نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، حوارا مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، على هامش مؤتمر الأمن بميونخ، حيث رأى أن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب ليس شخصا مجنونا، كما يعتقد الجميع، وأنه لا يستهدف
المسلمين بشكل خاص، معبرا عن ثقته بسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في ما يخص قضايا الشرق الأوسط.
وقال الجبير في هذا الحوار، الذي ترجمته "
عربي21"، إن السعوديين متفائلون ويتوقعون تعاونا أكثر من ذي قبل مع الإدارة الأمريكية الجديدة؛ نظرا لأن ترامب يعد رجلا واقعيا وليس مجنونا يخضع لإيديولوجيا معينة. ورأى الجبير أن فريق إدارة ترامب، بما في ذلك وزير الخارجية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، يتميزون جميعهم بالخبرة والبراعة، كما قال للصحيفة الألمانية.
وأضاف الجبير أن ترامب سبق أن أعلن أن الولايات المتحدة، في ظل قيادته، ستلعب دورا محوريا في العالم. كما أعرب ترامب عن رغبته في محاربة تنظيم الدولة وتسليط المزيد من الضغوط على إيران. وفي الأثناء، تعتبر هذه المحاور أهدافا مشتركة بين واشنطن والرياض، وفق الجبير.
وتساءلت الصحيفة حول المخاوف التي تراود الكثيرين حول اندلاع مواجهات عسكرية بسبب التدخل الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط في عهد ترامب، إلا أن الجبير اعتبر أن احتمال وقوع ذلك غير وارد.
وفي هذا الإطار، أشار الجبير إلى الأحداث التي وقعت في حقبة الرئيس الأسبق، رونالد ريغن، في فترة الثمانينات، حيث كان العالم، وخاصة القارة الأوروبية، يخشى من نشوب حرب نووية شاملة. في المقابل، نجح ريغان في منع توسع الاتحاد السوفييتي، وقام بتوقيع اتفاقية مع موسكو للحد من التسلح. وبذلك، أثبت ريغان خطأ كل التوقعات المتشائمة، ويبدو أن التاريخ سيعيد نفسه في فترة ولاية دونالد ترامب، وفق تقديره.
وأفاد الجبير، حين سئل عن سياسة دونالد ترامب مع المسلمين، خاصة إثر أول قرار يتخذه بعد تسلمه للرئاسة الذي قضى بمنع القادمين من سبع دول إسلامية من الدخول للبلاد، وهو أمر ربما يثير قلق السعوديين، أن هذا القرار لم يكن موجها ضد
السعودية، في حين أن تلك الإجراءات تم تعليقها بشكل سريع. علاوة على ذلك، تحترم المملكة العربية السعودية حق واشنطن في مراقبة من يدخل أراضيها، وتؤيد سعيها لتحقيق الأمن في كامل الولايات المتحدة.
إقرأ أيضا: هكذا ردت السعودية على دعوات إيران للحوار المباشر معها
وفي السياق نفسه، أورد الجبير، ردا على ما اعتبرته الصحيفة محاكمة جماعية للمسلمين من خلال قرار حظر المسلمين، أن الرئيس الأمريكي أكد أن قرار المنع لم يكن موجها ضد المسلمين بل ضد الدول التي تشهد انفلاتا أمنيا تعجز عن التصدي له والسيطرة عليه.
وفيما يتعلق باستفسار الصحيفة حول استغلال ترامب لمشاعر العداء للإسلام لتحقيق مصالحه في الحملة الانتخابية، صرح الجبير أن "السعوديين بالطبع يشعرون بالقلق عندما يتم التعامل مع الإسلام على أنه مصدر للإرهاب العالمي، لأن الإسلام في الحقيقة دين سلام. خلافا لذلك، هناك أقلية ضالة تستعمل هذا الدين ذريعة لممارسة العنف، لذلك من الظلم أن تكون هناك محاكمة جماعية للمسلمين"، كما قال.
وفي هذا الصدد، قال الجبير إن "بعض الدول على غرار ليبيا والصومال، التي تفتقر لوجود حكومة وأجهزة للدولة، تجعل من الصعب على واشنطن أن تثق بها؛ نظرا لأنها عاجزة عن مراقبة المسافرين في اتجاه الولايات المتحدة. أما إيران فهي أكبر داعم للإرهاب في العالم، وبالتالي يجب أن نتفهم دوافع الإدارة الأمريكية لفرض المزيد من الرقابة عليها".
إقرأ أيضا: السعودية وتركيا وإيران وإسرائيل على المنصة ذاتها بـ"ميونخ"
وردا على أسئلة الصحيفة حول العلاقات الإيرانية الأمريكية، اعتبر الجبير أن خطاب ترامب المتشدد تجاه إيران "تغيير مرحب به؛ لأن النظام الإيراني لطالما نجى بأفعاله منذ سنة 1979، والآن، من الضروري أن تدرك طهران أنها يجب أن تدفع ثمن ما تقوم به من تجاوزات في المنطقة، على غرار تدخلها في الصراعات القائمة في دول الجوار وعدم احترام القانون الدولي".
وحول الدور الإيراني في سوريا ونجاح طهران في ضمان بقاء نظام بشار الأسد، أكد الجبير أن "الوضع الحالي غير مقبول بتاتا؛ نظرا لأن الأسد يعتبر مسؤولا عن مقتل ما لا يقل عن 600 ألف شخص، وبالتالي من الضروري تفعيل عملية تحول سياسية جذرية والدخول في فترة انتقالية. إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر".
ورأى الجبير أن "نظام بشار الأسد لم يستعد قوته، بل إن المليشيات الشيعية الأجنبية، خاصة الإيرانية وحزب الله، هي التي تقاتل على الميدان، ولا يمكن لرئيس أي دولة البقاء في السلطة بالاعتماد على قوات أجنبية ودعم إيران وروسيا".
وتساءلت الصحيفة حول الدور السعودي في اليمن وتواصل الحرب. وفي هذا الصدد، أوضح الجبير أن "الرياض لم تختر هذه المعركة، بل حاولت في البداية حث اليمنيين على السعي لتحقيق انتقال سياسي، إلا أن الحوثيين حاولوا الانقضاض على السلطة بمساعدة إيران، ولذلك قامت الرياض بالتدخل لحماية الحكومة الشرعية". وفي الأثناء، دعا الجبير الحوثيين إلى المشاركة في حكومة جديدة من أجل إيقاف سفك الدماء، عوضا عن محاولة انتزاع الحكم بالقوة.