فشلت محاولات من وفد برلمان السيسي في
مصر؛ إلى مؤتمر اتحاد البرلمانات الأعضاء في منظمة
التعاون الإسلامي، الذي عُقد في مالي الأسبوع الماضي، في إدراج جماعة
الإخوان المسلمين كمظمة إرهابية.
ورفض الوفد البرلماني
الجزائري، بشدة، طلبا من برلمان السيسي؛ طلب الوفد المصري، فيما تجاهلت وفود برلمانات تركيا ولبنان والمغرب ونيجيريا وإيران الطلب المصري.
واعتبر محللون معارضون للانقلاب الرفض الجزائري لطلب البرلمان المصري؛ هزيمة سياسية جديدة تلحق بنظام عبد الفتاح السيسي عبر محفل دولي إسلامي هام، فيما يرى آخرون موالون للنظام أن هدف السيسي هو خنق جماعة الإخوان وحظر أنشطتها ووقف تحركات أعضائها بالخارج، وأن السيسي يضع أمله الأخير لتحقيق ذلك على الإدارة الأمريكية الجديدة.
انتفاضة دفاعا عن الإخوان
وفي بيانه الختامي، رفض اتحاد البرلمانات الإسلامية في الدورة 12 المنعقدة في باماكو العاصمة المالية، الخميس 26 تشرين الثاني/ يناير، الإستجابة لطلب مندوبي البرلمان المصري بوضع جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، وجاء رفض الوفد الجزائري قاطعا تجاه الطلب المصري.
وعبر صفحته الشخصية على فيسبوك، وتحت عنوان "دفاعا عن موقف الجزائر من الإخوان المسلمين"، قال النائب الجزائري ناصر حمدادوش، عن حركة مجتمع السلم الجزائرية: "الوفد المصري حاول إدراج الإخوان المسلمين ضمن المنظمات
الإرهابية، وهو ما أثار حالة من الانتفاضة في وجهه".
وفي جلسة وصفها بالعاصفة، قال حمدادوش: "بعد أخذي الكلمة باسم الوفد الجزائري، ذكرّت الجميع بموقف دولة الجزائر رفضها إدراج الإخوان كمنظمة إرهابية، وأنه لا يمكن القبول، مطلقا ومهما تكن الظروف أو الضغوط".
وتحدث حمدادوش إلى اندهاش الوفد المصري من الرفض الجزائري، مشيرا إلى أن وفود برلمانات تركيا ولبنان والمغرب ونيجيريا وإيران توافقت في كلماتها على سحب المقترح المصري وعدم العودة للحديث عنه.
وأضاف أن الوفد المصري حاول أخذ الكلمة مرة أخرى، وطلب حصر مقترحه على "الجماعة" في مصر، إلا أن إصرار الوفد الجزائري على موقفه بالرفض المطلق كان قويا وحاسما، وفي النهاية رضخ الوفد المصري وسحب مقترحه.
سلمية الإخوان
وعلق حمدادوش بقوله: "جماعة الإخوان المسلمين رمز الوسطية والاعتدال في العالم، ولقد أصبح شعارها (سلميتنا أقوى من الرصاص) عقيدة لا يزايد عليها فيه أحد، ولولا هذه السّلمية الأسطورية لغرقت مصر في بحار من الدّم، كما وقع في بعض دول الربيع العربي".
وتابع حمدادوش أنه "بالرغم من حجم الظلم والإجرام الذي تعرّضت له الجماعة من الإنقلاب العسكري والدموي، وما يتجرّعه المنتسبون إليها من الاغتيال والاعتقال والتشريد والملاحقة، إلا أنها لا تزال ثابتة على منهجها الوسطي المعتدل؛ ولذلك لا يمكن أن نقبل بمثل هذا الظلم الذي يلاحقها في كلّ مكان".
معركة صفرية
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي المصري، قطب العربي، أن "السيسي يخوض معركة صفرية مع الإخوان؛ لأنه يراهم القوة المدنية الوحيدة أو الأقوى في مواجهة انقلابه، ولذلك فهو يستخدم كل الأسلحة لمواجهتها وقتلها معنويا إن لم يستطع قتلها ماديا".
