نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحافي إريك شميت، يتحدث فيه عن نظرة الدول
الخليجية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، التي تنتظر مغادرة الرئيس باراك
أوباما على أحر من الجمر.
وتقول الصحيفة إن الناس في الخليج يشعرون بموجات الصدمة السياسية من نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث يقول الدبلوماسيون والقادة العسكريون والقيادات الأخرى، إنهم خائفون ومنفعلون حول أي وجه لترامب سيظهر بعد أدائه القسم الرئاسي لأمريكا في 20 كانون الثاني/ يناير.
ويتساءل شميت: "هل سيكون الرئيس ترامب، الذي وعد بأن يوقف العون الأمريكي لمجموعات الثوار السوريين، التي تدعمها الكثير من دول الخليج في حربها ضد الحكومة السورية؟ أم الرئيس ترامب الذي يعد بأن يكون حازما مع
إيران، التي تشكل المصيبة الشيعية للملكيات السنية في الخليج؟".
ويعاود الكاتب التساؤل قائلا: "هل سيعزز ترامب، بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة، الوجود العسكري الأمريكي في الخليج، أم أنه سيتجنب تضييع المزيد من ثروة أمريكا في منطقة رأى أن أهلها لا يدفعون حصتهم العادلة من تكاليف أمنهم، (مكررا النقد الموجه لحلفائه في حلف الأطلسي)؟".
وينقل المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الباحث إميل هوكاييم، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، في مكتب الشرق الأوسط في البحرين، قوله: "إما أن يميل ترامب إلى التدخل بالحد الأدنى مع غياب الرؤية الشاملة، أو فهم لتعقيدات الشرق الأوسط، أو أن يخاطر بأن يكون استفزازيا، ويتصرف بقسوة في أزمة يجب أن تتم إدارتها جيدا، أو العمل على تهدئتها، ويبدو ترامب عرضة لقول شيء فظيع، ثم محاولة التراجع عنه، وإنه بهذا يسبب الضرر لمكانة أمريكا ومصداقيتها وعلاقاتها مع الناس في الشرق الأوسط".
وتشير الصحيفة إلى أنه تم التعبير عن هذه المخاوف في خطابات رسمية، وفي الحوارات العارضة خلال عطلة الأسبوع الماضي في حوار المنامة، وهو المؤتمر الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ويورد شميت نقلا عن رئيس الوزراء السابق ونائب الرئيس العراقي اليوم، إياد علاوي، قوله في مقابلة: "نواجه مشكلات كثيرة في المنطقة، ونأمل بأن يكون موقف إدارة ترامب استباقيا"، وقال وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، بعد كلمته: "نتوقع استمرار هذه الصداقة والتحالف طويلي الأمد مع الولايات المتحدة".
ويلفت المقال إلى أن سفارة البحرين في واشنطن قامت بإحياء احتفالات اليوم الوطني السنوية هذا الأسبوع في فندق ترامب الراقي هناك، مشيرا إلى أن الفندق يخضع للتدقيق، حيث تخشى الحكومة الأمريكية أن تقوم الحكومات الأجنبية وجماعات الضغط بحجز غرف وإقامة أنشطة في الفندق تملقا للرئيس المنتخب.
وتنقل الصحيفة عن نائب الأدميرال كيفين دونيغان، الذي يقود الأسطول الخامس وقاعدته في البحرين، قوله: "الناس في المنطقة هنا ينتظرون ليروا ماذا سيحصل.. وهم قلقون ليروا عما إذا كان سيتم التغيير في بعض الجوانب".
ويقول الكاتب: "إن كان ترامب يثير القلق والتشكك، فإن اختياراته للمناصب الكبيرة في الأمن القومي تهدئ بعض الأعصاب، وتضمنت اختياراته الفريق المتقاعد فيتران مايكل فلين مستشارا للأمن القومي، ولواء البحرية المتقاعد ورئيس القيادة المركزية للبنتاغون جيمس ماتيس، وزيرا للدفاع، والرئيس التنفيذي لشركة (إكسون موبيل) ريكس تيلرسون، وزيرا للخارجية".
وبحسب المقال، فإنه ينظر إلى تيلرسون على أنه سيكون مثل رئيسه، يسعى إلى تحقيق صفقات أكثر من شن الحملات ضد انتهاكات حقوق الإنسان، لافتا إلى أن هذه نقطة مؤلمة للبحرين، حيث انتقدت إدارة أوباما الحكومة البحرينية لسجنها للمعارضين السياسيين.
وتذكر الصحيفة أن شركة "إكسون موبيل" لها علاقات قوية مع الشركة الوطنية للنفط في قطر، وشاركت القطريين في بناء محطة الغاز المسال في خليج المكسيك، وهي مصممة لاستيراد الغاز ولتصديره أيضا.
ويفيد شميت بأن اللواء ماتيس حصل على مدح الدبلوماسيين والقادة العسكريين ومسؤولي المخابرات في المنطقة، حيث قال سفير الإمارات في أمريكا يوسف العتيبة، في رسالة إلكترونية: "إن ذهبت إلى قتال في أي وقت فأود أن يكون اللواء ماتيس بجانبي.. سيكون شريكا رائعا لحلفائه".
ويستدرك المقال بأنه رغم أن اللواء ماتيس تعامل بصقورية مع إيران، حتى أن البيت الأبيض اختصر رئاسته للقيادة العامة عام 2013، إلا أنه ليس مشعلا للحروب، مبينا أنه قاد أكثر المعارك دموية في كل من العراق وأفغانستان، ويعرف جيدا التكلفة البشرية للصراع، وقال إن إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، كما وعد ترامب، من شأنه أن يلحق الضرر بأمريكا.
وتؤكد الصحيفة أن انتخاب ترامب أقلق الإيرانيين، فقال وزير الدفاع الإيراني حسين ديغان يوم الأحد إن أي مواجهة مع أمريكا وحلفائها في الخليج ستنتهي بكارثة للدول العربية الصغيرة وإسرائيل، وأضاف ديغان، بحسب وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية: "بالنظر إلى شخصية ترامب، وكونه يقيس التكاليف بالدولار، فإنه ليس من المحتمل أن يقوم بأي عمل قوي ضد بلدنا".
ويجد الكاتب أنه مهما كانت مخاوف زعماء الخليج بخصوص ترامب، فإنهم ينتظرون مغادرة الرئيس أوباما، الذي يقول الزعماء المحليون إنه تخلى عن الرئيس المصري حسني مبارك خلال الربيع العربي، وتفاوض مع العدو الرئيسي إيران، على أحر من الجمر.
وينوه المقال إلى أن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر رد على مشاعر المرارة لحكام المنطقة تجاه إدارة أوباما في خطابه في المؤتمر الأمني، حيث قال إن عليهم التوقف عن الشكوى من أن أمريكا لا تفعل ما فيه الكفاية لمكافحة الإرهاب، ويجب أن يقوموا هم أنفسهم بفعل المزيد، وأضاف كارتر: "أريد منكم أن تتخيلوا كيف تشعر القيادات العسكرية والدفاعية الأمريكية عندما يستمعون أحيانا للشكاوى، بأن عليهم فعل المزيد عندما يكون من الواضح في أكثر الأحيان أن من يشتكون أنفسهم لا يفعلون ما يكفي"، مشيرا إلى أن زعماء المنطقة يقولون إن غموض ترامب قد يكون أقل بكثير مما يخشون.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي: "ترامب سيكون ترامب.. تم انتخابه بصفته مرشحا يسعى للتغيير، وسينعكس هذا في أن سياساته وتحالفاته ستكون أكثر تجارية، وتقوم على مشاركة الأعباء".