نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، أعده غلين كيسلر وميشيل بي هي لي، تتساءل فيه: هل قال الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب الحقيقة في خطابه الذي ألقاه أمام
الكونغرس يوم الثلاثاء، أم أنه خلط الحابل بالنابل؟
ويقارن الكاتبان خمس قضايا تحدث عنها ترامب بالواقع الحقيقي، ويقولان إن الرئيس ترامب كرر مزاعمه، التي لا تقوم على أساس، ولم يقل جديدا، مشيرين إلى أن الرؤساء الأمريكيين عادة ما يلتزمون الحذر في
خطابات حالة الأمة، حيث قادت "16 كلمة" في خطاب جورج دبليو بوش عن حالة الأمة، التي زعم فيها دون دليل، أن نظام صدام حسين حاول الحصول على اليورانيوم من النيجر، إلى اضطرابات داخل الإدارة، وإدانة مسؤول كبير فيها.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن خطاب ترامب أمام الكونغرس كان متميزا؛ لأنه امتلأ بالكثير من المعلومات غير الدقيقة، مؤكدا أن معظم ما جاء في خطابه أمور قديمة، التي يرددها الرئيس في مناسبة وغير مناسبة، ومنها حديثه عن "تجفيف المستنقع" في واشنطن، ومنع جماعات اللوبي.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "الرئيس وقع فعلا على أمر تنفيذي يمنع فيه مسؤولي الإدارة من القيام بمهام اللوبي نيابة عن الحكومات الأجنبية، إلا أن الحظر لمدة خمسة أعوام على اللوبي لم يتم الإعلان عنه على نطاق واسع، ووعد ترامب بتوسيع نطاق المنع على المسؤولين في الكونغرس، إلا أنه لم يفعل، بالإضافة إلى أن المنع لمدة خمسة أعوام ينطبق فقط على منع المسؤول من محاولة الضغط على وزارته أو مؤسسته السابقة التي عمل فيها، وليس منعه من أن يعمل مع جماعات الضغط، وقام ترامب بتخفيف لغة منع سابق أمرت به إدارتا باراك أوباما وجورج دبليو بوش".
ويشير الكاتبان إلى أن من المعلومات غير الدقيقة التي وردت في خطاب ترامب، قوله: "لقد قمنا بحماية حدود الدول الأخرى، وتركنا أبواب حدودنا مفتوحة للجميع.. ولتتدفق المخدرات بمستويات غير مسبوقة".
ويعلق التقرير قائلا إن "المخدرات التي تتم مصادرتها على الحدود قليلة اليوم، وهو ما يعكس تداولها في الولايات المتحدة، حيث شرعت عدد من الولايات استخدام الماريجوانا وغيرها لأغراض طبية، ففي عام 2016 تمت مصادرة 1.3 مليون باوند من الماريجوانا، وهو أقل من 1.5 مليون باوند في عام 2015. وهي أقل من 4 ملايين باوند في وقت الذروة عام 2009، والأمر ذاته ينسحب على الكوكايين، الذي تراجعت نسبة مصادرته إلى النصف في عام 2016، أما بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين فقد قل عددهم بنسب كبيرة عام 2015، وهي الأقل منذ عام 1972، باستثناء عام 2011".
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب كرر مزاعم غير صحيحة حول الصناعة، حيث قال: "منذ انتخابي أعلنت (فورد) و(فيات- كريسلر) و(جنرال موتورز) و(سبرنت) و(سوفت بانك) و(لوكهيد) و(إنتل) و(ولمارت) وغيرها الكثير عن خطط لاستثمار المليارات في الولايات المتحدة، بشكل سيخلق آلاف الوظائف الجديدة للأمريكيين".
ويقول الكاتبان: "مرة أخرى يدعي ترامب انتصارات في قرارات اتخذت قبل انتخابه، حيث قررت (فورد) التخلي عن خطط لافتتاح مصنع إنتاج لها في المكسيك مقابل التوسع في ميتشغان، بالإضافة أن له علاقة بخطط الشركة طويلة الأمد، خاصة خططها للاستثمار في السيارات الكهربائية، حيث قال مدير شركة (فيات- كريسلر) إن قرار شركته التوسع في ميتشغان كان محل نقاش منذ أكثر من عام، وأعلنت الشركة اليابانية (سوفت بانك) عن استثمار 100 مليار في التكنولوجيا قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات، حيث كانت حظوظ ترامب للفوز قليلة".
