تصاعدت الاحتجاجات في الأردن على اعتقال عدد من نشطاء
الحراك الأردني، ومعارضين، من السلطات الأمنية وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة للتحقيق معهم وتوجيه لائحة الاتهام.
وبحسب محامي الحراكيين في الأردن، طاهر نصار، فإنه حتى الآن لم توجه للمعتقلين لائحة الاتهام، ولازال التحقيق جاريا، إلا أن التهم على ما يبدو تتعلق بـ"التحريض على مناهضة نظام الحكم".
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن لوائح الاتهام قد تستغرق شهرا من الآن حتى توجه لهم، وسيبقون موقوفين طوال هذه المدة لدى النيابة العامة.
ولفت إلى أن اعتقال الناشطين الذين يقدر عددهم بنحو 20 شخصا يأتي ضمن قانون منع الإرهاب، وأن ما اتهموا به إنما يتعلق بقضايا رأي وتعبير، وضمن الحريات العامة.
وانتقد سقف الحرية في الأردن الآن، مشيرا إلى أنه كان يتمتع بسقف أعلى. وأضاف أن قانون منع الإرهاب، جاء لـ"تكميم الأفواه".
وقال إن "ما يجري الآن دون سقف الحرية المعروف لدينا في البلد، وهذا القانون من أقسى أنواع الظلم، فالدولة تحاسب بناء على الخطر الذي قد يحدث، وليس على الضرر الواقع الذي تم بالفعل".
وأكد أن "ظروف المرحلة، والظروف الإقليمية تنعكس على وضع الحريات في الأردن"، مشيرا إلى أن "هؤلاء الشباب من نشطاء الحراك وأعلامه، واعتقالهم يمثل رسالة إلى باقي الحراكيين من أجل تكميم أفواههم".
وأضاف أن اعتقالهم "خطوة تسبق أي تصعيد بسبب الأزمة الاقتصادية، ومن أجل لجم باقي النشطاء الحراكيين والمعارضة"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: إسلاميو الأردن يطالبون بالإفراج عن المعتقلين السياسيين
من جهته، قال موسى العبداللات، محامي أحد النشطاء المعتقلين، لـ"
عربي21" إن "الاعتقالات التي تمت تعسفية ومخالفة للدستور والقانون، ولحرية التعبير التي أقرها الدستور الأردني، وتتكفلها المعاهدات الدولية".
وأكد ما ذهب إليه نصار، أن الاعتقالات التي تمت تحمل رسائل عدة، إلا أنه أضاف أنها "رسائل من الداخل إلى الخارج، لا سيما في ظل الظروف الإقليمية المحيطة في المملكة".
وأضاف أن الحراك منذ انطلاقه عام 2011، حاول إرسال رسالة واضحة إلى الدولة بضرورة الإصلاح وملاحقة
الفساد ومحاسبة الفاسدين، وطالب بإصلاحات شاملة في الأردن.
وأشار إلى أن "الدولة الأردنية محاصرة بظروف اقتصادية صعبة جدا، منها ضغوط النقد الدولي وأيضا الظروف الأمنية المحيطة".
الدعوة لحوار مفتوح
وطالب العبداللات الحكومة بأن تحاور المعارضين وأن تجلس معهم من خلال حوار مفتوح، ودعاها إلى الجلوس مع الأحزاب والمجتمع المدني والشخصيات العامة، "لأن الجميع يتفق على مصلحة بقاء الدولة الأردنية برموزها وقيادتها".
وقال إن الاعتقالات جاءت "تحت بند شكلي بتهمة تقويض نظام الحكم السياسي، وهي تهمة جاهزة، تفصل للمعارضين السياسين كافة، الإسلاميين منهم وغير الإسلاميين ويكون عامل الوقت هو المهم في القضايا التي تحال إلى محاكم أمن الدولة، بحيث يتم المماطلة بإحضار الشهود، والمماطلة في التنفيذ، وضع المعتقلين في زنازين انفرادية، حتى يصدر الحكم عليهم في النتيجة".
