسيكر، إلى شخصية سايبورغز التي تحدث عنها فيلم "غالاكتيكا" أو ما جاء في فيلم (ذا تيرمينيتور) للخيال العلمي، هناك تشابك غني مع الذكاء الاصطناعي الذي يسيطر ويقضي على الكائنات البيولوجية الأدنى.
ومع ذلك ليس بالضرورة أن يكون ذلك هو الممر الإجباري لأي حضارة تكنولوجية. فالذكاء الاصطناعي المتمثل في أجهزة تفكر من تلقاء ذاتها وتمتلك أدمغة اصطناعية متفوقة، ربما لا تكون حتى أمرا ممكنا.
يقول كلارك: "ليس من الواضح أبدا بالنسبة لي أن هذا سيحدث حتما. لكن النقطة الأساسية هي أننا نبحث عن شيء نتخيله ليكون شبيها بنا ولو بنسبة قليلة، وبهذا نضع حدودا للبحث".
وتستخدم شركة "سيتي" تشكيلة من أطباق التلسكوب التي تعمل بذبذبات الأثير (الراديو) في كاليفورنيا للبحث عن ترددات في
الفضاء. وتوجه أجهزة الاستقبال إلى أنظمة النجوم حيث تم اكتشاف الكواكب من خلال مناظير أرضية أو فضائية، مثل مرصد كيبلر التابع لوكالة ناسا.
وأوضح ريتشارد هولينغهام في نهاية مقاله تساؤلا: "هل نحن قريبون من معرفة ما إذا كنا نحن الذكاء الوحيد الموجود في هذا الكون؟"، وأجاب عالم الفلك سيث شوستاك: "لا أعتقد أن بإمكانك القول إنه لا يوجد هناك شيء على الإطلاق، ولا تستطيع إثبات هذه السلبية أيضا. الذي تستطيع قوله هو إنه يوجد شيء ما خاطئ في طريقة فهمنا للأمر، لذلك، بالنسبة لي، لا يزال الوقت مبكرا للغاية للتخلي عن البحث عن مخلوقات في الكواكب الأخرى".
ويتفق ستيوارت كلارك مع ذلك، ويقول: "أعتقد أن على شركة سيتي أن تعمم بحثها على أوسع نطاق ممكن. أما القول: نعم توجد هناك حياة ذكية في الكون، فسيترتب عليه آثار كبيرة علينا، وهذا وحده يدفع شركة سيتي للاستمرار".