نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها جون ريد من القدس، حول الحرب الدائرة بين اليهود المتدينين واليهود العلمانيين، التي تبرز بالذات
يوم السبت، حيث يلتزم المتدينون بالتعاليم المتعلقة بيوم السبت، في الوقت الذي لا يلتزم بها العلمانيون.
ويقول الكاتب إن "هناك حربا مستعرة بين الطرفين، إحدى جبهاتها في حارة ميا شيريم الفقيرة في القدس المحتلة، حيث يعيش
اليهود الأرثوذوكس المتشددون في عائلات كبيرة، وتقع هذه الحارة بجوار مركز البلد، حيث الأحياء الفاخرة".
ويضيف ريد أن "يوليش كرويس، وهو يهودي أرثوذوكسي متشدد، يمكن وصفه بـ(محارب السبت)، حيث تراه يوم السبت في شارع هانفعيم يصيح (شبات!)؛ ليحرج سائقي السيارات العابرين وغيرهم، ممن يظن أنهم ينتهكون حرمة السبت".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن كرويس، قوله: "نريد أن تغلق البقالات.. لا نريد أي بقالة تفتح يوم السبت"، مشيرا إلى أنه لدى سؤاله عما إذا كان الأمر ينطبق على التجار غير اليهود، فإنه أجاب: "إن لم تكن يهوديا فليست عندي مشكلة"، واقترح أن يكتب "أنا لست يهوديا" على باب البقالة.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك حروب سبت تخاض في أنحاء
إسرائيل كلها على قضايا، مثل الأعمال الهندسية في سكة الحديد خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى مباريات الكرة يوم السبت، لافتة إلى أن هذا الانقسام يؤثر حتى في سياسة البلد، حيث يجلس حزبا أرثوذوكس في حكومة بنيامين نتنياهو.
ويلفت الكاتب إلى أن أعداد اليهود الأرثوذوكس المتشددين تغلب في القدس، حيث يشكلون حوالي ربع سكان المدينة، ويستخدمون النفوذ الناتج عن عددهم في المجلس البلدي، لشن حرب على المحال التجارية التي تعمل يوم السبت، مشيرا إلى أن العلمانيين من سكان القدس اليهود يقومون في المقابل بتوفير خدمات، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بما في ذلك خدمة نقل بالباصات مساء الجمعة، تحمل اسم "شباص"، المحور عن "شبات"، حيث تبدأ طقوس السبت مساء الجمعة، بالإضافة إلى سوق مفتوح في محطة القطار القديمة في القدس، ويبقى السوق مفتوحا يوم السبت، ويزدحم بالزبائن الذين يأتون لتناول الطعام والشراب.
ويورد التقرير نقلا عن لورا وورتون، وهي عضوة علمانية في المجلس البلدي في القدس، ويقوم حزب ميريتز اليساري، الذي تنتمي إليه، بنشر قوائم بالمتاجر التي تعمل يوم السبت، قولها: " لقد حقق العلمانيون تقدما كبيرا، لكن متطرفي الأورثوذوكس يزيدون تطرفا".
وتذكر الصحيفة أن الانقسام الأورثوذوكسي/ العلماني برز العام الماضي، عندما طعنت شيرا بانكي، وهي فتاة مراهقة شاركت في مظاهرة للمثليين، حيث قام رجل أرثوذوكسي بطعنها وقتلها، وجرح خمسة آخرين.
ويقول ريد إن "القدس توصف دائما بأنها مدينة منقسمة، لكن هذا المعنى يتجلى في عطلة نهاية الأسبوع، ففي القدس الشرقية، حيث يعيش العرب والمسلمون، تزدحم الأسواق حول باب العامود، في الوقت الذي تجد فيه أن حركة السير قليلة والمحلات مغلقة في القدس الغربية، التي تقطنها غالبية يهودية".
وتنوه الصحيفة إلى أن الكثير من أصحاب المتاجر يشكون من أنهم يتعرضون للضغط من ملاك العقارات بألا يعملوا يوم السبت، مشيرة إلى أن السكان في أحياء الأرثوذوكس المتشددين، يقيمون حواجز حديدية في الشوارع؛ لمنع تحرك السيارات، ويعاني سائقو السيارات الذين يدخلون المنطقة دون علم أو قصد من استقطاب نظرات غاضبة، وأحيانا تلقى الحجارة على سياراتهم.
ويفيد الكاتب بأن بعض أصحاب المتاجر يتهمون رئيس البلدية في القدس نير بركات، بالانحياز لجانب الأرثوذوكس، فيما يخص فتح المحال التجارية يوم السبت، لافتا إلى أن البلدية أرسلت مؤخرا رسائل لأصحاب المتاجر، تدعوهم فيها إلى الإغلاق يوم السبت، إلا أذا كانت تلك المحال بين بيوت الناس، أو في المواقع المقدسة، مثل حائط البراق.
وبحسب التقرير، فإن البلديات أرسلت إنذارا العام الماضي لثمانية محلات ميني ماركت، تخبرها بأنه لا يمكنها العمل يوم السبت، مشيرا إلى أن أصحاب المحال يعتقدون بأن المنع جاء تنازلا للأرثوذوكسيين المتشددين مقابل سماحهم بافتتاح سينما متعددة الشاشات تفتح يوم السبت، وقالوا إنهم سيستأنفون هذه القضية في المحكمة.
وتنقل الصحيفة عن جدعون سيبوني، وهو أحد ملاك المحال التجارية، قوله: "يريد بركات أن يأخذ مكان نتنياهو.. هذا هو حلمه، ولتحقيق هذا الحلم فإنه يحتاج أن يضع المتدينين في جيبه"، (علما بأن بركات لم يصرح عن نيته الترشح لزعامة حزب الليكود)".
ويتساءل ريد: "فمن سيكسب الحرب؟ يقول كوريس، المدافع القوي عن الحفاظ على قداسة يوم السبت، إن الصراع هو جزئيا (حرب على الديمغرافية)، في إشارة إلى النسبة العالية للمواليد لدى المجتمع الأرثوذوكسي، فهو نفسه أب لستة عشر فردا".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن وورتون ترفض هذه الحجة، وتقول إن اليهود الأرثوذوكس المتشددين يتركون القدس بسبب غلائها، وتضيف: "لن أقول إن العلمانيين ينتصرون.. لكن ما سأقوله هو إن الأرثودوكس المتشددين لا ينتصرون".