يستطيع كل من يأخذه الغضب على جريمة حرق الرضيع علي دوابشة وما سبقه خلال الأسابيع الماضية وما تلاه حتى اليوم من استشهاد ومواجهات ومصادمات أن يدرك كم هي الإساءة الكارثية الآتية من التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والاحتلال..
ثمة نظرية تستند إلى التاريخ وتنطحه. ولكنها لا تشعر كما يشعر الوعل حين ينطح صخرا. وقد وصفه الشاعر قائلا "كَنَاطِحٍ صَخرَة يَوْما ليوهنها/ فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ" فهي تقدّم نفسها كمسلمة تاريخية. ولكنها، بالتأكيد ليست كذلك.
أُعلِنَ السادس والعشرون من شهر حزيران/ يونيو الماضي يوما فلسطينيا – عربيا للتضامن مع المجاهد الشيخ خضر عدنان الأسير والقائد في حركة الجهاد الإسلامي في إضرابه عن الطعام حتى الاستشهاد ما لم يُجبر العدو الصهيوني على إطلاقه..
يمكن للمرء حين يجد نفسه، ويجد الكثيرين يواجهون ارتباكاً عاماً بالنسبة إلى كثير من التطورات التي تشهدها عدّة بلدان عربية، بل والوضع العربي جملة كذلك، أن يتفهم هذا الارتباك ويفسّره. ولكنه لا يملك أن ينسحب الأمر نفسه على الوضع الفلسطيني.
عارٌ آخر يكلل جبين بان كي مون أمين عام هيئة الأمم المتحدة يضاف إلى أكاليل عار كثيرة لطخت جبينه منذ أن تولى أمانة هيئة الأمم. وكان ذلك السبب الرئيس الذي استخدمت الإدارة الأمريكية كل نفوذها في الهيئة الدولية لإعادة انتخابه أو في الأصح تعيينه لدورة ثانية.
دخل الشيخ المجاهد خضر عدنان قبل بضعة أيام شهره الثاني مضربا عن الطعام، مقتصرا على الماء، ورافضا أي دعم غذائي من أي نوع كان. وقد صمّم على المضي بإضرابه حتى الاستشهاد إن لم يفرج عنه فورا، وبلا قيود أو شروط تُفرَض عليه..
ليس هنالك من مَثَل يُمكن أن يحضر بقوّة في الساحة الفلسطينية وامتداداً في بعض الساحات العربية والإسلامية مثل المثل الشائع القائل "من يُجّرِّب المجرّب عقله مخرَّب".
حقاً، أيضاً، لقد أصبحوا قلة إلى حدّ الندرة، أولئك الذين يحملون همّ القدس والضفة الغربية، كحال الذين أصبحوا قلة، إلى حدّ الندرة، في حمل همّ المقاومة المسلحة كما حمل همّ الحصار المضروب على قطاع غزة.
فقد أصبحوا قلة قد تصل إلى الندرة أولئك الذين يحملون همّ المقاومة في قطاع غزة، وسحبوا هذا الموقف على الشعب الفلسطيني في القطاع، ناهيك عن الذين راحوا يحمّلون مسؤولية استمرار الحصار على قطاع غزة، ولا سيما الحصار من الجانب المصري (في عهد عبد الفتاح السيسي) على حماس.
بروز ظواهر التطرف في البلاد العربية وبين العرب والمسلمين على مستوى عالمي لا سيما في السنوات الأربع الأخيرة أشغلت السياسيين والمفكرين والمؤرخين وعلماء الاجتماع والاقتصاد بحثاً عن أسبابها وسعياً لطرح برامج سياسية واجتماعية وتعليمية..
بعض الذين وجدوا أنفسهم فجأة في قلب ثورات شبابية شعبية مليونية في أكثر من بلد عربي قفزوا لتصدّر الثورات ليس بالدعم فحسب، وإنما أيضاً بمحاولة لعب دور قيادي في توجيهها والتأثير في القيادات الميدانية أو التي أوصلتها صناديق الاقتراع إلى مواقع الحكم الجديد.