كتاب عربي 21

رسالة المسلمين من لندن: نحن بخير طمنونا عنكم؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
الزيارة الى العاصمة البريطانية لمدة خمسة ايام قد لا تكون كافية للاطلاع على اوضاع الاسلام والمسلمين والعرب في هذه البلاد الضبابية، لكنها قد تكون مفيدة لالتقاط بعد المؤشرات والحصول على بعض المعطيات حول هذه الاوضاع ولاسيما بعد انتخاب البريطاني المسلم من اصل باكستاني صادق خان رئيسا لبلدية لندن في مواجهة منافسه البريطاني المحافظ.

فبدعوة من منتدى الوحدة الاسلامية في لندن (وهو مؤسسة وحدوية حقيقية تجمع ناشطين مسلمين من بيئات مختلفة وتعمل منذ عشر سنوات في سبيل الحوار والوحدة الاسلامية) شاركت في مؤتمرين في العاصمة البريطانية، الاول كان تحت المؤتمر الدولي التاسع للوحدة الاسلامية حول موضوع: الدين  والهوية والمواطنة، والثاني المؤتمر الدولي التاسع للحوار الاسلامي – المسيحي تحت عنوان: دور الدين في المجتمع المفتوح.

وشارك في المؤتمرين عدد كبير من الشخصيات الاسلامية والعربية والمسيحية من داخل بريطانيا ومن خارجها (من الدول العربية والاسلامية ومن اوروبا)، وكانت النقاشات صريحة وعميقة وجريئة وتناولت مختلف التحديات التي يواجهها المسلمون والمسيحيون والعرب والاوروبيون في هذه المرحلة وصدر عن المؤتمرين توصيات وقرارات مهمة حول دور الدين وكيفية تعميق الحوار الاسلامي – الاسلامي والاسلامي – المسيحي.

لكن الى جانب المشاركة في المؤتمرين ومن خلال سلسلة اللقاءات التي اجريتها مع عدد من المسلمين الناشطين في بريطانيا وفرنسا والنشاطات التي شاركت فيها ومن خلال التجوال في العاصمة البريطانية تكونت لدي جملة ملاحظات اولية وهي تستحق النقاش والحوار وخصوصا في الاوساط الاسلامية، ومن هذه الملاحظات:

اولا: ان المسلمين البريطانيين اصبحوا مندمجين في المجتمع البريطاني بشكل شبه كامل وهم يتمتعون بحقوقهم السياسية والاجتماعية والرعائية بشكل كبير واصبحوا حاضرين في العمل السياسي والفكري والاجتماعي في المجتمع البرطاني.

ثانيا: الحضور النسائي الاسلامي في لندن مميز والنساء يتجولن بحرية وراحة ولا تجد لديهم اية مخاوف من الاعتداءات او حالة الإسلاموفوبيا، وهن يعملن في شتى المجالات التربوية والسياسية والفكرية، كما لاحظت وجود نساء محجبات يعملن ضمن الاقسام الامنية في المطار وخصوصا مراكز الجوازات، وكل ذلك يؤشر على حجم الحضور الاسلامي النسائي في المجتمع البريطاني.

ثالثا: تشكل بريطانيا ملجأ مهما للناشطين العرب والمسلمين الهاربين من ظلم وديكتاتورية واستبداد بلادهم وهم من مختلف الدول العربية والاسلامية ولديهم المؤسسات الاعلامية والاجتماعية والسياسية والثقافية ويتمتعون بنسبة عالية من الحريات وحقوق الانسان والرعاية الاجتماعية.

رابعا: رغم الخلافات بين وجهات النظر بين الناشطين الاسلاميين المقيمين في بريطانيا حول القضايا السياسية او الدينية او الفكرية فهم يتلاقون ويتحاورون ويؤسسون مؤسسات ومنتديات مشتركة وهذا ما لم نعد نجده في الدول العربية والاسلامية بشكل كبير.

خامسا: يشكل نظام الرعاية الاجتماعية والصحية في بريطانيا من اهم الانظمة الرعائية في العالم حسبما اخبرني العديد من الناشطين المسلمين البريطانيين او الذين يقيمون في بريطانيا حيث يتم تأمين رواتب للمتقاعدين او الذين لا يعملون وكذلك للذين لديهم ظروف صحية صعبة، كما تساعد البلديات في تأمين المنازل لمن لا يستطيع استئجار منزل.

هذه بعض الاجواء والملاحظات التي لاحظتها في لندن (وهناك ملاحظات اخرى حول النظام العام والبيئة واالقوانين وهي تحتاج لدراسات مفصلة)، ولا يعني ذلك عدم وجود مشكلات وملاحظات سلبية في الواقع البريطاني سواء بالنسبة للمسلمين او غيرهم من الفئات، ولاسيما الغلاء الفاحش والازمات الاجتماعية وبعض مظاهر الفساد وغير ذلك من التحديات، لكن بالاجمال يمكن القول ان الحقوق التي يتمتع بها العرب والمسلمون في بريطانيا قد تكون افضل بكثير مما يتمتع به هؤلاء في بلادهم الاساسية، وان كان ذلك لا يعفي بريطانيا والسياسة البريطانية عن مسؤوليتها عن الازمات التي واجهها العرب والمسلمون منذ اكثر من مائة عام ولا سيما بسبب اتفاقيو سايكس – بيكو والتي مضى عليها مائة عام ووعد بلفور وانشاء الكيان الصهيوني والحروب التي شنت ضد العرب والمسلمين طيلة المائة عام الماضية.

لكن رغم كل ذلك يمكن القول: ان الاسلام والمسلمين في بريطانيا هم بخير ويودون الاطمئنان عن أوضاعنا نحن في هذه البلاد التي تعاني من العنف والحروب القاسية.
التعليقات (1)
عماد
الأربعاء، 25-05-2016 04:50 م
المشكلة في مسلمي فرنسا