ويفيد التقرير بأن ترامب زعم أن إدارته "وفرت على دافعي الضرائب ملايين الدولارات، عندما خفضت سعر الموديل الجديد من المقاتلة (أف-35)، وسنوفر المليارات من الدولارات في عقود أخرى لحكومتنا"، مشيرا إلى أن ترامب ينسب لنفسه أمرا ليس من حقه، فالبنتاغون بدأ برنامج تخفيض كلفة "أف-35" إلى 600 مليون دولار قبل أن يبدأ ترامب بمقابلة مسؤولي شركة "لوكهيد مارتن".
وتذكر الصحيفة أن ترامب زعم أن إدارته قامت بفتح الباب أمام مشروع "كيستون" وأنابيب النفط في "داكتوتا"، وقال: "وبهذا خلقنا آلاف فرص العمل، وأصدرت أمرا بأن تتم صناعة الأنابيب في أمريكا".
ويعلق الكاتبان قائلين إن "الرئيس يخلط بين (كيستون إكس أل) وعدد العاملين فيه 28 ألفا، وخط أنابيب (داكتوتا) وعدد العاملين فيه 12 ألفا، وبناء على هذه المقارنة، فإن عدد الوظائف ليس كبيرا، وبالنسبة للأنابيب فإن شركة الفولاذ الوحيدة في إركنساس هي مملوكة من الهند، وهي القادرة على تصنيع الأنابيب وجلبها من الهند".
ويورد التقرير أن ترامب قال عن محاربة الجريمة: "ونحن نتحدث الآن نقوم بملاحقة عناصر العصابات وبائعي المخدرات والمجرمين، الذين يهددون مجتمعاتنا، ويعتدون على مواطني بلادنا، وسيتم فضح الأشرار، كما وعدت خلال الحملة الانتخابية".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "ترامب كان يشير إلى عمليات اعتقال المهاجرين غير الشرعيين، الذين أدينوا بجرائم، ووصفهم بـ(الأشرار)، وفي الحقيقة فإن هذه الاعتقالات روتينية، وتقوم سلطة الجمارك والهجرة بملاحقة المجرمين الخطيرين، بصفتها أولوية من أولويات عملها، بالإضافة إلى أن معظم الاعتقالات الأخيرة لا ينطبق عليها المعيار الذي اتبعته إدارة أوباما، ونسبة 25% من الاعتقالات، التي حظيت بعناوين الأخبار في شهر شباط/ فبراير الحالي، اعتقلوا باتهامات لا علاقة لها بالجريمة، وبحسب تقارير شفوية، فإنه تم اعتقال مهاجرين غير شرعيين لمخالفات مرورية".
ويجد الكاتبان أن "ترامب عندما يتحدث عن قوانين الهجرة، وأثرها على الأجور، ومساعدة العاطلين عن العمل، وتوفير المليارات، وجعل مجتمعاتنا آمنة، فإنه يبالغ في الأثر الذي ستتركه الهجرة غير الشرعية على الجريمة ودافعي الضريبة والمال والوظائف".
وبحسب التقرير، فإن ترامب زعم قائلا: "أنفقت أمريكا حوالي ستة تريليونات دولار في الشرق الأوسط، في الوقت الذي كانت فيه البنية التحتية لبلدنا تتداعى، وبهذه التريليونات الستة كان بإمكاننا بناء البلد مرتين".
وتبين الصحيفة أن "ترامب عادة ما يتحدث بطريقة مضللة وغير دقيقة بأن الولايات المتحدة أنفقت هذا المبلغ على الحروب في الشرق الأوسط، فالحروب في العراق وأفغانستان كلفت 1.6 تريليون دولار، وفي الفترة ما بين 2001 إلى 2014".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن ترامب يزعم أن هذه الأموال كان يمكن استخدامها في إعمار البنية التحتية، وظل أوباما يناشد في فترة حكمه الحزب الجمهوري دعم مشاريع كهذه، وإصدار قانون، لكنه لم يحصل على دعم منه.