استمرارا لمسلسل الهروب الجماعي للاستثمارات والشركات الأجنبية في
مصر، قرر أكبر تحالف دولي لشركات شحن الحاويات في مصر مغادرة موانئ بور سعيد، إلى ميناء بيريه
اليوناني.
ويضم التحالف مجموعة من الخطوط الملاحية العالمية العملاقة في نشاط الحاويات، منها خطا ملاحة يابانيين، هما "نيبوني ياسان كايشا" (NYK) و"مول" (MOL)، وكذلك الخط الملاحي التايواني "يانج منج" ( YANG MIN)، والخط الملاحي الكوري "كي لاين" (K LINE)، والخط الملاحي "إيفر جرين" (EVERGREEN).
ويقع ميناء
بورسعيد على المدخل الشمالي لقناة السويس، ويعد أحد أهم الموانئ المصرية نظرا لموقعه المتميز على مدخل أكبر ممر ملاحي عالمي (قناة السويس) وفي منتصف أكبر خط ملاحي تجاري يصل أوروبا بالشرق كما يعتبر أكبر ميناء عبور في العالم.
وأكد رئيس جمعية الملاحة بالإسكندرية، رفعت رشاد، أن الشروط المجحفة التي تفرضها الحكومة المصرية ممثلة في وزارة النقل، إلى جانب رفع الرسوم التي تفرضها على السفن دون وجود خدمات جديدة تقدمها الحكومة لخطوط الملاحة، هي أحد أهم الأسباب التي تدفع تلك الخطوط العملاقة إلى مغادرة الموانئ المصرية والبحث عن موانئ أخرى تحقق لها عائدات أفضل.
وقال رئيس جمعية الملاحة بالإسكندرية، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إن الحكومة المصرية تصدر قرارات غير مدروسة يترتب عليها أضرار اقتصادية، مطالبا الحكومة بدراسة كافة القرارات قبل إصدارها، ومعروفة تأثيراتها السلبية المحتملة وفقا لمعرفة عميقة بطبيعة الظروف المحيطة في الدول الأخرى، والموانئ المنافسة.
وتساءل رشاد: "ما هي الميزة التنافسية في الأسعار التي فرضتها الحكومة المصرية على شركات الحاويات؟ وما هي الخدمات التي ستقدمها لتلك الشركات مقابل رفع الأسعار؟" مضيفا: "طبيعي أن تضع الشركات مصالحها الاقتصادية فوق أي اعتبار، وأن عدم وجود إجابة لهذه الأسئلة من الطبيعي أن يقابله بحث الشركات عن موانئ تحقق لها عائدات أفضل".
وتوقع أستاذ الهندسة بجامعة قناة السويس ومدير مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية، خالد رفعت، انخفاض حجم تداول البضائع والحاويات بميناء شرق بورسعيد إلى 1.2 مليون حاوية العام الحالي، مقارنة بـ1.8 مليون العام الماضي، في الوقت الذي تصل فيه الطاقة الاستيعابية للميناء إلى 5.4 ملايين حاوية، مضيفا: "والغريب إننا بنعمل له توسعات بمليارات دلوقتي!".
وكشف رفعت في تدوينه "، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت عنوان "دولة غنية وإدارة غبية" أن معظم الخطوط الملاحية مثل "هاباج لويد"، و"يونايتد أراب شيبنج" (الخط العربى)، و "ميرسك" الدنماركي بتقليل حجم أعمالها بموانئ بورسعيد، وقام خط ميرسك بإيجار أرصفة في ميناء مالطا لينقل إليها عملياته في شرق البحر المتوسط".
وأضاف: "الغريب أن كل خبراء الملاحة حذروا وزير النقل من أي رفع لرسوم الخدمات حيث أنها كانت أصلا أعلى من كل الموانئ المنافسة لنا، ولكنه أصر على إصدار القرار 800 لسنة 2016 لمضاعفة مقابل الانتفاع بالموانئ رغم كل التحذيرات".
وقال إنه "الآن وبعد وقوع الكارثة تشكلت لجنة من قطاع النقل البحري لدراسة إدخال تعديلات على القرار الوزاري 800 لسنة 2016 والخاص برفع مقابل الانتفاع بالموانئ.. يعني كده بالبلدي لإلغاء القرار".
وتابع: "نفس ما حدث بالضبط عند رفع رسوم تأشيرات دخول مصر.. إصدار قرارات غبية عنيدة رغم التحذيرات ثم التراجع عنها ولكن بعد فوات الأوان كالعادة.. قمة الغباء عندما تذبح الدجاجة التي تبيض ذهبا وتكلمني عن الإصلاح الاقتصادي".
ومن جانبه أعلن وكيل خط "كي لاين" بمصر، محمد أبو حشيش، أن "التحالف" وقع مؤخرا تعاقدا مع ميناء "بيريه" اليوناني، كبديل لموانئ بورسعيد.
وقال أبو حشيش، -وفقا لصحيفة المال المصرية-، إن التحالف قرر الانسحاب اعتبارا من نيسان/أبريل المقبل متجها إلى الميناء اليوناني، بسبب الرسوم التي تم فرضها على السفن بموجب القرارات التي أصدرتها وزارة النقل بأرقام 488 لسنة 2015، و800 لسنة 2016.