لا تزال قضية
المساواة في الأجور بين الجنسين تطفو على سطح الجدل بين الحين والآخر مع فشل الحكومات وشركات القطاع الخاص حول العالم في حلها جذريا حتى في البلدان المتقدمة.
وأخيرا، شهد البرلمان البريطاني جدلا أثارته لجنة المرأة والمساواة، جراء ما وصفته بـ"فشل الحكومة في ردم فجوة الأجور بين الرجل والمرأة".
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فإن المرأة البريطانية تعاني من قلة راتبها مقارنة بما يتقاضاه الرجل هناك.
وقالت الحكومة البريطانية إنها ملتزمة بحمل المشكلة، لكن سياستها تستهدف إحداث توازن بين حاجات الموظفين والشركات على حد سواء".
ولا يختلف الوضع عربيا بخصوص الأجور، إذ تتقاضى المرأة في مصر على سبيل المثال، في المتوسط، 76 في المائة فقط من الأجر الذي يتقاضاه الرجل في القطاع الخاص و86 في المائة في القطاع العام، وتقدر نسبة البطالة بين
النساء بنحو 19 في المائة، مقارنة بنسبة 5 في المائة بين
الرجال، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية.
مديرة اتحاد المرأة الأردنية، نادية شمروخ، قالت من جانبها إن المساواة من حيث المبدأ حق لكل البشر، في الحقوق والواجبات، وفي كافة الميادين، لا سيما الأجور.
ولفت إلى أن قانون العمل في الأردن لا يميز بين الرجل والمرأة، غير أن عوامل أخرى قد تفرض تميز أجر الرجل عن المرأة، من قبيل نوع المهنة، إذا تقبل المرأة العاملة في قطاع التعليم أجرا أقل في المدارس الخاصة، في حين يستنكف الرجل.
كما لفتت إلى أن إتاحة الفرصة للطرفين للحصول على كفاءة متساوية تلعب دورا، فأغلب الرجال بحسب ما قالت شمروخ لـ"
عربي21"، يتاح لهم إكمال دراستهم العليا، في حين لا يتاح ذلك دوما للمرأة، الأمر الذي يفرز تمايزا في الأجور.
وأضافت أن التقصير الرسمي من طرف الدولة أيضا يجبر بعض النساء على ترك العمل، من قبيل شبكة المواصلات العامة، أو حضانات الأطفال، الأمر الذي يجعل المرأة طرفا أضعف في العمل وبالتالي قبولها براتب أقل.
وتنص المادة الثانية من اتفاقية المساواة في الأجور لمنظمة العمل الدولية أن على كل عضو (في الاتفاقية) أن يعمل، بوسائل توائم الطرق المعمول بها لديه في تحديد معدلات الأجور، مثل جعل تطبيق مبدأ مساواة العمال والعاملات في الأجر عند تساوي قيمة العمل يعم جميع العاملين، وأن يكفل التطبيق حدود عدم تعارضه مع تلك الطرق.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن 60 في المائة من الاقتصادات ليس لديها قوانين تُلزِم عدم التمييز بين الجنسين في التوظيف والمساواة في الأجور.
وأن هذه القوانين هي أكثر شيوعا في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل المرتفع، تليها الاقتصادات في أوروبا وآسيا الوسطى.
مدير المرصد العمالي في الأردن، أحمد عوض، قال لـ"
عربي21" إن المساواة بالأجور أحد معايير العمل المرضي والعادل واللائق، عندما تتساوى الأعمال، وإذا تساوت المؤهلات وطبيعة العمل.
ولفت إلى أنها مشكلة عالمية حيث أن معدلات الأجور في المتوسط الحسابي عند الذكور أعلى منها لدى النساء، لعدة أسباب منها أن المرأة أكثر انسحابا من سوق العمل، ولكون الأجر يرتفع مع ازدياد مدة العمل واكتساب الخبرة.
وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، قال عوض إن أصحاب العمل يقدرون أجر الرجل بشكل أعلى من أجر المرأة بسبب الانطباع.
ويضاف إلى ذلك ما وصفه بـ"العمل الجبري" حين تضيق الخيارات على المرأة، وتضطر للقبول بالوظيفية وشروطها، وضعف قدرتها على تغيير وظيفتها بسهولة، إلى جانب الضعف الحكومي الرسمي في إنفاذ القوانين.
ولفت إلى أن نسبة البطالة بين الإناث في الأردن 26 بالمائة، بينما الفجوة في الأجور تقارب (75 دولار) مع أن الإناث يشكلن ربع سوق العمل، أما في الإدارات العليا فالوضع مختلف حيث رواتب النساء أعلى من الرجال بسبب تميزهن الذي أوصلهن إلى هذه المناصب، بحسب تعبيره.
المادة الثالثة من اتفاقية المساواة في الأجور لمنظمة العمل الدولية، تنص على أنه لا يعتبر مخالفة لمبدأ مساواة العمال والعاملات في الأجر إن تساوت قيمة العمل إذا ترتبت فروق في العمل دونما اعتبار للجنس.
أستاذ الحديث النبوي وعلومه في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، الدكتور شرف القضاة، قال إنه لا مبرر شرعا لزيادة أجر الرجل إذا تساوت طبيعة العمل والمؤهلات، وإن التعذر بأن الميراث يعطي في حالات خاصة الرجل أكثر من المرأة لا يصح.
وعن ولاية الرجل وتكلفه بالإنفاق، لفت القضاة لـ"
عربي21" إلى أن ولاية الرجل لا تعطي مبررا لتمايز الأجر، وأضاف أنه يمكن حل هذه المشكلة بصرف علاوات لمن لديه أطفال يعيلهم أو مسؤوليات بالإنفاق، سواء رجلا كان أم امرأة.