قمة إسطنبول التي ستضم زعماء تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا ستعزز موقف أنقرة وحضورها في شمال سوريا، وسترسخ اتفاق سوتشي الذي عقد منتصف الشهر الماضي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان..
لا يمكن اعتبار صالح أو عبد المهدي في صف إيران، وإن لم يكونا في صف خصومها. للرجلين تجربة وثقافة سياسيتان لا تسمحان لهما بالمجازفة في مواجهة الولايات المتحدة، ولا بإدارة الظهر لرغبات الجمهورية الإسلامية.
قرار إعادة الجنوب السوري إلى حضن النظام كان ثمرة «صفقة» هندسها بنيامين نتانياهو بين موسكو وواشنطن، بانتظار أن تطرح الإدارة الأميركية «صفقته» على الفلسطينيين. والواقع أن الأطراف الأربعة المعنية بهذه الصفقة وجدت فيها مخرجاً مناسباً للخلاص من المستنقع السوري.
إذا كان الطرفان الإسرائيلي والإيراني لا يرغبان في حرب واسعة، فهل ثمة خيار آخر؟ ربما هناك احتمال ضئيل لبديل يترجم بسلسلة من المعارك الموضعية، على غرار الغارة على مطار «تي فور» أو ضرب مخازن الصواريخ قبل أيام جنوب حماة، أو عملية محدودة ضد موقع إسرائيلي يخلف قتلى.
ربط البنتاغون بقاء القوات الأمريكية في سوريا بالمواجهة مع «داعش». وصرح مدير هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الجنرال كينيث ماكينزي، بأن الولايات المتحدة ستعدل مستوى وجودها في هذا البلد بنهاية المواجهة مع «تنظيم الدولة». لذلك، «لم يتغير شيء فعليا».
إنها «حرب الجواسيس» أو «الحرب الديبلوماسية» بين روسيا والغرب. و «الحرب التجارية» بين الولايات المتحدة والصين ودول في أوروبا. و «حرب الاتفاق النووي» مع إيران، بعد التلويح بـ «حرب» مع كوريا الشمالية يبدو أنها بدأت تبرد.
لا يفيد اليوم توجيه كل السكاكين نحو مسعود بارزاني. ولا تفيد العراقيين العرب الإشادة كثيرا بخطوة قيادات طالبانية، اختارت الرضوخ لتهديدات الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، وتسليم كركوك بلا قتال.
المشهد الذي ترسمه الشراكة الأمريكية-الروسية على الأرض، لا بد أن يترجم في المفاوضات السياسية قريبا. ولا بد من «تطويع» النظام وحلفائه والمعارضة ومن بقي لها من سند؛ فلا هزيمة كاملة لطرف ولا انتصار حاسم لطرف.
أكد اتفاق الزعيمين على وقف النار جنوب سوريا أن الرئيس بوتين يقدم العلاقة مع الولايات المتحدة والشراكة معها على علاقته بأي قوة أخرى، أي إيران شريكته في الحرب الدائرة في بلاد الشام. والسؤال: هل ستتمكن روسيا من فرض التقيد بالهدنة التي قالت إن جنودها سيرعونها ويراقبون حدود المنطقة الجنوبية.
لم ينقلب الرئيس ترامب على مواقف سلفه باراك أوباما من الأزمة السورية فحسب، بل انقلب هو نفسه على مواقفه السابقة من الأزمة، ومن قضايا عدة. وهذا ما شغل ويشغل حيزا كبيرا في الوسط السياسي والإعلامي الأمريكي والخارجي أيضا.
مواقف واشنطن يجب ألا تشكل مفاجأة للمعارضة السورية. فقد سمعت هذه طوال سنوات الأزمة سؤالا واضحا من المسؤولين الأمريكيين عن البديل من الرئيس بشار الأسد. كانوا يعبرون صراحة عن قلقهم من « اليوم التالي» بعد إزاحته. هذا القلق شاركهم فيه كثير من القوى وليس روسيا وحدها.
الشرق الأوسط أحد أبرز التحديات للسياسة الخارجية الأميركية. وضع الرئيس دونالد ترامب محاربة الإرهاب في سلم الأولويات. أي إن الحرب على «داعش» في الموصل والرقة هي الهدف الأول.
تكرّر موسكو أن لا حل عسكريا لأزمة سوريا، وتقود منذ تدخلها العسكري خريف 2015، نشاطا ديبلوماسيا لا يكل ولا يمل لإبرام حل سياسي. لكن هذا الحل يبدو أيضا معضلة، إن لم نقل مستحيلا.
ماذا بعد حلب؟ ميدانيا قد يتوجه النظام، أو بالأحرى حلفاؤه، إلى محيط دمشق. لم يبق سوى دوما. ولن يجد هؤلاء مبررا لبقائها بؤرة توتر. لن يكون مصيرها أفضل من مدن ريف العاصمة، سيأتيها الدور عاجلا. وقد لا يجد المقاتلون فيها مفرا من اللحاق بتجمع «المادرين» إلى إدلب وريفها.
الأزمة السورية دخلت مرحلة ما بعد الحل السياسي قبل الحرب على حلب. تجاوزت مرحلة الديبلوماسية والسياسة. تفاهمات فيينا طوت بيان جنيف. وسلسلة اللقاءات العقيمة بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي تجاوزت فيينا وأهداف أطرافها..