تشهد
النمسا الأحد، انتخابات رئاسية قد تؤدي إلى تولي يميني متطرف أعلى منصب في البلاد، وتشكل بذلك انتصارا جديدا للتيارات الشعبوية، بعد ستة أشهر على "البريكست"، وشهر على انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
ويتنافس مرشح
اليمين المتطرف نوربرت هوفر، والليبرالي ألكسندر فان دير بيلن، في الانتخابات الرئاسية.
ومثل ترامب، وعدد من الجماعات الشعبوية في أوروبا، فإن حزب الحرية الذي يتزعمه هوفر زاد من شعبيته من خلال إشاعة المخاوف من الهجرة وتحذيره من النخبة التي يصورها على أنها بعيدة عن الواقع.
وشهد المرشحان صدمة خروج بريطانيا من
الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو الماضي، وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وبالنسبة لانتخابات الرئاسة، فقد هزم فان دير بيلين هوفر بفارق طفيف في أيار/ مايو الماضي، إلا أن حزب الحرية تمكن من إلغاء تلك النتائج، بسبب أخطاء إجرائية.
وتأجلت جولة الإعادة من تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بسبب وضع مادة لاصقة غير صالحة على مغلفات الاقتراع.
ويرى تشارلز ليشفيلد من جمعية أوراسيا غروب للاستشارات السياسية، أن انتصار نوربرت هوفر "سيشكل نقطة تحول للنمسا والاتحاد الأوروبي، ويعزز الأحزاب الشعبوية في اليمين واليسار"، قبل سنة انتخابية خطرة في فرنسا وهولندا وألمانيا في عام 2017.
وأضاف أن انتصار هوفر "سيتم تفسيره كانتكاسة جديدة للحكومة النمساوية، وسياسة استقبال اللاجئين الخاصة بميركل ولبروكسل".
ويؤكد المحلل أن منصب الرئيس في النمسا فخري ولديه سلطات محدودة، مؤكدا أن التحدي الحقيقي أمام حزب الحرية الذي يتزعمه هوفر هو جعل فوزه في الانتخابات الرئاسية نقطة انطلاق باتجاه المستشارية، أساس السلطة التنفيذية في البلاد.
وفي النمسا، لا يتدخل الرئيس في إدارة الشؤون اليومية للبلاد، لكنه يتمتع بصلاحيات موسعة، خصوصا صلاحية تعيين مستشار جديد أو حل البرلمان.
وشهدت النمسا تدفق 90 ألف شخص تقدموا بطلبات لجوء العام الماضي، فيما يعد أحد أعلى المستويات من حيث عدد السكان في أوروبا، وشكلت نقطة كبيرة في الحملة الانتخابية.
"إمكانية خروج النمسا من الاتحاد الأوروبي"
وأكد فان دير بيلن (72 عاما) الخميس في مناظرة تلفزيونية الخميس: "أنتم تلعبون بالنار"، فيما يتعلق بإمكانية خروج النمسا من الاتحاد الأوروبي.
ودفعت هذه التصريحات منافسه هوفر (45 عاما) إلى اتهامه بأنه "كاذب"، مؤكدا أنه سيدعو إلى إجراء استفتاء على عضوية النمسا في الاتحاد الأوروبي، في حال انضمام تركيا إليه، أو في حال أصبح الاتحاد الأوروبي "مركزيا جدا". وأعرب حزب الحرية في السابق عن مواقف مشككة للاتحاد الأوروبي.
واتهم هوفر منافسه فان دير بيلن، وهو أستاذ سابق في الاقتصاد، بإهانة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأمر الذي يعرّض العلاقات النمساوية- الأمريكية للخطر. وكان هوفر رحب بانتخاب المرشح الجمهوري في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ويسعى هوفر، العضو في حزب الحرية منذ 20 عاما، ونائب رئيس البرلمان، إلى سياسة تقارب مع مسؤولين سياسيين من أوروبا الشرقية، المعاديين للمهاجرين، وروسيا أيضا.
وبالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية في النمسا الأحد، يجري الإيطاليون استفتاء حول تعديل الدستور، يعدّ بمثابة تصويت على الثقة برئيس الحكومة ماتيو رينزي.
ويرى المحلل السياسي توماس هوفر، الذي لا تجمعه أي صلة قرابة بمرشح اليمين المتطرف، أن هوفر على المستوى الداخلي "قد يسرع عملية" إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وأكد المرشح اليميني المتطرف أنه يرغب في أن يكون "رئيسا نشطا" في حال انتخابه، ولم يستبعد "إقالة الحكومة" إذا ما اضطر إلى ذلك.
"إحباط" الناخبين
ويحكم ائتلاف من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب المحافظين النمسا منذ عام 2007، وعين المستشار النمساوي الجديد كريستان كيرن في أيار/ مايو الماضي.
وأعاد الحزبان تحالفهما منذ 2007 على مر ثلاث انتخابات تشريعية، لكنهما منيا بنكسة غير مسبوقة خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 24 نيسان/ أبريل، حين أخفق مرشحا الحزبين في الوصول إلى المرحلة النهائية للاقتراع.
وتظهر استطلاعات الرأي تعادل المرشحين. وفي أيار/ مايو خلال اقتراع أول ألغي بسبب عيوب إجرائية، فاز فان دير بيلن بأقل من 31 ألف صوت.
وركز هوفر، المهندس السابق، والناشط منذ شبابه في حزب الحرية النمساوي، خطابه، حول فرص العمل ومستوى معيشة النمساويين.
وفي حال فوز هوفر، فسيكون بذلك أول رئيس من اليمين المتطرف في أوروبا منذ عام 1945.
وتأسس حزب الحرية في عام 1956 على يد نازيين سابقين. وبعد دخول حزب الحرية الحكومة في عام 2000، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على النمسا.
ويتصدر حزب الحرية استطلاعات الرأي قبل الانتخابات العامة، المقرر أن تجري في عام 2018.
وبحسب المحلل توماس هوفر: "قبل سنوات عدة، لم يتصور أحد حصول حزب الحرية على 50 في المئة من الأصوات"، مشيرا إلى أن السبب يعود إلى "الإحباط الهائل الذي يشعر به الناخبون" في النمسا.