علقت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها على سقوط مدينة
حلب السورية، مشيرة إلى الأطراف التي أدت دورا في تعميق مأساة سكانها.
وتقول الافتتاحية: "كانت مشاهدة سقوط المدينة السورية العريقة حلب مؤلمة، فقد ذكرت تقارير أن المدنيين، الذين نجوا من أسابيع من القصف المستمر، تعرضوا للتصفية على يد قوات حكومة بشار
الأسد، وهم يحاولون الفرار من مناطق القتال، وقتل بعضهم أثناء عمليات البحث في البيوت، وتمت محاصرة الآلاف منهم، دون طعام ولا ماء ولا مأوى".
وتشير الصحيفة إلى الرسائل الأخيرة التي نشرها المدنيون على وسائل التواصل الاجتماعي، فكتب عامل في الإغاثة الطبية: "هذه رسالة من شخص يقول وداعا، ويمكن أن يواجه الموت أو الاعتقال في أي لحظة"، لافتة إلى أن الأمم المتحدة وصفت حلب بأنها مثال على "الانهيار الكامل للإنسانية".
وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى تجاهل رئيس النظام السوري الأسد مطالب المحتجين السلميين، ما أدى إلى مقتل أكثر من 400 ألف سوري، وتشريد الملايين الذين فروا عبر الحدود إلى أوروبا، مشيرة إلى أن الأسد لم يكن لينتصر لولا دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له، وبدرجة أقل
إيران.
وتجد الصحيفة أن "هذه هي الحقيقة التي لا يمكن للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجاهلها، وهو المدافع عن بوتين، وقد أحاط نفسه بمجموعة من المستشارين الكبار المتعاطفين مع الكرملين، ففي أثناء حملته الانتخابية، أثنى ترامب على بوتين، ووصفه بـ(الزعيم الأفضل) من الرئيس باراك أوباما، وهذه هي مناسبة جيدة ليقوم بإقناع بوتين بإنهاء الجرائم".
وتنوه الافتتاحية إلى أن الأفعال الدموية لبوتين، من قصف الأحياء المدنية، وتدمير المستشفيات، ورفض السماح للسكان العزل غير المقاتلين من الحصول على الطعام والإمدادات الطبية، كلها تعد انتهاكا للقانون الدولي.
وتذكّر الصحيفة بتصريحات المسؤولة الأمريكية في الأمم المتحدة سامنثا باور، التي قالت فيها إن الأسد وروسيا وإيران وضعوا "المشنقة" حول عنق المدنيين في حلب، وأضافت: "يجب أن تشعركم هذه المأساة بالعار، بدلا من الظهور بمظهر الجسارة والثقة".
وتفيد الافتتاحية بأن "الدبلوماسية القوية أجبرت الأسد على تقديم تنازلات سياسية وتجنب الحرب، واستخدمت
روسيا حق النقض (الفيتو) لحمايته من النقد والعقوبات، وبحلول تشرين الأول/ أكتوبر2015، وعندما بدا أن الأسد في مرحلة خسارة، أرسلت روسيا مقاتلين، وأصبحت متورطة في الحرب، وبالنيابة عن النظام، ضد المقاتلين، ومنهم الذين تلقوا تدريبا من الولايات المتحدة والدول العربية، وشارك حزب الله المدعوم من إيران بالسلاح والمال في الحرب في
سوريا، وأصبح رصيدا مهما لنظام الأسد، ويقال إنه نشر على الأقل خمسة آلاف مقاتل، وسمحت الفوضى في سوريا لتنظيم الدولة بأن يؤسس مقر إقامته المركزي فيها".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "أوباما، الذي طالب الأسد بالخروج من السلطة عام 2011، لم يقم بما فيه الكفاية ليجعل من هذا الطلب حقيقة، وربما لم تكن لديه القوة لجعله يتحقق، على الأقل، بثمن مقبول من الأمريكيين والكونغرس، الذي رفض تمرير قرار يعطي أوباما السلطة لشن حرب ضد حكومة الأسد، وأدى تردد أوباما بالمصادقة على عمل عسكري مباشرة إلى تحديد الدعم للمعارضة، والكفاح من أجل تحويل مقاتليها إلى قوة فاعلة على جبهة القتال".
وبحسب الافتتاحية، فإن "أوباما تعاون مع روسيا لتجريد النظام السوري من سلاحه الكيماوي، فيما فشلت كل الجهود لتحقيق تسوية سلمية للحرب تؤدي إلى قيام جبهة موحدة ضد تنظيم الدولة، ولا شك أن بوتين استخدم الدبلوماسية لمساعدة الأسد في تحقيق مكاسب عسكرية".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها متسائلة عن نهاية هذه الحرب، مجيبة بأن الأمر في يد الأسد وبوتين وإيران.