شكل اختيار أحمد ولد سيد أحمد، منسق العلاقات الموريتانية الإسرائيلية أيام حكم الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع، كمسؤول للعلاقات الخارجية بـالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (أكبر تحالف لأحزاب
المعارضة في البلاد)، إحراجا شديدا للقوى المعارضة، بل إنه أدخلها في مأزق، بعد ارتفاع أصوات شعبية تصف أحزاب المعارضة بأنها تحولت بهذا الإجراء لمطبع حقيقي مع إسرائيل.
وعام 1999 أصبحت
موريتانيا ثالث دولة عضو في الجامعة العربية (إلى جانب مصر والأردن) تعترف بإسرائيل كدولة ذات سيادة، وتقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.
وتم تجميد العلاقات ردا على الحرب على غزة في 2009، قبل أن يعلن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز عام 2011، قطعها بشكل كامل.
وأشرف السياسي أحمد ولد سيد أحمد، على تنسيق تلك العلاقات التي أثارت ضجة واسعة استمرت حتى قطعها بشكل كامل.
وقبل يومين أعلن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (يضم 14 حزبا سياسيا معارضا) عن تشكل مكتبه التنفيذي الجديد، وأسند مسؤولية شأنه الخارجي لولد سيد أحمد.
استقالات بأحزاب المعارضة
وتسبب اختيار منسق العلاقات مع إسرائيل، في إحراج شديد لأحزاب المعارضة، خصوصا حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلامي) الذي يعد ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد وأكبر حزب معارض ممثل في البلاد.
فقد أعلن نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، محمد غلام ولد الحاج الشيخ، استقالته من منصبه كنائب لرئيس الحزب.
وبرر ولد الحاج استقالته بالقول إنه "لا يمكن أن يجلس كنائب لرئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، إلى جانب منسق العلاقات مع إسرائيل".
بدوره، جمد نائب رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) المختار ولد بكار، أنشطته في منصبه الحزبي، وأعلن مقاطعته لأنشطة أحزاب منتدى المعارضة إلى حين انتهاء مأمورية المكتب الحالي الذي يضم منسق العلاقات مع إسرائيل.
ووصف في استقالته الخطوة التي أقدمت عليها أحزاب المعارضة بأنها مستنكرة ومستفزة.
التطبيع لا يسقط بالتقادم
وعلى منصات التواصل الاجتماعي تفاعل الموضوع بشكل كبير، إذ أشاد المدونون بالاستقالات المتتالية من المعارضة، داعين إلى المزيد من الاستقالات حتى تظل وصمة التطبيع تلاحق أصحابها مدى الحياة.
وكتب الإعلامي والمدون محفوظ ولد السالك، على صفحته في "فيسبوك": "المطبعون ملة واحدة، والتطبيع وصمة عار، لا يجبها ما بعدها، تظل تلاحق صاحبها حتى اللحد، لا يسقط التطبيع بالتقادم، ولا يتأثر بتغير الزمان ولا المكان، ولا السياق".
وزاد بالقول: "المطبع مطبع أيا كان فصيله السياسي، أو موقفه الحالي من النظام الحالي، فمن طبع لا يؤتمن على مسار مقارعة الأنظمة، والنضال عن الشعب، وباسم الشعب، ولا على علاقات داخلية أو خارجية، وتحتفظ الذاكرة الموريتانية على ضعفها بمواقف غير مشرفة، لبعض من تقلدوا مناصب في هرم السلطة، سيحاسبهم الشعب عليها مدى الحياة، ولن ينساها ما حيي".
صدمة وصمت
وشكل التحاق منسق العلاقات مع إسرائيل، بالمعارضة صدمة لعدد كبير من قيادات هذه الأحزاب، فيما تجاهل رؤساء هذه الأحزاب، الجدل المتصاعد بهذا الخصوص، ولم يصدر حتى صباح السبت أي تعليق من أحزاب المعارضة.
شخصيات تورطت في العلاقات مع إسرائيل
ويعتبر أحمد ولد سيد أحمد (وزير الخارجية الأسبق) والمختار ملل (وزير التشغيل الحالي) وأحمد ولد تكدى (وزير الخارجية السابق) من أبرز الأشخاص الذين تورطوا في علاقات وصفت بالممتازة مع إسرائيل، حيث عمل الأول على رعايتها والإعلان عنها، بينما كلف الثاني بملف المحاسبة في السفارة الموريتانية بتل أبيب، وتولى الثالث منصب السفير الموريتاني بتل أبيب.
دعوة للاعتذار
ودعا رئيس "المبادرة الموريتانية لمناهضة
الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة" محمد محمود ولد محمد، المعارضة والأغلبية للاعتذار للشعب الموريتاني "عن احتضانهم لضالعين في علاقات شكلت وصمات عار في جبين موريتانيا".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21": "المطبعون أشخاص منبوذون، تجب محاسبتهم وعزلهم سياسيا، لا يجب أن يكون لهم دور في الحياة السياسية أو الحياة العامة في البلد".
وزاد بالقول: "احتضنت أحزاب الأغلبية الحاكم عددا من رموز التطبيع، وعين الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، في حكومته مطبعين، لكن كان مفاجئا أن يمسك منسق علاقات مشينة، ملف العلاقات الخارجية بأحزاب المعارضة. سيحاسبكم الشعب".