لعله لم يعد لديه سوى ورقة واحدة للحصول على ما يريد، هي فتح أبواب السجون للإخوان لإعادة استخدام نفس الفزاعة التي كان يستخدمها مبارك لإخافة الغرب، لإحداث الفزع المطلوب لحلفائه الخليجيين والإسرائيليين على حد سواء!..
ما يملأ النفس حسرة هو هذا الهوان والعجز عن حلحلة قضية المعتقلين، إلا بالهرولة لتأييد الحوار الذي لم توجه الدعوة للمهرولين للمشاركة فيه، مع أن المعتقلين دفعوا ثمن الدفاع عن الشرعية ورفض الانقلاب العسكري..
باجتماع الرئيس المؤقت عدلي منصور مع رؤساء الأحزاب سأله أبو الفتوح بحدة إن كان صاحب قرار، أم أنهم سيضيعون وقتهم معه في كلام لا يقدم ولا يؤخر. ولعل هذه المواجهة وضعت في ملفه، وكان أداؤه كله يؤكد أنه ليس حمدين صباحي، الذي يأتي مسرعاً ثم يعود للكمون إذا انتهت المهمة، لكن أبو الفتوح يظل مخيفاً للجنرال
بدا كما لو كان قد ظهر في هذا اليوم رغم أنفه، بعد غياب دام تسعة عشر يوماً، وهو الغياب الطويل نسبياً بالنسبة له، لأنه يعتبر أن حضوره على الشاشة هو إثبات لأنه رئيس، وأن الغياب قد يؤثر في شرعيته
لقد ضاعت الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية من الاختيار3، وكان طبيعيا، والحال كذلك، أن يتمطع جنرال فيرجع عملا إرهابياً قام به تنظيم الدولة إلى أنه انتقام لنجاح المسلسل الذي استهدف الإخوان!
وأمام هذا العجز وقلة الحيلة، ربما يستشعر السيسي نفسه ما لا نستشعره، لتحضر العاطفة ويكون هذا الخطاب غير المسبوق، من واحد ليس بإمكانه الا أن يقدم معسول الكلام، الذي يراه بديلاً عن العمل..
إن أزمة الحاكم العسكري بهذه الإجراءات الجريمة، والتنفيذ الفضيحة لها، أنه أعطى المتشددين من خصومه دليلاً على أنها الحرب على الإسلام، وكانوا من قبل يفتعلون الأدلة على ذلك، فإذا بالدليل يقدمه النظام بنفسه في هذه الصورة المزرية التي شاهدها الناس فأدهشتهم، لا سيما طريقة التنفيذ التي لها ما بعدها!
إذ عجز السيسي في أن يجعل من الأزهر بوقاً يردد خطابه المرتبك، غير محدد المعالم، عن تطوير الخطاب الديني، فقد دفع بالخشت ليتبني هذا الخطاب، ويسحب البساط من تحت أقدام الأزهر، لكن الشيخ الطيب استطاع بمهارة أن يحرق الأرض تحت قدميه، ويثبت للحاضرين لمؤتمر دعا اليه أنه ليس على شيء،
لا يمكن تصنيف "الاختيار3"، على أنه عمل درامي، أو مسلسل وثائقي، فهو "هجين"، يجمع بين الدرامي والوثائقي، وبين التمثيلية والبرنامج، لا يصنف في الأخير على أنه مسلسل، أو برنامج تلفزيوني، كما أنه ليس عملاً وثائقياً، إنه في خانة "البغل"..
لقد قدم "الاختيار 3" الرئيس محمد مرسي بصورة سلبية، مع أن المشاهدين عاصروه، ثم إن الإجماع داخل صفوف المصريين أنه ظلم، وأنه أفشل، وأن من ظلمه ومن أفشله معروف بالاسم والرسم، ولم يكن صاحب نوايا سيئة، ولو تُرك لما وصلت مصر إلى هذا المستنقع!
إن رجائي عطية جزء من تاريخ نقابة، وبلد، وحكم، كانت له أصوله التي يجهلها كثيرون، لتكون وفاته بهذه الطريقة مبعث ضيق من خصومه، وكأنه قرر أن يذكره التاريخ بهذه النهاية مكايدة فيهم!
إنه الخوف من أن يستكمل الاستفتاء الشعبي في العزاء، لصالح صفوان ثابت، وضد الإجراءات التي قامت بها السلطة والتي لا يصدق الناس اتهاماتها، ثم إنه عدم التوفيق الإلهي..
السيسي يحكم بسلاح القوة، وبدونها لا يمكن أن يستمر يوماً واحداً في الحكم، وإذا كان قد نجح بها في إسكات الناس، فقد بدأت الأوضاع الاقتصادية ضاغطة عليهم، فبدأ التخلص من هذا الخوف. ويمكن أن نكتشف هذا من حجم الفيديوهات التي يعبر فيها مواطنون غير مسيسين بشجاعة غير مسبوقة عن هذه الأوضاع المزرية
الجنرال، ولكونه يعيش في المريخ وليس على كوكب الأرض، لديه تصورات بأن السكان إذا اضطروا لترك بيوتهم، فسوف يهرعون للسكن في المباني الذي يشيدها وتصل أسعار المتر فيها إلى أكثر مما يبنيه القطاع الخاص، لكنه منع هذا القطاع من البناء، ومن يدري فقد يهرعون الى العاصمة الإدارية الجديدة