ولفت إلى أن الانقلاب في مصر "حريص أن يحصل على موافقة دولية بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، حتى يحشد المجتمع الدولي معه، بعد أن شعر بعجزه منفردا في القضاء عليها".
وقال العربي لـ"عربي21": "السيسي يعتبر فوز دونالد ترامب هدية السماء له؛ نتيجة توجهات الرئيس الأمريكي العنصرية تجاه المسلمين وتصريحاته المتطرفة هو وأركان حكمه ضد الإخوان؛ ولذا يسعى السيسي لدفع الإدارة الأمريكية لتصنيف الجماعة إرهابية".
انتكاسات متتالية
وأضاف العربي أن "جهود السيسي في مواجهة الإخوان دوليا فاشلة حتى الآن، وذلك لمعرفة المجتمع الدولي بالجماعة، ويقينه أن السيسي حاكم منقلب عسكريا على الإرادة الشعبية التي منحت ثقتها للإخوان، وبالتالي فإن المجتمع الدولي، حتى وإن تعامل مع السيسي وحكمه كأمر واقع، إلا إنه لا يتماهى معه في كل ما يطلبه".
وأشار العربي إلى أنه قد سبق وأن رفضت لجنة التحقيق البريطانية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، "وها هو اتحاد البرلمانات الإسلامية يرفض هذا الطلب، معتبرا أن هذه المواقف تمثل "انتكاسات متتالية السيسي دوليا".
نفوذ الإخوان
أما الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، فيرى أن "عناصر القوة في جماعة الإخوان هي: القدرة علي الحشد والتمويل والعلاقات الخارجية، وأن المحدد القوي للجماعة هو الخارج، ولذا فإن النظام يسعى دائما لتوجيه الضربة لها حيث توجد نقاط القوة لديها".
وأضاف فرغلي لـ"عربي21"، أن "مصر السيسي لكي تقضي على الإخوان، ضربت حشود الجماعة وأجهضت تمويلها الداخلي، لكن بقيت قوة الجماعة في الخارج"،
متحدثا عن "وجود تأثير قوي للإخوان، بألمانيا انتقل بدوره إلى بريطانيا، ثم بدأ ينتشر في أمريكا"، حسب قوله.
وأكد فرغلي أنه رغم فشل النظام المصري في دفع بريطانيا لوسم الإخوان كجماعة إرهابية العام الماضي، إلا أنه ومع بداية 2017، بدأت تحتقق رغبة السيسي مع وصول ترامب للسلطة.
وقلل فرغلي من تأثير وحجم الدول التي رفضت الموافقة على الورقة المصرية، وقال: “رفضهم غير مؤثر؛ فتركيا موقفها معروف من النظام الحالي، وكذلك لبنان وحزب الله، أما الجزائر فلن تخسر الإخوان بالداخل، كما أن المغرب حكومتها من الإخوان"، حسب قوله.
وأضاف: "المهم لدى النظام هو موقف أمريكا المرتقب من الإخوان، حيث أن دولا كثيرة ستحذو حذوها فيما بعد"، وفق تقديره.
معركة الحصار
ويقول الصحفي والباحث بالمرصد العربي لحرية الاعلام، أحمد أبو زيد، إن "هناك إصرارا من النظام في معركته ضد جميع التيارات الثورية، وخاصة تيار الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان المسلمين، وعلى حصارها دوليا".
وأضاف أبو زيد لـ"عربي21": "لا شك أن ما حدث في مالي هو إخفاق جديد لمحاولات النظام لتجريم الإخوان، بجهد جزائري، ويؤكد فشله في هذا المحفل الإسلامي، وتقويض جهوده بمواجهة إخوان الخارج"، كما قال.
وأكد أبو زيد أن "وجود ترامب على رأس السلطة بأمريكا يشكل عامل ضغط على المسلمين، رغم أنه لم يتبين بعد هل سيتمكن ترامب من حصار الجالية الإسلامية والنشطاء الرافضين لحكم السيسي بأمريكا".
وقال: "أزعم أن جماعة الإخوان لديها القدرة على مواجهة تلك الهجمة بالتنسيق مع أجنحتها بالخارج، وإدارة النشطاء لحملات العلاقات العامة مع منظمات المجتمع المدني الأمريكي؛ لوقف تمدد توجه ترامب المتعصب"، وفق قوله.