نشر موقع مجلة "فورين أفيرز" مقالا للكاتب أورين كيسلر، يبحث فيه أسباب تحمس
مصر لرئاسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب.
ويقول كيسلر: "بعد ثلاثة أسابيع من الانتخابات، وبقاء الأمريكيين في حالة انقسام حول فوز ترامب المفاجئ، فإنه يبدو أن هناك، على بعد 6 آلاف ميل، اتفاقا أكبر بين المصريين، خاصة لدى مؤيدي الحكومة، الذين يعدون من بين الأكثر فرحا في العالم بفوز ترامب".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "ذلك قد يبدو غريبا في بلد غالبية سكانه من المسلمين، خاصة أن ترامب طرح فكرة منع هجرة المسلمين إلى أمريكا، وحتى فكرة تسجيل المسلمين الموجودين هناك في سجل خاص، ولفهم أسباب جاذبية ترامب للمصريين فإنه يجب النظر بعين الناقد للمرشح الذي فاز عليه ترامب".
ويتابع كيسلر قائلا إن "
هيلاري كلينتون لا تتمتع بأي شعبية في مصر؛ وسبب ذلك أنها كانت وزيرة الخارجية في إدارة أوباما عام 2011، عندما حصلت الثورة التي أطاحت بحكم حسني مبارك، فبعد 10 أيام من المظاهرات، طالب أوباما مبارك، حليف أمريكا لثلاثة عقود، بالاستجابة للشعب والتنحي حالا، وبالنسبة للمصريين، الذين يميلون نحو حكم العسكر، وحتى معظم سياسيي الوسط، الذين يهتمون بالاستقرار قبل كل شيء، فإن تحرك أوباما كان خيانة، بالإضافة إلى أنها مهدت الطريق أمام انتخاب الإخوان المسلمين بعد عام، وما تبع ذلك من إطاحة دموية بالرئيس المنتخب من العسكر في تموز/ يوليو 2013، كما أن علاقة كلينتون الوثيقة بمستشارتها مها عابدين، التي يتهم البعض عائلتها بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، أدت إلى انخفاض شعبيتها في مصر".
ويعلق الكاتب قائلا: "في الواقع، فإن سجل كلينتون بخصوص مصر يختلف كثيرا عن سمعتها بهذا الخصوص، وكما كتبت في مذكراتها (هارد تشويسيس)، في رواية لم يكذبها أحد من مسؤولي الإدارة السابقين، فإنها كانت قد حذرت أوباما من نظرة الناس لتخلي أمريكا عن حليف لأمريكا لعدة عقود، بالإضافة إلى أنها قالت له إن مصر فيها مؤسستان، الإخوان المسلمون والجيش، لدى كل منهما قاعدة يمكن أن تقودها، ولم تكن تؤيد تغييرا (مباشرا) مثل أوباما، لكنها كانت تؤيد تحولا (منظما)، وهي سياسة قد لا تبدو مناسبة للخطب الرنانة، لكن وبالنظر لما حصل فإنها تعكس سياسة أكثر ذكاء".
ويقول كيسلر: "طبعا فإن هذه الاعتبارات في بلد يعج بنظريات المؤامرة مثل مصر، فإن هذه الحقائق ليست لها أهمية، وأهم ما يجعل لترامب جاذبية هو أنه ليس كلينتون، وهذا ليس كل شيء، بل إن نظرة إلى صفحة ترامب على (تويتر) تكشف سببا آخر يوضح لماذا يحظى الرئيس المنتخب بهذه الشعبية كلها في القاهرة".
ويشير الكاتب إلى أنه "منذ عام 2011، غرد ترامب حوالي 10 مرات، منتقدا أوباما لتخليه عن مبارك، وفي أكثر من 20 تعليقا أعرب فيها عن ألمه لتقارب أوباما مع الإخوان المسلمين، ومنذ انتخاب عبد الفتاح
السيسي عام 2014، لم يغرد حول مصر سوى مرة واحدة ليلوم فيها الإدارة الأمريكية لكثرة عزفها على وتر انتهاك حقوق الإنسان، في الوقت الذي تقاتل فيه القاهرة الجهاديين في سيناء، الذين تحالفوا مع تنظيم الدولة في سيناء، وكتب: (هل تصدقون أن وزير الخارجية كيري ذهب الى مصر يتحدث عن مشكلات حقوق الإنسان.. وهذا في وقت يتفجر فيه كل شيء حوله)".
