أبرمت مجموعة الشركات المالكة لحقل الغاز
الإسرائيلي "تمار"، وشركة "دولفينز" للغاز الطبيعي
المصرية، صفقة وصفت بأنها الأكبر، وتمتد لـ15 عاما، لتوريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر بقيمة قد تصل إلى 20 مليار دولار.
وكشف الخبير الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، أن السعر الذي اشترت به مصر الغاز الإسرائيلي -وفقا لتلك الصفقة-، يبلغ نحو 8 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وقال عبد السلام، في تدوينه عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن هذا السعر يزيد بنحو الثلثين عن مستويات الأسعار العالمية السائدة حاليا، (أي بزيادة نحو 60% عن الأسعار العالمية).
وأضاف عبد السلام، أن "دول العالم تشتري الغاز بأقل من 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، وقد يقل السعر في حال العقود الطويلة، وصفقة مصر لمدة 15 عاما، وبقيمة 20 مليار دولار، يعني أنه عقد مغر وطويل الأجل".
وتراجعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم 15 نيسان/أبريل المقبل بنسبة 2.58% لتتداول حاليا عند مستويات 2.904$ للقدم المكعب، نتيجة وفرة الإنتاج، خصوصا بعد الاكتشافات المتتالية للغاز الصخري.
وبحسب بيانات الطاقة العالمية، خسرت أسعار الغاز ما يصل إلى 25% في الأسابيع العشرة الأخيرة.
ويتوقع خبراء أسواق الطاقة أن تظل أسعار الغاز العالمية تحت ضغط التراجع في المدى القصير إلى المتوسط مع دخول طاقة إنتاج إضافية في الولايات المتحدة وأستراليا حيز التشغيل.
المفارقة أن مصر (تحت رئاسة عبد الفتاح
السيسي) التي تستورد حاليا
الغاز الطبيعي من إسرائيل بأعلى 60% عن الأسعار العالمية، كانت تصدّر في عهد الرئيس المخلوع حسني
مبارك، الغاز لإسرائيل بـ 70 سنتا للمليون وحدة حرارية (أقل من ثلاثة أرباع الدولار) في الوقت الذي كانت تكلفة إنتاجه تصل إلى 2.65 دولار، وكان سعر الغاز العالمي عند توقيع الصفقة في العام 2005 أكثر من عشرة دولارات للمليون وحدة حرارية – بحسب أسعار مركز هنري هوب-.
(أي أن مبارك باع الغاز المصري لإسرائيل بأقل من ثلثي سعر تكلفة إنتاجه، وأقل من عُشر سعره العالمي).
الغريب أن مصر كانت قد أعلنت في العام 2015 اكتشافها حقلا ظهر قبالة سواحلها الشمالية الشرقية وبالقرب من مدينة بورسعيد، وقالت الحكومة وقتها إن الحقل يعد واحدا من أكبر حقول إنتاج النفط في العالم، وأكد وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، يوم 19 فبراير/شباط الماضي دخول المرحلة الأولى من الحقل الضخم حيز الإنتاج في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، بكميات تصل إلى مليار قدم مكعب من الغاز!!!
ووصف المحلل الاقتصادي، هيثم المنياوي، صفقة استيراد مصر الغاز من إسرائيل بالغباء السياسي والاقتصادي معا.
وأضاف، في تصريحات لـ
"عربي21" أن "أي تعامل تجاري أو اقتصادي مع إسرائيل عادة ما يواجه برفض شعبي، باعتبار إسرائيل دولة احتلال، وكيان مغتصب للحق الفلسطيني، ويمثل الاتفاق مع هذا الكيان إصرارا على الفساد وعنادا من الدولة المصرية ضد شعبها".
وأكد المنياوي، أن اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل لا تحمل مخاطر سياسية نابعة من رفض الشعب فقط، وإنما يحمل في طياته المزيد من المخاطر الاقتصادية والأمنية جراء التعاون مع بلد مصنف على أنه عدو ومن المتوقع أن يخل باتفاقياته حسب رؤيته وسعيه لإلحاق الضرر بالاقتصادي المصري.
وتساءل المنياوي مستنكرا: "لماذا تصر مصر على استيراد الغاز من إسرائيل في ظل توافر دول عربية وغير عربية بديلة، وربما تقدم الغاز بأسعار أرخص مثل الجزائر وقطر وكذلك إيران؟!".