أحدث التدخل العسكري الإيراني في سوريا، تداعيات كبيرة على واقع الصراع بين نظام بشار
الأسد، وبين الفصائل الثورية التي تسعى لإسقاطه. وتمثل هذا التدخل في تشكيلات من الحرس الثوري الإيراني، ومليشيات إيرانية وأفغانية وباكستانية وعراقية وغيرها، ممن دخلوا الأراضي السورية بدعم عسكري ومالي مباشر من طهران.
وأثار تدخل إيران العسكري تساؤلات حول مستقبل إيران في المنطقة، وما إذا كان بإمكانها السيطرة على الأراضي السورية وإجهاض الثورة المسلحة فيها، وهل بقي لتغنيها بـ "محور الممانعة" أي معنى لدى شعوب المنطقة، وما هي تداعيات ذلك على دول الخليج العربي التي لا تخفي طهران أطماعها تجاهه.
وقال الأستاذ في جامعتي حلب وإدلب، عبد العزيز عجيني لـ "
عربي 21" إن "الإيرانيين بدؤوا توسيع هيمنتهم على سوريا بشكل غير مباشر؛ منذ أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمهم الملف العراقي، عقب إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين".
وأضاف أن حملة تشييع السوريين التي قادتها إيران؛ كانت تسير بخطى متسارعة في المدن السورية، إلا إن الثورة السورية التي انطلقت في آذار/ مارس 2011؛ قلبت الطاولة
الطائفية التي كانت ترتبها طهران، الأمر الذي استدعى تدخلها بشكل سريع في الصراع العسكري في سوريا بين الشعب السوري ونظام الأسد.
وأوضح عجيني أن التدخل الإيراني في سوريا بحلته العسكرية؛ كان يسير بشكل مدروس وغير معلن، إلا أن "اقتراب الأسد ونظامه من السقوط في 2013؛ جعل حربهم أكثر وضوحا وعلانية وطائفية"، مشيرا إلى أن "هذه العوامل جعلت العقل السوري يعيد النظر كليا بمنظومة القيم التي غرسها نظام بشار الأسد ووالده حافظ؛ إبان فترة سيطرتهما على الحكم".
وأكد أن الفظائع الإيرانية التي ارتكبتها القوات النظامية التابعة للحرس الثوري، أو المليشيات التابعة لطهران؛ أدت بكل تأكيد إلى اندثار ووأد محور الممانعة الذي كان يتغنى به نظاما طهران ودمشق طيلة العقود السابقة، لافتا إلى أن هذه الفظائع أدت أيضا إلى توجيه بوصلة المعركة على أسس دينية، "وتحولت من السعي لإسقاط نظام سياسي؛ إلى معركة وجود".
بدورها؛ رأت الصحفية السورية المعارضة، دانية أمين، أن إيران ليست إلا مجرد فزاعة بيد القوى الكبرى، وأنها "ستزول بمجرد انتهاء دورها بالمنطقة".
وقالت لـ"
عربي21" إن "ما تفعله طهران بحق الشعب السوري؛ لن يفتح لها بابا للسيطرة على دول الخليج العربي؛ لأن المشروع المعمول به في المنطقة أكبر من إيران ذاتها".
وأضافت أن كل من يظن أن إيران ستسيطر على سوريا "واهم"؛ معللة ذلك بالقول إن "سوريا بموقعها الاستراتيجي، ووجودها بالقرب من إسرائيل؛ لن تكون إلا بيد من يحمي أمن إسرائيل، والأمريكان والروس لا يثقون بالمشروع الإيراني الذي يعتمد على الطائفية".
وتابعت: "الشعب السوري اليوم يعتبر إيران شريكا أساسيا في سفك الدم السوري، وهي عدو حقيقي للسوريين، حالهم كحال نظام الأسد"، مؤكدة أن "السوريين لم يعودوا مخدوعين بشعارات المقاومة والممانعة، فإيران حالياً خلقت من الشعب السوري عدوا لها، وما فعلته من جرائم طائفية في سوريا ستدفع ثمنه من أمنها واستقرارها في القادم؛ لأنها هي من خلقت الفوضى، وعبثت بأمن جيرانها والمنطقة، فمن المؤكد أن هذه الفوضى سترتد عليها بشكل مباشر".
أما العميد، مصطفى الشيخ، القيادي السابق في المجلس العسكري للجيش الحر، فقال لـ لـ"عربي21": ما من عاقل يدرك تركيبة المنطقة الدينية والإثنية إلا ويدرك أن إيران بمساندتها للنظام السوري، وإطلاق مشروعها الفارسي بلبوس مذهبي، لا يحمل سوى الأحقاد والضغائن ولغة الدم، إلا ويدرك أن هذا المشروع قد انتحر، بل وولد ميتاً في منطقة الغالبية الساحقة من المسلمين السنة".
وأضاف العميد الشيخ: "ما يقدمونه من طقوس وسلوكيات تفوق في وحشيتها تصرفات التتار والمغول، بل وكل ما حمله التاريخ من مشاهد مغايرة للإنسانية وفطرة الإنسان، كما تحمل في ثناياها التعاون مع أي جهة مهما كانت صفتها ومنشأها لتحقيق أحلامها".
وأردف: "نحن اليوم كمنظومة بشرية في القرن الواحد والعشرين ولم يعد العلم والمعرفة والمحاكمة العقلية بعيدة عن أي إنسان بالعالم"، مضيفا: "كل ما قدمته إيران والنظام ومحور المقاومة فارغ من أي قيم إنسانية، وهذا مرفوض وجداناً، ليس من السنة فقط، بل ومن المنظومة البشرية برمتها"، على حد قوله.
وانتهى الشيخ إلى القول: "ليس هناك مستقبل لأي دولة دينية مذهبية في المستقبل؛ لأنه يحمل بالأساس مفهوم التمييز العنصري في أعلى صوره، معتبرا أن "إيران تنتحر في وسط العالم الإسلامي والإنساني بدون شك، فلا بيئة ولا حاضن ولا مستقبل ولا دين، والمستقبل سيكشف أن القيم والعقل والفكر المتحرر هم الأقوى"، وفق تقديره.