نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافية المسلمة صوفيا أحمد، تتساءل فيه: هل بدأت
أوروبا بتكريس
الإسلاموفوبيا في قوانينها؟ مشيرة إلى أن المسلمين لم يعد مرحبا بهم في أوروبا.
وتشير أحمد في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى قرار المحكمة الأوروبية للعدالة، الذي يسمح لأصحاب الأعمال بمنع الموظفات
المسلمات من ارتداء
الحجاب، مبينة أن القرار سيزيد من تهميش المرأة المسلمة، ويدفعها إلى خارج الحياة العامة.
وتقول الكاتبة إن "الذين احتفلوا بهذا القرار على أنه انتصار لقيم أوروبا العلمانية لم يقرأوا التاريخ، الذي يخبرنا أن استخدام هذه الحجج عادة لا يثمر جيدا، وأنه عادة ما استخدمت مبررات، مثل حماية القيم الأوروبية، لتبرير مسارات شريرة".
وتضيف أحمد أن فكرة عدم الترحيب بالمسلمين كانت واضحة من خلال قرار قادة المحكمة الأوروبية الأخير، مشيرة إلى أن التوجه نحو تكريس قوانين معادية للمسلمين يسير باتجاه حثيث، بعد منع فرنسا النقاب عام 2010، التي ستتبعها دول مثل ألمانيا.
وترى الكاتبة أن "الداعين إلى هذه السياسات يقولون للرأي العام وبطريقة مخادعة إن قرارات كهذه تسهم في تحرير المرأة المسلمة، لكن ما تمثله هذه القوانين هو شكل من أشكال التمييز العنصري والهندسة الاجتماعية، التي تهدف إلى إجبار المرأة المسلمة على تبني هوية علمانية".
وتعلق أحمد قائلة إن "هذه السياسات التمييزية والمعادية للأجانب تتناقض مع الاعتقاد الذي يقدم أوروبا على أنها واحة للديمقراطية في عالم بربري غير متسامح، ومن هنا فإن هذا النفاق مثير للحنق، حيث يضع قادة الدول الغربية أنفسهم مضادا للمجتمعات المسلمة الكارهة للمرأة ويسود فيها الاضطهاد، ومع ذلك لا يتورعون عن تطبيق إسلاموفوبيا قائمة على التمييز بين الجنسين في بلدانهم".
وتذهب الكاتبة إلى أنهم "ينكرون عن قصد أثر هذه التشريعات على النساء المسلمات العاديات، حيث وجدت دراسة أجرتها لجنة المرأة والمساواة أن فرصة المرأة المسلمة للحصول على وظيفة أقل بثلاث مرات من المرأة غير المسلمة، وتحدثت الدراسة عما أسمته (التحيز اللاواعي) في التمييز ضد المرأة التي ترتدي الحجاب أو لمن يحملن أسماء تبدو أنها مسلمة".
وتلفت أحمد إلى أن تقريرا مماثلا للشبكة الأوروبية ضد
العنصرية، الذي غطى ثماني دول من فرنسا إلى هولندا، كشف عن وجود هذا التمييز في أماكن العمل، وأثره السلبي على المرأة المسلمة على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا.
وتحذر الكاتبة من "أن التهميش الاقتصادي هو بالطبع ليس العقبة الوحيدة التي تواجهها المرأة المسلمة، بسبب قرارات مثل القرار الذي صدر عن المحكمة الأوروبية، بل هناك تداعيات خطيرة أكثر من ذلك بكثير على المرأة العادية في شوارع لندن وباريس، وهناك تقارير صحافية تتحدث عن جر المحجبات في شوارع لندن، فيما تمت مهاجمة وضرب امرأة مسلمة ترتدي الحجاب في فيينا، فما هي الرسالة التي ترسلها هذه الهجمات للناس الذين لا تعجبهم قطعة قماش ويتخذونها ذريعة لضرب المرأة؟".
وتستدرك أحمد بأن "قرار القضاة الأوروبيين جاء، وبشكل مثير للقلق، مشابها للتشريعات التي أصدرتها ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، قوانين نيورمبيرغ المعادية لليهود، التي استهدفت جماعة اجتماعية معينة، وقيدت حريتها الاقتصادية، حيث منع اليهود من أعمال مثل مهنة القابلة، وتم إلغاء عقود الدولة مع رجال أعمال يهود، وهذا لا يختلف عن إخبار امرأة أنها لا تستطيع العمل في حال قررت إظهار هويتها الدينية".
وتجد الكاتبة أن منع المحجبات من دخول سوق العمل هو تطور مثير للقلق، ويعبر عن عدوانية أوروبية ضد المواطنين المسلمين.
وتختم الصحافية مقالها بالقول: "دعونا لا ننسى أن اليهود أصبحوا في أوقات من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية كبش الفداء، وحملوا علل المجتمع كلها، وعلى ما يبدو فإن التاريخ يكرر نفسه، حيث أصبحت النساء المسلمات الضحايا الجدد لأزمات الهوية الأوروبية النابعة من مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية".