ناقشت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها تقريرا حول الانسجام الاجتماعي، أجرته لويس كيسي، احتوى على نقاط مهمة، مستدركة بأن
الاندماج يحتاج تكامل الجهود على نطاق المجتمع كاملا.
وتقول الصحيفة إن "كل حكومة تحتاج إلى خبير لحل مشكلاتها، وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان تنتهي أي مشكلة ذات بعد اجتماعي مع الديم، (ديم: لقب ملكي يطلق على النساء، مساو للقب الفروسية سير للرجال) لويس كيسي، فهي كما أطلق عليها أحد كتاب العناوين مؤخرا: قيصر الفصول كلها -الاستثناء الاجتماعي والتشرد والأسر المضطربة، والآن تماسك المجتمع، ومهما كان الشخص موهوبا، فإنه لا يمكن أن يكون خبيرا في هذه الحقول كلها، وفي عالم يتم فيه التوصل إلى نتائج عن طريق الأبحاث القوية والدقيقة في الدوائر الأكاديمية ودوائر المتخصصين في وضع السياسات، قد تكون بدأت تفقد بريقها، وليس فقط بسبب تعثر برنامج الأسر المضطربة، الذي تم إطلاقه بعد أعمال الشغب التي حدثت عام 2011، حيث لم يحقق البرنامج كل ما وعد بتحقيقه، وتقريرها حول تماسك المجتمع، الذي أعدته في أكثر من عام بقليل، يغطي التحليلات المعروفة المتعلقة بتجربة المهاجرين مع بعض المقترحات والتوصيات، التي لا تخلو من المواجهة، مثل قسم قاعة الوصول للالتزام بـ(القيم البريطانية)، الذي يبدو مفصلا لمكون اجتماعي محدد".
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أنه "قبل أن يطلب من ديم لويس القيام بهذه المراجعة، فإنها كانت في مدينة روذرهام تبحث في فشل الشرطة ومجلس البلدية هناك تجاه الكشف عن سلسلة من الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وتشير في تقريرها الأخير، الذي نشر يوم الاثنين، إلى تلك المهمة، وبالذات إلى مخاطر الخوف من الظهور بمظهر العنصري، ما يجعل الأشخاص الذين يمكنهم التدخل لمنع وقوع جريمة يغضون الطرف، بل يتقبلون ما تسميه (العادات الثقافية والدينية الرجعية)، كما أنها أبرزت المشكلات المتعلقة بمجالس الشريعة ومجالس التحكيم الإسلامية، وهي محقة بأن هناك نقاطا مهمة حول الطريقة التي تعاني فيها بعض النساء من التمييز، خاصة فيما يتعلق بالطلاق، وتقدم توصيات معقولة، لكن يبدو أنها تفعل ذلك وفي بالها روذرهام، وهذا يقوض حجتها، فالاعتداءات الجنسية على الأطفال تحصل في كثير من الأماكن: ويمكنك أن تسأل لاعب كرة قدم، (في إشارة إلى فضيحة اعتداءات جنسية على الأطفال من لاعبي كرة القدم بدأت تتكشف في
بريطانيا)".
وتلفت الصحيفة إلى أن "ترابط المجتمع ليس طريقا في اتجاه واحد، ولا مجالس الشريعة ومجالس التحكيم الإسلامي جزءا من تجربة معظم البريطانيين، والنقطة الأهم فيما يتعلق بتماسك المجتمع والهجرة هو السرعة التي تغيرت فيها بعض المناطق، وكم كانت الخدمات العامة المقدمة -أو حتى المعلومات المفصلة عن الحاجة للخدمات- غير ملائمة، وواضح أن ديم لويس منتبهة لمخاطر إشعار الأقليات بأنهم مشكلة، لكنها تقع في المصيدة التي تصفها بعناية، فكلمة مسلم تتكرر في كل صفحة تقريبا من تقريرها المؤلف من أكثر 300 صفحة، بالإضافة إلى أن كلمة إسلام تذكر فيه 100 مرة، وكان قد أطلق هذه المراجعة رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد
كاميرون في معرض خطاب له عن التطرف، وإن لم تذكر الكلمة إلا قليلا، إلا أن فكرتها لم تكن بعيدة أبدا، ولذلك فإنه في الوقت الذي تمت فيه الإشارة إلى أن أكثر من نصف عامة الشعب البريطاني يعتقد بأن هناك تصادما أساسيا بين الإسلام والقيم البريطانية، إلا أن نتائج دراسة أجرتها جامعة أسيكس عام 2013، وجدت أن 83% من المسلمين كانوا فخورين بانتمائهم لبريطانيا، بالمقارنة مع نسبة 79% من عامة البريطانيين أبدوا الشعور ذاته لم تذكر في التقرير، ففي النهاية التركيز هو على المسلمين مع ذكر عابر للتباينات الفكرية والمذهبية للمسلمين، وهو ما يقوض استنتاجات الديم لويس".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "الفقر وعدم توفر المسكن المناسب وإمكانية التعلم واكتساب الخبرات، بغض النظر عن الاثنية، هي كلها عقبات معروفة تمنع النجاح، وفي بعض المدن يضعف أداء الأطفال من الاثنية الآسيوية، لكن الأطفال البيض من الطبقة العاملة أضعف أداء في كل مكان، ومع أن التمكن من اللغة الإنجليزية أمر ضروري، لكن هناك أسبابا كثيرة لعدم تمكن النساء من ذلك، المعارضة في البيت قد تكون سببا، لكن قد تكون أيضا الأوقات غير الملائمة للدروس، والأهم من هذا كله التكلفة، وعندما أعلن كاميرون أن الذين لا يتكلمون اللغة الإنجليزية يعرضون أنفسهم للترحيل، فإنه قلل ميزانية تعليم اللغة الإنجليزية بمقدار 45 مليون جنيه، وتقول المجالس المحلية بأن التحدي الأكبر أمامها ليس فهم ما تحتاج أن تقوم به بقدر ما هو إيجاد المال الذي تحتاجه لتوفير تلك الخدمات، كما يذكر تقرير صادر عن معهد أبحاث السياسة العامة الفكري، حيث يقول إنه ليست هناك حاجة للإكراه، لكن هناك حاجة إلى تحسينات صغيرة وحساسة تبني الثقة على مستوى المجتمع كله".