وأضاف: "أعتقد أن هناك تغولا أمنيا على الحراك السياسي، ويتوجب العودة إلى الحكمة، وأن يكون هناك من أصحاب القرار فتح حوارات مباشرة، مع المجتمع المدني من خلال حوارات مباشرة في إطار مصحلة الأردن".
اقرأ أيضا: تهمة "تقويض نظام الحكم" بالأردن تثير جدلا و"ووتش" تدين
وعبر أنه غير متفائل بمستقبل الحريات وحقوق الإنسان في الأردن، "لأن هناك عقلية أمنية متغولة، وهي المسيطرة على القرارات الاسترتيجية في الأردن، وذلك بسب ظروف الإقليم".
بدوره، علق الكاتب الأردني إيهاب سلامة، على الاعتقالات بحق النشطاء، وتوقع أن يكون لها نتائج عكسية لاحقا، لا سيما أن الأردن قد عبر مرحلة الربيع العربي التي انعكست على الشارع الأردني وشكلت تحديات غير مسبوقة، دون أن يتم اللجوء لسياسة الاعتقال أو القمع، بل اعتمد على الحنكة والحكمة في تفريغ الاحتقانات التي كانت تؤجج الشارع".
وأشار في حديثه لـ"
عربي21" إلى "سياسة الاحتواء والإدارة الأمنية الناعمة للأزمة، التي كانت الدولة تتبناها، وهو ما كان كفيلا بعدم التصعيد في الشارع الذي انحاز في النهاية مع الوطن، وغلب مصلحته العليا على أي مصلحة، خوفا من انجرار البلاد إلى مستنقعات كالتي غاصت فيها بلدان عربية مجاورة"، وفق قوله.
وقال إن "مساحة الاختلاف السياسي في الأردن كان لها حدودها ومساحاتها التي يتحرك فيها المعارضون، التي كانت مقبولة على الصعيدين الرسمي والشعبي، وظل المعارضون التقليديون، والحراكيون لاحقا، ملتزمون بسقف محدد لشعاراتهم، وتحركاتهم على الأرض".
وأكد أن "المعارضة باختلاف مشاربها ظاهرة صحية وطبيعية، ويجب على صاحب القرار أن يدركها، لا سيما مع ضعف المجالس النيابية التي يفترض بها أن تكون مرآة للشارع وانعكاسا لطموحه وتطلعاته، بل وتفرغ احتقاناته، وأيضا غياب مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الأحزاب التي صارت بعدد شعر الرأس دون فاعلية تذكر، وكذلك ضعف النقابات التي كانت تلعب دورا حيويا في الشارع الأردني، وأسهمت بخلق توازنات في تركيبة المجتمع".
وختم بالقول: "أتمنى أن يتم احتواء الاعتقالات الأخيرة بحكمة، والإفراج عن المعتقلين، وأن تظل أيضا أصوات المعارضة في سياقاتها المقبولة وطنيا وقانونيا، وعدم الاندفاع صوب مآلات غير محمود عقباها".
وكشف نشطاء لـ"
عربي21"، عن افتتاح عدد من المقرات خلال الأيام القادمة في محافظات المملكة كافة، للوقوف مع المعتقلين السياسيين، والإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام في هذه المقرّات.
وأكدوا أن "ذروة النشاط والحراك في هذه المقرّات سيكون في شهر آذار/ مارس المقبل".
وكان جهاز المخابرات العامة في الأردن، اعتقل عددا من الناشطين السياسيين والمتقاعدين العسكريين، عقب أيام من تصريحات حكومية حول رفع أسعار سلع أساسية، وفرض ضرائب على المحروقات وغيرها من السلع، بغية توفير 450 مليون دينار أردني إيرادات لخزينة الدولة.