استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018، أطلقت اللجنة المركزية لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي (أحد أحزاب
اليسار المصري) مبادرة "مصر 2018"، لبدء حوار سياسي ومجتمعي عام يطرح برامج وسياسات بديلة للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأوضح – في بيان له الجمعة- أن هذه المبادرة ستشارك القوى التي وصفها بالديمقراطية في بلورتها، "لتفتح للشعب باب الأمل في تغيير ديمقراطي سلمي، مصري الهوى والهوية، يجنب مصر مخاطر الفوضى والانفجارات العشوائية، ويمكن الناس من مواجهة كل صور الإرهاب والإفقار والاستبداد".
وهذه هي المبادرة الثانية التي يتم إطلاقها بشكل رسمي استعدادا لانتخابات
الرئاسة بمصر التي ستُجرى في حزيران/ يونيو 2018، وذلك بعد مبادرة الفريق الرئاسي التي أطلقها عالم الفضاء المصري عصام حجي، والتي وصفها بأنها مبادرة مصرية سلمية مفتوحة للجميع وتطرح مشروعا رئاسيا قوامه التعليم ونشر روح التسامح ووقف حالتي الانهيار الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي.
وتنطلق مبادرة مركزية التحالف الشعبي من عدة مبادئ، على رأسها رفض السياسات الراهنة التي تلخصت ملامحها الأساسية في الانحياز لمصالح صفوة من رجال الأعمال والمستثمرين على حساب أغلبية الشعب من العمال والفلاحين والموظفين والمهنيين والرأسمالية المنتجة.
وأشار إلى تجاهل النظام المصري للطاقات الإنتاجية للاقتصاد باستمرار إغلاق آلاف المصانع وإغلاق المزيد منها كل يوم، مع التوجه إلى مشروعات استنزف بعضها موارد هائلة، رغم تراجع أهميتها من حيث الجدوى أو على سلم الأولويات، مع موجة غير مسبوقة من الغلاء يئن من وطأتها أغلبية الشعب، وهبوط متواصل لفئات جديدة تحت خط الفقر.
وقال: "مصر لا تواجه أزمة فقر، بل أزمة في توزيع الثروة والأعباء وإدارة الموارد وانحيازات الرؤية، وأزمة في التبعية للخارج ومؤسسات التمويل الدولية والشركات الاحتكارية والانصراف عن تعظيم مواردنا وقدراتنا الذاتية".
ومن المبادىء التي تنطلق منها المبادرة أيضا، استخدام مواجهة الإرهاب كذريعة للعصف بالحريات، وهي نفس السياسات التي أكد الحزب أنها فرضت قيودا مشددة على الحريات بذريعة مكافحة الإرهاب.
وتابع: "رغم تأكيد القوى الديمقراطية المستمر أن العدل والحرية والتنمية المتكافئة وحقوق المواطنة المتساوية واحترام القانون وتضييق دوائر الاشتباه ومنطق التجريدة والعقوبات الجماعية، هي أسلحتنا في مواجهة الإرهاب، وهي لازمة مع المواجهة الأمنية وضمانة لها، بل هي أفضل وسيلة لتجفيف ينابيع الإرهاب، وأفضل رسالة تكريم لأرواح شهداء الوطن الذين ارتفعت إلى السماء وهم يرفعون السلاح في وجه أعداء الوطن والشعب".
وذكر أن "إدارة الدولة بمنطق الصوت الواحد أفضت إلى إغلاق المجال العام ورئات النشاط المستقل، وإصدار تشريعات غير دستورية مقيدة للحريات وازدحام السجون بالشباب من أصحاب الرأي، والخلط بين حملة الآراء وحملة المولوتوف، وتجاهل مطلب إصدار قانون العفو العام الشامل عن سجناء الرأي، وإهدار مبدأ توازن السلطات بالعمل على هيمنة عناصر الموالاة على كل المجالات السياسية والتشريعية والنقابية والمهنية".
ونوه إلى أن السياسات الحالية أفضت إلى تنازلات "مهمة" في مواجهة مشاريع الهيمنة السياسية والاقتصادية على نحو ما جرى في اتفاقية تيران وصنافير التي وصفها بالمنعدمة، والتي "غيبت مئات الشباب خلف القضبان، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بالمخالفة لأحكام الدستور، والدعوة إلى توسيع كامب ديفيد وتدفئة العلاقة مع إسرائيل، والتعتيم المرتبط بسد النهضة وتراجع الإدارة المصرية عن مواجهة عدوانية السياسة الإسرائيلية".
وقال حزب التحالف: "نتقدم بهذه المبادرة لكل القوى والفاعليات الديمقراطية التي تنطلق من حاجة مصر إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي ودولة تقوم على مبادئ العدل والكرامة والحرية وترفض الإقصاء والاستبداد والإرهاب والطائفية وكل أشكال التكفير والاستخدام السياسي للدين ومقايضة الأمن بالحرية، فالشعب الحر المنظم يملك هزيمة الإرهاب".
وأضاف: "لا نعتبر هذه المبادرة حصرية، فهي ملك من يتبناها ويتبنى مبادئها، وهو يعد برنامجا للإنقاذ الوطني سوف يعرضه عليها ويطوره من خلال فاعلياتها التي تناقش كل الرؤى والاتجاهات مع سعي متواصل للتوافق على مشتركات لا تتناقض مع استقلالية كل أطرافها فيما تريد التركيز عليه".
ورأى أن "تُجرى بلورة السياسات والبرامج البديلة من خلال ندوات ومؤتمرات تداولية بين الأحزاب التي تقبل بمبادئها"، مؤكدا أن فرص نجاحها ترتبط بتحررها من الطابع النخبوي والقاهري والمديني بتوجهها إلى أصحاب المصلحة والترحيب بمشاركتهم كفاعلين وليسوا متلقين، وتوجهها إلى المحافظات المختلفة وإلى الريف المصري، عبر دوائر متنوعة، بعمل مشترك".
وشدّد على أن "مصر في حاجة إلى طاقات كل أبنائها، والسياسات البديلة ليست مجرد مشروع فكري وسياسي، بل جماهير واعية ومقتنعة بها، ودونها تعجز برامج بين دفتي كتاب على تغيير الواقع".
واختتم بقولها: "مع الإقرار بحق كل من يبادر بترشيح نفسه في أي وقت يراه، فإن المبادرة لن تبدأ بطرح اسم مرشح، بل ستقتصر في مراحلها الأولى على البرامج والسياسات والضرورات والأولويات، وفي مراحل لاحقة ومع بلورة توجهاتها وإنضاج قواها سوف تسعى إلى مرشح توافقي يتبنى برنامجها دون أن تصادر حق أي طرف في ممارسة حقوقه الديمقراطية".