على مدار أكثر من ثلاث سنوات متواصلة، بذل
السيسي كل ما بوسعه من أجل خدمة المصالح
الإسرائيلية في المنطقة، وقدم في هذا الصدد تنازلات غير مسبوقة، بعد أن مهد الرأي العام
المصري لتقبلها أو غض الطرف عنها بحملات إعلامية ممنهجة اعتمدت على الكذب والتضليل وقلب الحقائق لتنفيذ أهدافها.
مساعي السيسي لخدمة الكيان الصهيوني المحتل، تم تتويجها بفضيحة كبرى وموقفه المخزي من رفض إصدار قانون من مجلس الأمن بإدانة
الاستيطان الإسرائيلي، تبرأ منها غالبية الشعب المصري بمن فيهم شركاء السيسي نفسه، واعتبروها عارا لن يمحوه التاريخ.
وقام مبعوث السيسي في مجلس الأمن الدولي، تحت ضغط من إسرائيل والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، بسحب مشروع قرار يطلب وقف وإدانة بناء المستوطنات الإسرائيلية، كانت قد تقدمت به مصر.
وفي ضربة قاصمة للدبلوماسية المصرية في عهد السيسي، ومعالجة سريعة لتفريط مصر في القضية
الفلسطينية، أعلنت 4 دول غير عربية هي يوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال تبنيها إعادة تقديم مشروع القرار ، والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن، وهو ما تم بالفعل، وصدر القرار بأغلبية من مجلس الأمن بموافقة 14 دولة مقابل امتناع الولايات المتحدة وحدها عن التصويت.
هذه الفضيحة المدوية لمصر عربيا وإقليميا ودوليا، كشفت إلى أي مدي يمكن أن يصل السيسي في خدمة "إسرائيل"، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: بماذا ستكافئ تل أبيب السيسي على موقفه من الاستيطان الإسرائيلي؟.
أكد الكاتب والمحلل السياسي، عز الدين عبده، أن إسرائيل لن تجد ابنا بارا بها ، ودافعا لمشروعها الصهيوني المسرطن لقلب العالم العربي إلا عبد الفتاح السيسي، قائلا: " السيسي ابن المشروع الصهيوني و المؤمن الأكبر والمخلص المجتهد في توسيع الرقعة من الفرات إلى النيل".
وأشار عبده في تصريحات خاصة لـ "
عربي21" إلى أن السيسي سلم إسرائيل نهر النيل من منابعه وليس فقط ما لدى المصريين، وجرف لها سيناء وباع من أجلها جزيرتي تيران وصنافير ولازال يعمل يوما بعد يوم ليستمر هذا المشروع في النمو، موضحا أن أقل ما يمكن أن يقدمه السيسي للاحتلال الصهيوني هو أن يرفض مشروع وقف الاستطيان اليهودي لأرضنا العربية المسلمة أرض فلسطين .
وأضاف عبده: " على الجميع أن يعلم أن السيسي قبض مكافأته مقدما، فما كان يحلم يوما أن يستولي على مقعد رئيس مصر لولا أن مهدت له إسرائيل الطريق ودعمته ومارست ضغوطا على الولايات المتحدة لدعمه أو على الأقل أن تغض الطرف عن الإجرام الذي مورس على الرئيس المنتخب و من بعده مؤيديه الذين ذبحوا على مرأى ومسمع من العالم دون أن يتحرك أحد لوقف هذه المجازر ..وهذه كانت المكافأة الثانية".
وتابع: " أضف إلى ذلك أن إسرائيل من بعد هذا الموقف باتت على استعداد أن تحمي السيسي وتنفق من مالها وجهدها السياسي والدبلوماسي لتقنع العالم بضرورة بقائه في المنصب الذي استولى عليه، لأنه الضمانه الوحيدة لأمن إسرائيل واستمرار مشروعها .
وأوضح عبده أن إسرائيل لازالت تملك أوراق ضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة عبر اللوبي الصهيوني ، خاصة أن هناك حالة من التوافق الأيديولوجي بين مشروعي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وبين السيسي ، خصوصا في الانقضاض على ماتبقى من المشروع السني في المنطقة.
وقال عبده: " العلاقة بين إسرائيل والسيسي هي علاقة صلة رحم وبر بآبائه ؛ يتوادون ويتراحمون فيما بينهم بتدمير مصر وتفتيتها ، وإضعاف البنية المجتمعية وتحويل الجيش إلى ثلة من العساكر المرتزقة ، بعد تغيير العقيدة القتالية للجيش من جيش يقاتل عدوا واحدا إلى جيش يقاتل حسب الطلب".
ويري الكاتب والمحلل السياسي، عبد الحميد قطب، أن " إسرائيل لن تكافئ السيسي على موقفه من الاستيطان لأنها مدينة له، فهي التي نصبته رئيسا ودعمته في الانقلاب وضغطت على الإدارة الأمريكية لتقبل ما جرى في 3/7 بل وذهبت لأبعد من ذلك لطلب من الإدارة الأمريكية دعمه ومساندته".
وأضاف قطب في تصريحات خاصة لـ "
عربي 21" : " إسرائيل تضغط على الدول الأوربية لتقبل به وتستضيفه في دولها وتستقبله كرئيس ولا تمارس على ضغوطا حقوقية أو إنسانية، كما أنها تمده كذلك بمعلومات استخباراتية عن مناوئيه داخل السلطة، وكذلك معارضيه في الداخل والخارج، وبالتالي فهو في موضع رد الجميل ولا ينتظر منهم مكافأة".
وحول شكل التعاون بين سلطات الانقلاب العسكري في مصر والكيان الصهيوني خلال الفترة المقبلة بعد موقف السيسي، لم يكون الدعم على المكشوف بين الجانبين، لكنه رجح أن العلاقة بين الطرفين ستظل مستترة وخاصة أنها علاقات أمنية ولوجستية.