ذكرت مصادر صحفية تركية أن الحكومة التركية خفضت مستوى مياه نهر
الفرات المتدفقة إلى الأراضي السورية خلال الأيام الأخيرة الماضية، ما أدى بحسب المصادر ذاتها إلى توقف عمل محطات توليد الطاقة الكهربائية في سد تشرين شمال شرق
سوريا، الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل
الوحدات الكردية عمودها الفقري.
وعلى الصعيد ذاته، اعتبرت المصادر أن لجوء
تركيا لهذه الخطوة، يأتي كورقة ضغط ضد الوحدات الكردية التي ترفض الانسحاب من مدينة منبج، على اعتبار أن السد يزود غالبية المناطق الخاضعة لسيطرتها بالمياه والكهرباء، بينما ذهبت مصادر أخرى إلى قراءة استخدام تركيا لهذه الورقة في هذا الوقت تحديدا؛ على أنها رسالة للولايات المتحدة الأمريكية، التي حسمت أمرها بإشراك الوحدات الكردية في معارك الرقة.
وفي هذا الإطار، أشار الخبير في الشأن التركي، ناصر تركماني، إلى عدم وجود تأكيد رسمي من السلطات التركية بخصوص خفض تدفق مياه نهر الفرات إلى الأراضي السورية.
لكن تركماني لم يستبعد، في حديث لـ"عربي21"، أن تستخدم تركيا هذه الورقة الضاغطة، من جملة الأوراق الأخرى التي تمتلكها أنقرة، ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي يعدّ امتدادا لحزب العمال الكردستاني في تركيا.
وأضاف أن "تركيا لا زالت ترى أن هناك هامشا للمناورة، خصوصا أن مآل التطورات العسكرية والسياسية في الشمال السوري لم يتضح بعد، أي فيما يخص الحديث عن اعتماد أطراف بعينها لمحاربة تنظيم الدولة".
لكنه رأى أنه "في حال وصلت تركيا لأفق مسدود، فهي بالتأكيد سوف تدافع عن مصالحها بكل الأوراق التي بحوزتها، ومن ضمنها ملف المياه"، وفق قوله.
وحسب دراسة للباحث والخبير بشؤون المياه في الشرق الأوسط، صاحب الربيعي، فإن تركيا لا تعترف بدولية نهر الفرات، وتصنفه على أنه نهر عابر للحدود فقط، وبذلك تكون غير ملزمة بالاتفاقيات الدولية التي تضمن التقاسم العادل لمياه الأنهار الدولية.
لكن ووفق الاتفاقية السورية التركية المؤقتة والموقعة في العام 1987، تتعهد تركيا بتوفير معدل سنوي يزيد عن 500 متر مكعب من المياه في الثانية.
لكن الخلاف على مياه نهر الفرات دائما ما يكون متجددا، لدى حضور الخلافات السياسية بين الجانبين التركي والسوري، وكمثال على ذلك ما جرى في العام 1998، حين خفضت تركيا من تدفق المياه، بعد تهديدها باجتياح الأراضي السورية، بسبب دعم النظام السوري لحزب العمل الكردستاني، وإيواء زعيمه عبدالله أوجلان.
من جهته، يرى سالم العلي، الأكاديمي السوري المتخصص في الجيولوجيا التطبيقية، والعامل في مجال
السدود، أنه ليس بمقدور تركيا الاستمرار طويلا في خفض تدفق المياه إلى الأراضي السورية، لأن لديها فائضا من المياه، مقابل توفر حمولة محددة للسدود.
وأوضح العلي لـ"عربي21"؛ أن هذا لا يعني أن تركيا غير قادرة على استخدام مياه نهر الفرات كسلاح فعال، ضد بعض الأطراف السورية، مضيفا: "في أشهر الجفاف كانت تنخفض كميات مياه الفرات إلى ما دون الـ200 متر مكعب في الثانية. وبحسب مصادر في الداخل، فإن هذه الكمية هي التي تصل في الوقت الحالي إلى سد تشرين، وهي كمية غير كافية لتوليد ما يكفي من الكهرباء"، وفق قوله.