قالت صحيفة "التلغراف" البريطانية، الثلاثاء، إن "الغرب فقد سيطرته على على الشرق الأوسط لعقود قادمة بعد سقوط
حلب".
وفي مقال للكاتب جيمس سورين، استذكر الكاتب لقاءه في "مجلس الأمن القومي"، في نهاية أيلول/ سبتمبر 2012، في لندن، وكان رئيس الوزراء حينها يناقش الخيارات العسكرية في
سوريا، عندما كان عدد القتلى 40 ألفا، والنازحون بمئات الآلاف.
عندها، كان القائد الأعلى للقوات المسلحة يفسر كيفية تأسيس منطقة حظر طيران على أراض سورية، ومناطق آمنة للاجئين، ثم ناقشت بعدها الاستخبارات فصائل المعارضة، إلى أن قررت بعد ذلك عدم اتخاذ إجراء عسكري.
الهجوم الكيميائي
في آب/ أغسطس 2013، استخدم رئيس النظام السوري بشار الأسد السلاح الكيميائي ضد شعبه، وهددته القوى الغربية بالإجراء العسكري، لكن كل هذا تراجع بعد أن خسرت الحكومة التصويت على سوريا، وتراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن قصف الأسد، بحسب سورين.
وقال سورين، الناطق السابق باسم نائب رئيس الوزراء نيك كليغ، إن الحرب الأهلية السورية تضم بداخلها عشرة صراعات منفصلة، يشارك فيها الكثير من الأطراف على السيطرة، وعندها كان هذا التعقيد وهذه الاحتمالية هي التي جمدت العمل لأجل سوريا.
وأشار إلى أن جذور هذا التجميد كانت صدمة العراق، عندما تحول الدافع لأجل التدخل الليبرالي إلى خوف من التدرج الفضولي، موضحا بقوله: "نحن مصابون بهاجس تضاؤل قدرتنا على تحسين الظروف، ومتأكدون من مخاطر وحدود استخباراتنا، وغير متأكدين من غرائزنا، وخائفون على تعزيز قيمنا".
"ساحة لعب الشيطان"
واعتبر سورين أنه كان يجب التحرك قبل ذلك لمواجهة
تنظيم الدولة، وكان يجب إن شاء مناطق آمنة في سوريا، لأن "عدم فعلنا أرسل رسالة بأننا لن ندفع ثمن حماية المدنيين وتعزيز البعد الإنساني".
وكانت نتيجة ذلك، بحسب تعبير سورين، أن "أصبحت سوريا ساحة لعب الشيطان، وحلب أكبر مثال على ذلك: حيث يقتل كل من القصف الروسي العشوائي وغاز الكلور وحزب الله والقوات
الإيرانية، المدنيين العزل".
مكاسب للخصوم
وعلى المدى القصير، يملك الأسد اليد العليا، بينما يفقد تنظيم الدولة أراضيه في سوريا والعراق؛ ولكن على المدى الطويل، بحسب سورين، فإن سقوط حلب سيرسل موجات صدمة عبر الشرق الأوسط لعقود، جنى منها كل من
روسيا وإيران وحزب الله مكاسب.
وعندما تراجعت الولايات المتحدة، تقدمت روسيا بكل ما تملكه، حيث أصبح على أمريكا أن تفاوض روسيا التي عادت من جديد، في التفاف مفاجئ.
وكان سقوط حلب، كما يقول سورين، مكسبا لإيران، فهي تستطيع بناء هلال متماسك ممتد من طهران عبر بغداد ودمشق وبيروت.
أما بالنسبة لحزب الله، الذي راهن على الأسد، وخسر كثيرا من مقاتليه، فإن خبرته بالقتال بجانب القوات الإيرانية داخل البنية العسكرية الروسية حولته إلى واحد من أكثر القوى المسلحة فاعلية في المنطقة.
"تطبيع جرائم الحرب"
عدا عن ذلك، عززت حلب تطبيع جرائم الحرب، بالقصف الجوي العشوائي على المدن، وأصبح استخدام السلاح الكيميائي "مشاعا".
ولن يقتصر سقوط حلب على إعادة ظهور هذه القوى، فعندما احتل الاتحاد السوفييتي أفغانستان في عام 1989، سلحت الولايات المتحدة المجاهدين، وولدت الحرب "طالبان" و"القاعدة"، لكن تطلب الأمر سنوات حتى يصل الأثر إلى نيويورك في عام 2001، وإلى لندن في عام 2005.
وأوضح أنه "قد يكون تنظيم الدولة في تراجع، لكن مقاتليه لن يرجعوا سيوفهم إلى أغمادها".
واعتبر سورين أن الدرس الحقيقي في حلب للقوى الغربية هو إنهاء ترددهم الخائف؛ فبجانب تقييم المخاطر، تجب موازنتها مع المستقبل المدمر لعدم الفعل، لأن الرسالة التي نرسلها لها "آثار مرعبة".