أثار إعلان النائب العام السويسري، مايكل لوبير، فك الحظر عن أموال رجال أعمال ورموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك المجمدة لدى بلاده منذ ثورة 25 يناير 2011، وتأكيده أن الأموال سيتم إعادتها إلى أشخاصها المالكين وليس للحكومة
المصرية، العديد من علامات الاستفهام حول الجهود الحكومية التي بذلت على مدار السنوات الخمس الماضية لرد الأموال "المنهوبة" إلى خزانة الدولة المصرية، وما قدمته حكومة رئيس سلطة الانقلاب العسكري للتمهيد للقرار السويسري؟
وقال النائب العام السويسري في مؤتمر صحفي عقده بالقاهرة مساء أمس السبت، إن "الأموال المقرر فك الحظر عنها وتبلغ 180 مليون فرنك سويسري (أكثر من 3 مليار جنيه مصري)، يمتلكها 8 مسؤولين سابقين في نظام مبارك، من بينهم رجلا الأعمال حسين سالم ومحمد منصور".
وإبان ثورة يناير، أعلنت وزيرة المالية السويسرية تهريب 60 مليار دولار من مصر إلى
سويسرا خلال الأشهر الثلاثة التي أعقبت بداية أحداث الثورة، وفي 30 أغسطس الماضي أصدر
السيسي قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة جديدة، هي الرابعة منذ 2011 لاسترداد الأموال المصرية المهربة في الخارج.
وقال الخبير الاقتصادي، هيثم المنياوي، إن السيسي أجرى مصالحات مع رجال أعمال مبارك وعلى رأسهم رجل الأعمال البارز حسين سالم، مؤكدا أن الإعلان الرسمي عن مصالحات السيسي مع
رجال الأعمال المتحفظ على أموالهم، أبطلت المسوغات والمبررات القانونية التي تحفظت بسببها الحكومة السويسرية على الأموال المصرية.
وأضاف المنياوي، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": " هذا إلى جانب أن الجهات المصرية الرسمية وعلى رأسها هيئة الكسب غير المشروع، لم تقدم للجانب السويسري ما يكفل استمرارية التحفظ على أموال الكثير من رجال الأعمال الهاربين، أو بالأدق حساباتهم البنكية في سويسرا".
وكانت لجنة استرداد
الأموال المهربة برئاسة المستشار نبيل صادق النائب العام، قالت في بيان سابق لها، إن المحكمة الفدرالية السويسرية أصدرت قرارا بقبول الطعن المقام من اللجنة، لاستئناف التحقيقات الداخلية الخاصة بتجميد أموال مبارك وعائلته وبعض المسؤولين السابقين ورجال الأعمال المدرجين على قوائم تجميد الأموال الصادر بها قرار من الاتحاد السويسري.
وأكد المنياوي، أن السيسي همه الأول والأخير جمع الأموال بصرف النظر عن الطريقة أو الأسلوب أو حتى التنازلات التي يقدمها في سبيل ذلك، مشيرا إلى أن لجنة استرداد الأموال المنهوبة فشلت في تقديم أي مستندات أو أوراق تثبت أحقية الجانب المصري في أموال الحسابات المجمدة،" بل بالعكس أقرت بالتصالح مع بعض الرموز وعلى رأسها حسين سالم، وهو ما نتج عنه الإفراج عن أموال سالم كاملة، وحصلت الحكومة بالتأكيد على جزء منها".
وتابع: "كل اللجان التي شكلت منذ فبراير 2011 حتى آخر لجنة شكلها السيسي فشلت، لافتا إلى أن مصر لم تنجح في استرداد جنيه واحد من الأموال المجمدة في سويسرا، التي وصلت لقيمة 700 مليون فرنك سويسري ( أكثر من 13 مليار جنيه مصري) في سبتمبر 2012، بعدما وسعت سويسرا قائمة التجميد لتشمل 31 اسما من رموز مبارك".
وأضاف أن "هذه اللجان لم تفشل فقط في استرداد الأموال المنهوبة، بل شكلت عبئا على الدولة خاصة فيما يتعلق بالأموال التي أنفقتها تلك اللجان على مرتبات أو بدلات أعضائها، وتكاليف الاجتماعات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية وتذاكر ومصاريف السفر وخلافه، التي وصلت طبقا لبعض التقارير إلى ما يزيد عن 50 مليون جنيه".
وأكد الصحفي الاقتصادي، عمرو خليفة، أن نظام السيسي لم يشغل باله بتقديم الأدلة الكافيه للحصول على هذه الأموال المجمدة، لافتا إلي أن تركيزه الأكبر كان على ما أطلق عليه محاربة الإرهاب.
وأوضح خليفة، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن حصول غالبية رجال الأعمال في مصر على أحكام بالبراءة، دعمت موقف رجال الأعمال هؤلاء في قدرتهم على استعادة أموالهم، وحسنت موقفهم القانوني أمام القضاء السويسري.
وأشار إلى أن نظام السيسي لا يفكر في الحصول على الأموال سوى من جيوب البسطاء، لسد عجز الموازنة العامة للدولة عبر رفع الدعم وفرض المزيد من الضرائب، ولا يشغله استرداد أموال مصر المنهوبة من رجال أعمال مهدوا بأموالهم ونفوذهم طريق وصوله إلى حكم مصر، على الأقل من باب حفظ الجميل لهم.