ويعلق كيسلر قائلا إن "هذا كله يبدو وكأنه موسيقى لآذان القاهرة، فغالبا ما تكون إدارة ترامب خالية من شجب انتهاكات حقوق الإنسان على عكس أوباما، وكذلك احتمال تعليق المساعدات بسبب تلك الانتهاكات، كما فعل أوباما، فذلك كله تبخر".
ويلفت الكاتب إلى أنه "عندما قام أكثر من 140 حاكما بزيارة نيويورك في أيلول/ سبتمبر، لاجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وفر ترامب الوقت لمقابلة رئيس واحد على حدة، هو السيسي. (وكلينتون قابلت السيسي، لكنها غلفت تعليقاتها بانتقاد سجل مصر الحقوقي، كما أنها التقت بزعيمين آخرين)، وبعد الاجتماع قام ترامب بكيل المديح للسيسي ووصفه بأنه (شخص رائع.. أمسك بزمام الأمور في مصر، وهزم الإرهابيين، بل سحقهم)".
ويورد كيسلر أن "السيسي أكد لـ(سي أن أن) قبل ذلك بيوم بأن اقتراح ترامب بمنع المسلمين كان مجرد كلام خطب، وأنه لم يكن (لديه شك) بأن رجل الأعمال سيكون رئيسا هائلا، وعندما بدأ خبر فوز ترامب بالانتشار كان السيسي أول رئيس أجنبي اتصل به لتهنئته، حتى قبل حلفائه الأقوياء من المملكة المتحدة وألمانيا، وزاد السيسي خلال الأسبوع الماضي من حديثه عن (الفهم العميق والرائع (الذي يتمتع به ترامب) لما يحصل في المنطقة كلها، وفي مصر بالذات)، وتوقع علاقات ثنائية متميزة مع الإدارة القادمة".
ويقول الكاتب: "عندما زرت مصر قبيل الانتخابات في أمريكا رأيت تعاطفا مشابها للمرشح الجمهوري، وليس فقط من المسؤولين الحكوميين والداعمين".
ويبين كيسلر أن "المصريين على مختلف مشاربهم، شككوا في الحكمة من تدخل إدارة أوباما في ليبيا، وهو الأمر الذي شجعت كلينتون عليه، والذي هاجمه ترامب على (تويتر)، وكان ملايين المصريين يعملون في ليبيا قبل سقوط القذافي، وكثير منهم يفضل نظاما مستقرا نسبيا، وإن كان فاسدا".
ويفيد الكاتب أنه "فيما يتعلق بالشأن السوري، فإن كلينتون نادت بدعم أكبر للثوار، وهم الثوار أنفسهم الذين يشكك ترامب بجدوى الاعتماد عليهم، وركز على أنه سيهاجم تنظيم الدولة بدلا من ذلك، ولا تزال مصر تقاتل تنظيم الدولة لديها، وتقدم في سوريا القتال ضد التنظيم على أي محاولة لإسقاط النظام".
ويخلص كيسلر إلى القول: "بالنسبة للقاهرة، كان انتخاب كلينتون سيعد تكميلا لسياسات أوباما، أما مواقف ترامب الظاهرة، عندما ينظر إليها بشكل كامل، فتجعله المرشح المثالي تقريبا، وهذا سيفرح صناع السياسة الأمريكيين، الذين يسعون إلى علاقات دبلوماسية وأمنية واستراتيجية سلسة مع مصر، ويخيب آمال الذين يأملون في أن يستمر البيت الأبيض بالضغط على مصر بخصوص الحقوق المدنية وحكم القانون".