إن الأمريكيين وكما جعلوا أنفسهم شرطة العالم، نصبوا أنفسهم قضاة في كل مجال، يحتكمون إلى نصوص مطاطية تجعل منهم أخيار العالم، ومن يخالف نهجهم أعضاء في محور الشر، ولهذا يرمون غيرهم بشرورهم وينسلون..
إذا كان مجرد اقتران امرأة برأس الدولة يجعلها حتى في نظام ديمقراطي تتفرعن دون خوف من المساءلة، وإذا كانت زوجات الديكتاتوريين يتصرفن في المال العام متمتعات بحصانات من الملاحقة القانونية، فما أصدق مقولة المؤرخ البريطاني جون إيمريك إدوارد آكتون بان السلطة المطلقة تفسد إفسادا مطلقا..
مثل جميع غلاة اليمينيين في الولايات المتحدة فإن بولتون ميكافيللي انتهازي، ولا يخامرني شك في أنه، وقد فقد وظيفته العالية بالطرد وليس بالاستقالة احتجاجا ورفضا لتجاوزات ترامب التي كان شاهدا عليها، رضي من الغنيمة "بالكتاب"..
في الولايات المتحدة اليوم 48 مليشيا عنصرية مسلحة، قامت بتوسيع دائرة المغضوب عليهم من غير البيض لتشمل اللاتينيين (السمر) أي الوافدين من أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، وتعمل تحت سمع وبصر السلطات الأمنية الرسمية وتمارس التدريبات..
لو استعرضنا الكيفية التي تعامل بها ترامب مع أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء (الكورونا)، لرأينا كيف أنه يستعصم بجهله ونرجسيته، ويظل يكابر ويكذب ويهذي ويهرف بما لا يعرف في أمر فيروس حار العلم في أمره..
كان انضمامي إلى أسرة مؤسسة "الاتحاد" الصحفية في أبو ظبي طالع خير للإعلام عموما، فصبيحة ذلك اليوم من أيلول (سبتمبر) من عام 1980 بدأت الحرب العراقية-الإيرانية، وانحلت مشكلة البحث عن مانشيت لجميع الصحف لقرابة ثمانية أعوام..
أحسست بأنني مغبون ومظلوم لأنني كنت في نظر أفراد عائلتي وبعض معارفي مناضلا لحين من الدهر، بحكم أنني دخلت السجن لثمانية أشهر في ظل حكومة المشير جعفر نميري، ورأيت أنه من حقي أن أصدر كتابا عن تجربتي النضالية تلك، وأن أبيع منه ولو خمسمائة نسخة..
أسعدني الحظ أن جالست المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المستيري ذات عام في العاصمة القطرية الدوحة، وحدثني طويلا عن بؤس مناهج التربية الإسلامية في المدارس عموما وكيف أنها تنجب أجيالا لا تفهم عن الدين إلا ما يتعلق بالعبادات والصلاة تحديدا..
بما أنني رهن الاعتقال الطوعي منذ الثامن من آذار (مارس) الماضي، ولم أغادر البيت منذ ذلك التاريخ سوى مرتين للتزود بعقاقير طبية من الصيدلية -بعد أن صار الأطباء كائنات مشتبه في أمر إصابتها بالكورونا- فإنني أملك من الوقت ما يكفي لكل أمر..
أسوأ سيناريو للأحداث في الدول العربية بعد أن تصبح الكورونا في ذمة التاريخ ولو إلى حين، هو أن الحريات فيها ستنكمش، بعد أن تجد الحكومات في الظروف "الضاغطة" ما يبرر لها فرض مزيد من القيود على الحريات العامة، والتي هي أصلا بالقطّارة..
في تقديري فإن الاعتداد بالألقاب المهنية والوظيفية والاجتماعية والسياسية والإفراط في استخدامها دليل على اختلالات مهنية وظيفية واجتماعية وسياسية، لأن الغرض منها التباهي و/أو النفاق..
إن الانصراف إلى فبركة النكات والطرائف في ظروف شديدة القتامة سلاح معنوي ضروري يخفف من حدة الهلع والجزع التي سادت في جميع البلدان بعد أن تأكد أن الكورونا ساحقة ماحقة، دون أن يعني ذلك الاستخفاف بمخاطرها..
يمارس بنو البشر التنكيت وصوغ الطرف في لحظات الخوف، كسلاح للتغلب والانتصار عليه، والدعابة وإن بدت هزلا وهذرا وعبثا، هي وسيلة الإنسان للهرب من المخاوف، والهرب هنا غير النكران والإنكار، وهو الخيار الأفضل مقابل الاستسلام للأفكار السوداء واليأس..
لا أجد ما يؤكد أن الجهل تيتم بعد موت أبي جهل "الأصلي"، ثم وجد في ترامب نِعْم الأب، أبلغ من الطرفة التالية: سأل الطبيب النفساني مريضه ما إذا كان هناك شخص في عائلته يعاني من اضطراب نفسي؟ فكان رد الرجل: عمي أدلى بصوته لصالح ترامب..
صحيح أن كورونا حرمت التافهين ممن يسمون أهل الفن من الأضواء بتسليطها على أهل العلم النافع، ولكنها شجعت الكثيرين على ارتداء مسوح أهل العلم والحكمة، حتى كاد واتساب أن يصاب بانهيار إلكتروني تحت وطأة ما يبثون من إرشادات وحكايات مختلقة..