أدلى النائب السابق لأول رئيس
مصري بعد الانقلاب، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد
البرادعي، بتصريحات جديدة حول فترة ما بعد عودته إلى مصر عام 2010، وتجربته إبان ثورة 25 يناير 2011، وما سبقها من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وما تلاها، من حكم المجلس العسكري لمصر، ثم انتخاب الرئيس محمد
مرسي، في عام 2012، كأول رئيس مدني منتخب.
جاء ذلك في الجزء الثالث من مقابلته مع برنامج "وفي رواية أخرى"، على شبكة "التلفزيون العربي"، مساء أمس الجمعة، الذي وجه فيه اتهامات إلى زملائه السابقين في "الجمعية الوطنية للتغيير"، بأنهم كانوا يبحثون عن مصالحهم الشخصية، ما دفع أحد أبرز أعضائها السابقين للرد عليه، ومطالبته بأن يراجع نفسه، وينتقدها، أولا.
وكشف البرادعي أن مرسي اتصل به طالبا دعمه قبل الانتخابات لكنه رفض، قال إن رئيس المجلس العسكري وقتها، وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي، ورئيس الأركان الفريق سامي عنان، أكدا له نزاهة انتخابات الإعادة بين محمد مرسي وأحمد شفيق، وأنهما لم يكونا يعرفان نتيجتها، إذ فاز بها مرسي.
مرحلة "عبثية"
وشدَّد البرادعي على أنه كان من الأولى أن يتم التغيير إبان ثورة 25 يناير ليشمل جميع مؤسسات الدولة بطريقة سلمية، وليس بتغيير رأس النظام فقط.
واستطرد: "كنا فاكرين أن الموضوع خلص.. لم نعرف أن الثورات تستغرق وقتا"، مردفا بأن "الثورة لم تفشل.. الثورة هتنجح".
وأضاف أنه طالب المجلس العسكري عقب رحيل مبارك، بتأجيل الاستفتاء على التعديلات الدستورية. ووصف المرحلة الانتقالية بأنها كانت "عبثية".
وقال، إنه وقتها حاول تلبية مطالب الشباب بطريقته، فأبلغ المجلس بما يطالب به المتظاهرون من تشكيله للوزارة، وأنه يرغب بذلك، فرد طنطاوي بأن المجلس لا يمانع لكن الإخوان يرفضون ذلك، وعرض عليه رئاسة المجلس الاستشاري، لكنه رفض.
وأوضح البرادعي أنه حاول التأكد من كلام المشير طنطاوي، فاتصل بسعد الكتاتني، فنفى له ذلك، وقال إن الإخوان لم يرفضوا توليه الوزارة.
وقال إنه لو عاد به الزمن مرة أخرى للمشاركة في أحداث "محمد محمود"، التي وقعت في تشرين الأول/ نوفمبر 2011، فلن يفعل ذلك.
رفض طلب مرسي
وعن أسباب مقاطعته للانتخابات الرئاسية عام 2012، قال إنه قاطع اجتماع القوى الوطنية، في إشارة لاجتماع فيرمونت، لدعم مرسي ضد شفيق، مؤكدا أنه قاطع الانتخابات بشكل كامل لأنه كان يرى أن انتخابات بدون دستور مهزلة، وستؤدي لنتائج كارثية.
وأوضح أنه تلقى اتصالا من مرسي، قبل إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، وطلب منه مرسي الدعم، بقوله: "ياريت تساعدني"، لكنه رد عليه بالقول: "أنا مقاطع".
وأضاف: "أبلغته أن ما يقلقني من أن هناك مشكلة مع السلطة التشريعية، بعدما أعلن المجلس العسكري انتقال سلطة التشريع له بعد حل مجلس الشعب".
"كل واحد كان بيشتغل لحسابه"
وفي حواره، وجه البرادعي انتقادات حادة لبعض رموز الجمعية الوطنية للتغيير، قائلا: "عملنا الجمعية الوطنية، وبعد خمسة أيام اكتشفت أن كل واحد جاي يشتغل لحسابه.. فكرة المصلحة العامة، بيتكلموا فيها، إنما بعدها كل واحد يفكر أنا هاخد إيه".
