انتهت، عصر الثلاثاء، جلسة
هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، برئاسة شيخ
الأزهر أحمد الطيب لمناقشة عددا من القضايا، وسط أجواء من التوتر بين الأزهر ونظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مستمرة منذ عدة أسابيع.
وعقب انتهاء الاجتماع، أصدرت الهيئة بيانا شديد اللهجة، استنكر الهجوم على الأزهر، ووصف مهاجمي الأزهر بأنهم مدلسون ويحاولون تزييف وعي الناس".
وكانت حدة الخلاف بين الأزهر ونظام الانقلاب في
مصر قد زادت خلال الأشهر الماضية، حتى وصلت لحالة من الهجوم الإعلامي الفج على الأزهر وشيخه وتحميله مسؤولية انتشار التطرف والإرهاب في البلاد.
وطالبت اللجنة الدينية في البرلمان، في جلستها الاثنين الماضي، بتنقية مناهج الأزهر وحذف ما وصفته بالأفكار المتطرفة التى تساعد على نشر الإرهاب".
مهاجمو الأزهر أعداء الإسلام
وتقدم بيان هيئة كبار العلماء، الذي تلقت عربي21" نسخة منه، "بالتعازي للأقباط والشعب المصرى فى ضحايا التفجيرين الإرهابيين اللّذين استهَدفا كنيستي طنطا والإسكندرية، وأعلنت وقوف الأزهر إلى جانب الكنيسة المصرية فى وجه من يمسها بسوء".
وأكدت الهيئة أن "التفجيرات التي استهدفت مواطنين أبرياء ودورا للعبادة أمر خارج عن تعاليم الإسلام"، موضحة أن "الإسلام يحرم على المسلم تحريما قاطعا تفخيخ نفسه وتفجيرها فى وسط الأبرياء، وجعل جزاءه الخلود فى جهنم".
وشددت الهيئة على أن "مناهج الأزهر الشريف قَديما وحديثا هى وحدها الكفيلة بتعليم الفكرِ الإسلامى الصحيح الذى ينشر السلام والاستقرار بين المسلمين، وبين المسلمين وغيرهم، تشهد على ذلك الملايين التى تخرجت فى الأزهر من مصر والعالم، وكانوا - ولا يزالون - دعاة سلام وأمن".
وأكدت أنه "من التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين، وهي حقيقة يتنكر لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام"، مشيرة إلى أن "الأزهر بركة على مصر وشعبها، جعل منها قائدا للعالم الإسلامى بأسره وقبلة علمية لأبناء المسلمين فى الشرق والغرب".
وتابعت: "وليعلم هؤلاء أن العَبَث بالأزهر عبث بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانة لضمير الأمة كلها"، وأبدت تحديا للنظام قائلة: "وتطمئن هيئة كبار العلماء المصريين والمسلمين كافة حول العالم، أن الأزهر قائم على تحقيق رسالته وتبليغ أمانة الدين والعلم للناس كافة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"، مختتمة البيان بالآية الكريمة: "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إِلا الله وكفى باللّه حسيبا".
الإفتاء تدافع عن الأزهر
وفي خطوة نادرة، أعلنت دار الإفتاء المصرية تضامنها مع الأزهر ودشنت حملة للدفاع عنه في مواجهة انتقادات النظام له، حيث نشرت يوم الاثنين على صفحتها على فيسبوك، منشورات تدافع عن الأزهر من بينها منشور يقول إن "الأزهر الشريف هو الوعاء الحافظ الأمين الذي وعى مناهج أئمة العلم".
وقالت في منشور آخر: "الأزهر الشريف إذا ما أراد أن يفصح عن سنده العلمى ونسبه المعرفي لوجدنا أنه ينتهي في نسبه الأعلى إلى ابن عباس رضي الله عنه، فى ذلك الموقف التاريخي الرصين المشرف من التيارات المتطرفة فى زمانه".
ومن أبرز محطات الخلاف بين الأزهر والنظام؛ رفض الأزهر مشروع الخطبة الموحدة وفتاوى تكفير تنظيم تنظيم الدولة، ودعوات أطلقها السيسي بنفسه لمراجعة كتب التراث وأخرى لإلغاء الطلاق الشفوي أو تحديد النسل.
لن يسقط الأزهر
وتعليقا على المواجهة بين الأزهر ونظام السيسي، قال الأستاذ بجامعة الأزهر، صبري عبادة، إن "بعض العلمانيين يوقدون تلك الحرب لأن هناك جهات غربية تريد أن تهدم الأزهر عبر البحث عن أحاديث ضعيفة وتفسيرات ملتوية ينسبوها للازهر وعلمائه الأجلاء"، كما قال.
وأضاف عبادة، في حديث لـ"عربي21"، أن "الأزهر يمثل الدين الإسلامي، وهم يحاولون دائما أن ينسبوا له أي شيء سياسي أو اجتماعي ليتهموا الأزهر به، وآخرها الاتهامات بأنه يدعم الإرهاب أو لا يوافق على إصدار فتاوي لتكفير داعش"، معتبرا أن "الأزهر يتعامل مع هذه الأزمة بحسن تصرف لأنه يحمل رسالة إلى المسلمين في كل العالم وليس مصر فقط".
وحذر عبادة من أن الأزهر لو سقط فإن الدولة المصرية ستسقط معه، وقال إنه "لا يوجد شخص عاقل يريد أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة بخلاف مجموعة الإعلامين والعلمانيين الذين يحاولون أن يقحموا شيخ الأزهر في أمور سياسية حتى ينتقدوا الأزهر من خلاله، لكن علماء الأزهر لن ينجروا إلى هذا الفخ"، وفق تعبيره.
أفكار متطرفة
لكن الباحث السياسي محمد السعيد؛ رأى أنه "لا يوجد من يريد هدم الأزهر لما له من مكانة عند المسلمين"، متحدثا عن أمور تحتاج إلى إعادة دراسة، مثل "تجديد الخطاب الديني وتنقية كتب التراث"، كما قال.
وقال السعيد لـ"عربي21"؛ إن ما وصفه بـ"النقد البناء" مهم لـ"تقويم الأزهر ككيان ومنارة جامعة للمسلمين وعودته إلى مكانته العالية دون أن يتم تسيسه، وليس لذلك علاقة بالهجوم الشخصي على شيخ الأزهر أو علمائه".
ورأى أن "هناك أفكارا تفكيرية لدى بعض علماء الأزهر، وأن هناك علماء كانوا يستغلون دورهم ويعلنون انتماءهم للإخوان أو السلفيين"، مطالبا بأن تكون هناك "وقفة حقيقة ضد هؤلاء حتى لا يتم تخريج شباب بافكار متطرفة كل عام من جامعة الأزهر"، بحسب تعبيره.