ثار جدل في مصر، خلال الساعات الأخيرة، حول حقيقة رضوخ الكاتب الصحفي، رئيس تحرير جريدة "المقال"، إبراهيم عيسى، للمخابرات المصرية، وقبوله العمل عبر فضائية "DMC" المملوكة لها، وحرصه على إظهار استمرار تأييده لرئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، وذلك في أعقاب التحقيق معه، أمام النيابة العامة، بتهمة إهانة "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، ونشر أخبار كاذبة.
وقررت نيابة استئناف القاهرة، مساء الأحد، إخلاء سبيل عيسى، بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، عبارة عن 5 آلاف في البلاغ الأول، الذي يتهمه بإهانة البرلمان، والتشكيك فيه أمام الرأي العام المصري، و5 آلاف جنيه، في البلاغ الثاني، الذي يتهمه بنشر أخبار كاذبة، والتحريض على الفتنة الطائفية، المقدمين من رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، والمحامي سمير صبري، على التوالي.
وأمام النيابة، نفى عيسى الاتهامات الموجهة إليه قائلا إنه لم يتعمد إهانة أي من أعضاء البرلمان، وإنه لا يوجد قصد على الإطلاق بشأن إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ونفى أيضا نشر أي أخبار كاذبة، وأكد أن الدستور كفل حرية الرأي والصحافة، وأن عناوين جريدة "المقال"، (محل الاتهام)، لها طابع خاص في الكتابة لإبراز المعنى، ولم يكن القصد منها الإهانة أو تكدير السلم العام، وفق قوله.
وفي حوار لموقع "مصراوي"، عقب التحقيق معه، لوحظ ميل عيسى إلى التهدئة والملاينة، حيث رفض في البداية الإدلاء بأي تصريحات صحفية، قبل أن يعلق باقتضاب، قائلا: "الكلمة الوحيدة التي لابد أن نقولها جميعا هي أننا مؤمنون بحرية الصحافة، وعازمون ومتأكدون أنها السبيل الوحيد لتقدم هذا الوطن".
وأردف: "ونتمسك بما جاء في دستورنا بحرية الرأي والتعبير، ومؤمنون بأن هذه البلد لن تتقدم، ولن تقوم ولن تتطور إلا باحترامنا جميعا اختلاف الرأي بيننا"، بحسب قوله.
احتمال حبسه قائم بقوة
وفي تصريحات نقلها موقع "مصر العربية"، توقع المحامي الحقوقي، أحد فريق الدفاع، نجاد البرعي، أنه وفقا للاتهامات الموجهة لإبراهيم عيسى، فإنه سيحال للمحاكمة.
ومؤيدا لذلك، قال المحامي الحقوقي، وأحد فريق الدفاع، أيضا، ناصر أمين، إنه يمكن توقيع عقوبة الحبس على إبراهيم عيسى وفقا لمواد قانون العقوبات التي حُقق معه على أساسها، والتي تتضمن الحبس على جرائم النشر.
وأشار إلى أن خروجه بكفالة يعني وجود قضية مكتملة الأركان بمفهوم القانون، موضحا أن هناك خيارين أمام النيابة الآن: إما الإحالة للمحاكمة، أو عدم إحالة القضية، بدعوى عدم وجود أدلة أو انتفاء التهمة، ووفق وصفه.
هل ينضم لقناة المخابرات؟
وتعليقا على تلك التطورات، قال عضو الحملة الرئاسة السابق للسيسي، الناشط السياسي، حازم عبد العظيم، عبر حسابه بموقع "تويتر": "شائعة عن انضمام إبراهيم عيسى لقناة DMC المخابراتية"، معلقا: "سيخسر عيسى كثيرا لو كان هذا صحيحا، فهو انتحار سياسي، وستنتهي تماما مصداقيته".
اقرأ أيضا : التحقيق مع إبراهيم عيسى يضرب قلوب إعلاميي السيسي ونوابه
وكان عبد العظيم أعلن تضامنه مع عيسى، قائلا إنه بخصوص التحقيق معه ضد ما قاله عن تدخل أجهزة السيسي في تشكيل البرلمان، يمكنه الاستعانة بشهادتي الموثقة والمنشورة، مشيرا لشهادته التي نشرها في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، عن تدخل أجهزة الدولة في العملية الانتخابية.
وغير بعيد، رأى الكاتب الصحفي وائل قنديل، أن "من حقك، بل من واجبك، أن تضع صورة محمود حسين، صحافي "الجزيرة"، الأسير في زنزانة انفرادية في واحد من سجون نظام السيسي، تاركا تسعة من الأبناء يواجهون جحيما مجتمعيا مخيفا، في مواجهة مشاهد زفة "القائد إبراهيم" عيسى، والموكب الضخم الذي رافقه إلى النيابة، وعاد به، منتشيا، مجللا بإخلاء سبيل، قد ينطلق منه إلى مقعد بارز في تلك الفضائية الجديدة، إن صحت أنباء ترشيحه للعمل بقناة المخابرات الجديدة".
وأضاف قنديل، في مقاله بجريدة "العربي الجديد"، تحت عنوان: "زفة القائد إبراهيم عيسى"، أنه لا غضاضة في التضامن مع إبراهيم عيسى، أول بلكونة تلفزيونية أطل منها عبد الفتاح السيسي على الجمهور، وهو يخضع للتحقيق أمام سلطات السيسي القضائية، حتى وإن كان عيسى، مثل كثيرين غيره، لم يحرّكوا ساكنا، وهم يرون الظلم يدهس عشرات من السياسيين والإعلاميين، من المختلفين أيديولوجيا وفكريا.
اقرأ أيضا : إبراهيم عيسى يتحدى السيسي بهذا الاتهام.. ويبرئ مرسي منه
ومن جهتها، استخدمت الكاتبة والإعلامية، ياسمين الخطيب، لفظا خادشا للحياء في محاولة منها لتشبيه العلاقة بين نظام السيسي وإبراهيم عيسى، إذ شبهت تلك العلاقة برجل أراد أن يعاقب زوجته، فقام ببتر عضوه الذكري.
وقالت، في تدوينة عبر "فيسبوك": "يُحكى أن رجلا أراد أن يعاقب زوجته، فقام ببتر عضوه الذكري". وعلقت: "هذا بالضبط ما فعله النظام مع إبراهيم عيسى".
وتابعت: "كان إيقاف برنامج إبراهيم عيسى بمثابة عقاب وإقصاء كافيين وافيين له، ولكن النظام (صغر مخه) فتمادى، وسعى لإغلاق جريدته. والجريدة، كما يعلم قراؤها، لا توزع إلا بضعة آلاف من النسخ، لا يقرؤها العوام، وإنما خواص الخواص، ووجودها لم يكن ليؤثر - ببصلة - على رأي رجل الشارع العادي، أو - اسم الله - يحرضه على ثورة".
وأضافت: "الحقيقة أن إبراهيم عيسى نفسه، فقد الكثير من شعبيته بين صفوف المعارضة بعد شهادته إياها، (تقصد شهادته لصالح مبارك في المحكمة)، ولكن النظام بغبائه أهدى له دور البطولة من جديد، ولفت الأنظار للجريدة.. موشكريـن"، بحسب تعبيرها.
ومن جهتها، رأت الكاتبة الموالية للسيسي، سكينة فؤاد، أن إبراهيم عيسى كان أحد أعمدة 30 يونيو، قائلة: "لا ننسى أنه كان من أهم الأقلام التي هاجمت الإخوان، وصنعت المشهد في 30 يونيو"، على حد وصفها.