ورأى أن ذلك يشمل عددا كبيرا من النخب السياسية، الذين كانت أولوية كل منهم الظهور في الصور، والإدلاء بتصريحات للصحف.
وانتقد الشباب قائلا: "حتى الشباب قدرته إنه يعمل مع بعضه تأثرت، وكانت شغلتي جزء منها مصلح اجتماعي، أوفق رأسين في الحلال، طول النهار ناس متخانقة مع بعضها الصغير والكبير".
أيام هتلر
وعن "التسريبات" التي نشرت له، قال: "دي (التسريبات) كانت المفروض تكون مكالمة خاصة بيني وبين أخ لي (علي)، قامت الأجهزة العظيمة بتسجيلها، وليس فقط بتسجيلها، يعني يمكن أيام هتلر وأيام الأنظمة القمعية الكثيرة، سجلوا للناس، ولكن يمكن أن السبق في ما جرى أنها أذيعت على التلفزيون".
وتابع: "الواد بلية وزملاؤه أخذوها، وأذاعوها على التلفزيون، والدولة بتتفرج.. قدس الأقداس، وهو حرمة حياتك الشخصية، تُنتهك في الوقت الذي تقف فيه الدولة لتتفرج، ويمكن بتسمع هي كمان ما يذاع".
وعن التسجيل المُسرب له حول اتصاله بمسؤول أمريكي، الذي اتهمه بعض الإعلاميين الموالين للسيسي بسببه بالخيانة، كشف أن هذا الاتصال كان بناء على طلب من المجلس العسكري، بعد أن أخبروه في المجلس بأن مصر تعاني من أزمة اقتصادية.
نافعة: "على البرادعي أن ينتقد نفسه أولا".
معلقا على تصريحات البرادعي السابقة، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، القيادي السابق في "الجمعية الوطنية للتغيير" الدكتور حسن نافعة، إن العمل السياسي في مصر مصاب منذ فترة طويلة بأمراض النخبة السياسية.
وأضاف نافعة، في مداخلة هاتفية مع برنامج "بتوقيت مصر"، على "التلفزيون العربي"، أن البرادعي لم يكن على إطلاع كبير بالحراك السياسي الذي كان يحدث في مصر قبل مجيئه، مؤكدا أن لا أحد كان يتوقع حدوث ثورة في مصر.
وأشار إلى أن كثيرين تمنّوا أن يبقى البرادعي في مصر، ويبدأ بالعمل التنظيمي لكنه لم يكن مستعدا لذلك، وأضاف أن البرادعي وجّه انتقادات كثيرة للآخرين، وعليه أن يسمح للآخرين بانتقاده.
وكشف أن البرادعي أول من اتصل به عند وصوله للقاهرة، ولم يكن على دراية بالواقع المصري، أو يعرف حالة الحراك السياسي في مصر.
وأردف: "للأسف الشديد بعد 3 أيام (من إعلان تشكيل "الجمعة الوطنية للتغيير")، غادر البرادعي القاهرة، والمطالب السبعة للجمعية تبادلناها فيما بيننا على الإنترنت، والبرادعي لم يستوعب حالة التغيير في مصر، أو أن هناك حالة سياسية تبحث عن رمز أو دور".
واستطرد: "البرادعي لم يمارس السياسة إلا على تويتر، وكان يتغيب لفترة طويلة، والتغيير كان يحتاج لمكوثه في مصر دائما، وأتمنى أن ينتقد نفسه، كما ينتقد كل الشخصيات السياسية التي كانت في الجمعية"، مضيفا أن "البرادعي لم ير إلا نفسه في وقت ما قبل الثورة".
"الواد بلية"؟
ومن جهته، نشر الكاتب الصحفي تامر أبو عرب، صورة للإعلامي الموالي للسيسي، عبد الرحيم علي، معلقا عليها بالقول: "الواد بلية"، في إشارة إلى ما ذكره البرادعي عن دوره في التسريبات.
يُذكر أن الحلقة الرابعة من لقاءات البرادعي مع فضائية "التلفزيون العربي"، تُبث مساء اليوم السبت.