نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الميثاق الجديد الذي تعمل حركة
حماس على كتابة مسودته، حيث تسعى من خلال هذه النسخة المحدثة لتكون أكثر واقعية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المسؤولين في حماس قد أعلنوا الثلاثاء الماضي عن استعدادهم لتقديم نسخة جديدة من ميثاق الحركة، يعبّر عن تحولات الحركة منذ تأسيسها صدور ميثاقها سنة 1988. وقد تضمن هذا تهديدا مباشرا لإسرائيل يكون فيه صراع الحركة ضد
اليهود على وجه الخصوص. في المقابل، تؤكد الوثيقة الجديدة على أن أعداء حماس هم "المحتلون الصهاينة" وليس اليهود.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث الرسمي باسم حركة حماس، طاهر النونو، قوله إن "صراع الحركة ليس ضد اليهود تحديدا لأنهم يهود، بل هو بالأحرى ضد أولئك الذين احتلوا الأراضي
الفلسطينية".
وأضاف النونو أنه على الرغم من أن العهد الجديد يقبل بحدود سنة 1967 كأساس لإقامة الدولة الفلسطينية، إلا أن ذلك لا يعني اعتراف الحركة بإسرائيل أو الكف عن المطالبة بحق استرجاع الأراضي الفلسطينية.
وبيّنت الصحيفة أنه وفقا لما أدلى به المتحدث باسم حماس، فإن هذه الوثيقة هي نتيجة عمل أربع سنوات، ولم تكتمل بعد، كما لم تتم المصادقة عليها من قبل الهيئات الإدارية التابعة للحركة.
وتقول الصحيفة إنه لم تطرأ تغييرات جذرية على الوثيقة الأصلية، على الرغم من اكتساب الوثيقة الجديدة أهمية بالنسبة للبعدين العملي والرمزي على حد سواء، خاصة فيما يخص علاقة الحركة بمصر.
وأفادت الصحيفة أن مصر تسيطر في الوقت الراهن على الحدود الجنوبية لقطاع
غزة، وتقيّد من حركة المسافرين والبضائع، وتعرقل عملية الدخول والخروج من القطاع على نحو متزايد. في المقابل، تتحكم
إسرائيل في بقية المعابر بما في ذلك تلك المطلة على البحر الأبيض المتوسط، يضيّق الخناق على حوالي مليوني نسمة في القطاع.
وذكرت الصحيفة أنه في إطار تحسين علاقة حماس بمصر، أعلنت الحركة في هذه الوثيقة أنها لا تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي تخضع لضغط كبير من قبل الحكومة المصرية. وقد تم تحديث هذا الجزء لأن ميثاق حماس لسنة 1988 كان يقر بأن تعتبر الحركة نفسها جزءا من جماعة الإخوان المسلمين. وفي السياق نفسه، نوه مسؤولون في حركة حماس بالإضافة إلى مجموعة من المحللين السياسيين بأن الوثيقة تهدف نوعا ما إلى التخفيف من عزلة الحركة على الصعيد الدولي.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فضلا عن العديد من الدول الأخرى، صنفوا حركة حماس ضمن قائمة الجماعات الإرهابية. وفي حين أن حركة فتح التي تسيطر على الضفة الغربية؛ تنشط ضمن الدبلوماسية الدولية باسم القضية الفلسطينية، وجدت حركة حماس نفسها مقصاة من الساحة الدولية.
وأوردت الصحيفة أنه من غير المرجح أن يتمكن الميثاق الجديد والمعتدل من تغيير وضعية الحركة وإخراجها من حالة العزلة.
وفي هذا السياق، أشار أحمد يوسف، وهو خبير في الحركات الإسلامية والمستشار السابق لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن المنصة الجديدة من شأنها أن تساعد على التخفيف من حدة التصورات الخاطئة عن الحركة.
وقال يوسف: "قد تعرض عهد حماس القديم للكثير من الانتقاد على خلفية اللهجة الحادة الموجهة ضد اليهود والقانون الدولي. أما الآن، فقد تم التوضيح في الوثيقة الجديدة أن اليهود ليسوا أعداءنا". وأضاف أنه "من الواضح أن عدونا هو الاحتلال الصهيوني".
لكن كوبي مايكل، التابع لمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عن تخوفه من الوثيقة الجديدة. ونقلت الصحيفة عن مايكل، الذي ترأس سابقا مكتب الفلسطينيين في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، قوله إنه لا يوجد أي ضمانات تؤكد أن حماس ستتبنى الوثيقة الجديدة.
ونقلت الصحيفة أن كوبي مايكل يعتقد أن الوثيقة لن تغير سياسة حماس القائمة على المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، ولن تضعف قبضة الزعيم يحيى السنوار الحديدية في قطاع غزة. وفي هذا السياق، قال مايكل إن "قادة الحركة يحاولون استخدام لغة من شأنها أن مقبولة أكثر لدى المجتمع الدولي، إلا أنهم لن يغيروا من أساليب الترهيب والعنف المسلط ضد الإسرائيليين"، وفق قوله.