نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للصحافي الباكستاني أحمد رشيد، يعلق فيه على التساؤلات التي طرحتها الحكومة الأفغانية، بشأن
الهجوم الذي قتل فيه عدد من الدبلوماسيين وعمال الإغاثة
الإماراتيين الشهر الماضي في
قندهار.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه قتل في الهجوم، الذي نفذته حركة
طالبان، سبعة مسؤولين أفغان، فيما جرح حاكم ولاية قندهار هومايون عزيزي، والسفير الإماراتي جمعة الكعبي، بالإضافة إلى مقتل نائب عزيزي عبد العلي الشمسي، الذي كان نجما صاعدا في السياسة.
ويعلق الكاتب قائلا إن "البلاد شهدت عمليات مدمرة في أثناء الحرب الأهلية الطويلة، إلا أن مهاجمة دبلوماسيين عرب وقتلهم يعد الحادث الأول في تاريخ الحرب، التي مضى عليها 39 عاما، ففي الماضي كانت الدول العربية صديقة لحركة طالبان، ولكنها داعمة في الوقت ذاته للحكومة في كابول".
وتكشف الصحيفة عن أنه تم تفجير قنبلة كانت مخفية في أريكة جديدة، وضعت في مكتب الحاكم الذي غير فرشه، مشيرة إلى أنها تعد من أكثر القنابل التي تستخدم في عملية اغتيال إحكاما.
ويورد المقال نقلا عن دبلوماسيين إماراتيين ومسؤولين أمنيين أفغان، قولهم إن القنبلة كانت تحتوي على ثلاثة أجزاء، انفجر كل واحد منها تلو الآخر، بحيث تأكد المنفذون من قتل الجميع، بمن فيهم المسعفون الذين جاءوا بعد الانفجار، لافتا إلى أن القنبلة أخفيت قبل أيام من الهجوم، بحيث يدل هذا على تخطيط محكم، فلم تكن القنبلة بدائية وفجرها انتحاري دخل المكان سريعا.
ويلفت رشيد إلى أن خبراء مكافحة الإرهاب الإماراتيين يقومون بالتحقيق في الانفجار، حيث يجب عليهم التأكد عما إذا كان الدبلوماسيون هم الهدف الرئيسي أم حاكم قندهار ورئيس الشرطة المكروه لدى حركة طالبان عبدول الرازق.
ويتساءل الكاتب قائلا: "السؤال هو: إذا كان الدبلوماسيون الإماراتيون هم الهدف، فمن المنفذ للهجوم إذن؟ ففي البداية أعلنت حركة طالبان عن مسؤوليتها، لكنها سارعت للشجب بعد تبين مقتل عدد من الدبلوماسيين في الهجوم، ويبدو أنهم شعروا بالخجل من القتل، بالإضافة إلى أن حركة طالبان ليست لديها القدرة على تنفيذ عمليات محكمة بهذه الطريقة، والجماعة الأخرى التي تملك التقنية هي تنظيم القاعدة أو شبكة حقاني المرتبطة بحركة طالبان في باكستان، والمسؤولتان عن عمليات رهيبة في كابول".
وتنوه الصحيفة إلى أن هناك من المسؤولين المحليين من يشير بإصبع الاتهام إلى إيران، التي تعد خصما للإمارات.
ويعلق رشيد قائلا إن "الإمارات العربية المتحدة هي بلد صغير، لا يتجاوز عدد سكانه المليون نسمة من المواطنين الأصليين، وستة ملايين من الوافدين، ولهذا يعرف الإماراتيون شخصا يعرف شخصا يعرف أحد الضحايا، وقيل لي إن عم شابة حضرت محاضرتي في كابول كان من بين القتلى".
ويضيف الكاتب: "لا يعرف الكثير من الإماراتيين الشباب أن بلادهم قامت عام 1996، إلى جانب عدد من دول الخليج، بالاعتراف بحكومة طالبان، وظلت العلاقة بينهما قوية حتى هجمات 11/ 9، وسمحت دول الخليج لحركة طالبان بالقيام بجمع المال، وغضت الطرف عن تدفق السلاح والذخيرة عبر موانئها؛ لدعم الحركة عبر شبكات الإمداد في باكستان".
ويتابع رشيد قائلا إن "عمليات تجارة المخدرات وغسيل الأموال انتعشت، واشترى بعض أفراد حركة طالبان عقارات في الإمارات العربية، واشترك العرب وحركة طالبان بعنصر مهم، وهو كراهية الشيعة في إيران، إلا أن الإمارات العربية المتحدة غيرت موقفها بعد هجمات 11/ 9 ضد الولايات المتحدة، وبدأت حملة ملاحقة وقمع ضد المتطرفين، وراقبت عناصر حركة طالبان في داخل أراضيها، وتأكدت من عدم وصول أي دعم منهم للحركة في أفغانستان، وكانت أول دولة عربية ترسل قوات للمشاركة في مهام الناتو في أفغانستان بعد الهجمات، وعادت القوات الإماراتية العام الماضي في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة دعم مشاريع الإغاثة".
ويفيد الكاتب بأن "السياسة الإماراتية الخارجية تمر بمرحلة من المراجعة والتعديل، فهي وإن كانت قريبة بشكل موثوق من باكستان، إلا أنها تحاول التقرب من منافستها الهند، وتم استقبال ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد مثل نجم سينمائي، عندما حضر بصفته ضيف شرف استعراض يوم الجمهورية الهندية في 26 كانون الثاني/ يناير".
وينقل المقال عن مسؤول إماراتي كبير، قوله إن مراجعة استراتيجية الحوار مع الهند هي من أجل مراجعة الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة، مستدركا بأنه رغم تبعية الإمارات للسياسة الخارجية الأمريكية في الخليج، إلا انها بدأت بالتحاور مع أعدائها القدامى، مثل تركيا وروسيا.
وتذكر الصحيفة أن الغرب يطالب الإماراتيين بتنظيف النظام المصرفي؛ لمنع غسيل الأموال وتمويل المخدرات، حيث يقول المسؤولون إنهم يتحركون على هذه الجبهة.
ويخلص رشيد إلى القول: "بغض النظر عن الكشف عن الفاعلين الذين نفذوا التفجير الذي قتل الدبلوماسيين، فإن لدى الإمارات الكثير لتقوم به ضد المتطرفين في المنطقة، حيث قطعت الدول العربية شوطا منذ الأيام الزاهرة في التسعينيات، التي كانت فيها الجماعات المتشددة، التي اجتمعت في كابول، تستطيع الحصول على الخدمات المصرفية والإمدادات من الخليج، وأظهر هجوم قندهار مدى قرب الإرهاب".