علق الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، سايمون هندرسون، على إعلان أمريكا الأسبوع الماضي حظر بيع أمريكا حوالي 16,000 من معدات الذخيرة الموجهة إلى المملكة العربية
السعودية، التي بررت حينها "بسبب مخاوف من عدم دقة الضربات الجوية المستهدفة التي تقوم بها المملكة، والتي تسببت في إيقاع الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين في اليمن".
وقال هندرسون، في تقرير له بمعهد واشنطن، إن هذا الإجراء غير المتوقع على ما يبدو جاء في أعقاب تجميد مبيعات القنابل العنقودية في وقت سابق من هذا العام، فضلا عن التحذيرات التي وُجهت إلى الرياض بأن المساعدات الأمريكية "ليست صكا مفتوحا".
وأوضح أنه انعكس إحباط إدارة أوباما -بخياراتها المحدودة- من إنهاء الصراع المستعصي، في تقارير وسائل الإعلام المتناقضة حول التطورات؛ فقد جاء في عنوان صحيفة "واشنطن بوست"، بأنه "من خلال إجراء تغييرات صغيرة، تحافظ الولايات المتحدة على مساعداتها العسكرية للسعودية، على الرغم من التوبيخ الذي وجهته بسبب المجازر في اليمن"، في حين كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن "الولايات المتحدة تحظر بيع معدات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية وسط مخاوف من حرب اليمن".
وكان العاهل السعودي صرح بعد الرفض الأمريكي لبيع
السلاح: "نحن في المملكة العربية السعودية نرى أن أمن اليمن الجار العزيز من أمن المملكة، ولن نقبل بأي تدخل في شؤونه الداخلية، أو ما يؤثر على الشرعية فيه، أو يجعله مقرا أو ممرا لأي دول أو جهات تستهدف أمن المملكة والمنطقة والنيل من استقرارها".
كما أعرب عن أمله في نجاح مساعي الأمم المتحدة "في الوصول إلى حل سياسي باليمن".
ومنذ بدء التدخل بزعامة السعودية في آذار/ مارس 2015، استعادت قوات دولة الإمارات العربية المتحدة مدينة عدن الجنوبية نيابة عن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. بيد أنه فشلت القوات السعودية في شمال اليمن في استعادة الأراضي، وما زال الحوثيون يسيطرون على نحو نصف مساحة البلاد، بما فيها العاصمة والأراضي التي يتواجد فيها معظم سكان اليمن، الذين يقدر عددهم بنحو 27 مليون شخص.
وأشار هندرسون إلى انتقاد مسؤولين أمريكيين أداء الجيش السعودي، الذي تقع مسؤوليته على عاتق وزير الدفاع ونائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر واحدا وثلاثين عاما، والابن المفضل للملك سلمان. وفي بداية الحملة، كان الأمير بن سلمان يشعر بالسعادة عندما كان يتم تصويره كمهندس الحرب. أما الآن فينأى بنفسه عن أي لوم.
وبين أنه "من الناحية النظرية، يُعتبر الجيش السعودي أحد أفضل الجيوش تجهيزا في العالم. ولكن في واقع الأمر هو "نمر من ورق"؛ حيث شكّل خيبة أمل كبيرة لمورّديه الأجانب، وأكبرهم الولايات المتحدة؛ فقد كان أداء سلاح الجو السعودي ضعيفا جدا، في حين كان أداء القوات البرية السعودية سيئا في حماية المنطقة الحدودية جنوب غرب المملكة. وانهالت الرياض باللوم على إيران لدعمها المتمردين في ما يُعد حربا بالوكالة، ولكن فشل المملكة في تحقيق أي ميزة عسكرية ينبع على ما يبدو من قصورها [في ساحات المعارك] أكثر من تدخل طهران.
وذكر أنه انعكست طبيعة الخصومات على التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في الشهر الماضي، حيث قال: "لهذا السبب قام السعوديون، وإيران، والجميع، بتحريك دميتهم وخوض حروب بالوكالة". وقد أكسبته كلماته الدقيقة، ولكن قليلة الحذر دبلوماسيا، توبيخ رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي أرادت أن تكون واضحة بأن تلك التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة.
وختم بقوله إن "قيام واشنطن [بإلقاء اللوم على] السعودية يبدو شيئا غريبا على الأرجح للعديد من الحلفاء الإقليميين، في الوقت الذي تسمح فيه إدارة أوباما لطهران بأن تطلب تزويدها بطائرة بوينغ جديدة، التي يمكن أن تستخدم لدعم العمليات العسكرية الإيرانية في المستقبل. وليس هناك شك بأن الحلفاء يشعرون بالسخط أيضا من عدم اتخاذ الإدارة الأمريكية إجراءات ملموسة ردا على سقوط ضحايا مدنيين سوريين بأعداد ضخمة في حلب، تلك الكارثة الإنسانية التي وقعت بتحريض من القوات التي تعمل بالوكالة عن إيران. وتشكّل الإشارة الأخيرة للملك سلمان حول التوصل إلى حل سياسي فرصة دبلوماسية يجب على واشنطن تشجيعها، ولكن يبدو أنه لا يمكن للقنابل أو التصريحات أن تصيب الأهداف الصحيحة في الوقت الحالي.