خلف قرار إقالة الرئيس الأمريكي،
دونالد ترامب، لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)،
جيمس كومي، احتجاجات وموجة قلق في الوسط السياسي الأمريكي والخارجي.
وبرر ترامب في رسالة وجهها لكومي أنه يتفق مع توصية من وزير العدل جيف سيشنز بأنه "لم يعد قادرا على إدارة المكتب بشكل فعال".
واتفق مجموعة من السياسيين والناشطين الحقوقيين على أن التحقيقات التي كان يقودها "كومي"، بشأن التدخل الروسي في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، قد تكون السبب الرئيسي لذلك.
اقرأ أيضا: قرار مفاجئ.. ترامب يقيل مدير الـ"FBI" ويثير جدلا واسعا
و اتهم أعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ (إحدى غرفتي الكونغرس) الرئيس ترامب، بالتسبب في "أزمة دستورية" بعزل رجل مسؤول عن منصبه دون تحقيق مسبق.
ووصفوا تلك الخطوة المفاجأة، بأنها تشبه "مجزرة ليلة السبت" التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، حين أصدر قرارا بإقالة أرشيبالد كوكس، المدعي العام الذي تولى مهمة التحقيق في الفضيحة الأكبر في تاريخ أمريكا "ووتر غيت" عام 1972.
وقال عضو مجلس الشيوخ، ديك دوربين، إن "إقالة جيمس كومي تثير التساؤلات حول الاستمرار في التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية".
وطالب خلال مشاركته في جلسة لمجلس الشيوخ، أمس، "دوربين"، البيت الأبيض بـ"توضيح آليات استكمال هذه التحقيقات، حتى لا تتسبب الإقالة في أزمة دستورية ضخمة"، على حد وصفه.
أما الممثل الديمقراطي أريك سوالويل، العضو الأعلى في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، فرأي أن إقالة جيمس كومي "لابد أن تهز كيان كل (مواطن) أمريكي، حتى هؤلاء الذين انتخبوا دونالد ترامب".
وفي إفادة له أمام أعضاء مجلس الشيوخ، الثلاثاء، تابع سوالويل "يجب أن تظل إقامة العدل بعيدة عن النفوذ السياسي".
فيما لفت إلى أن قرار الإقالة يعكس "تخطي من جانب دونالد ترامب لهذا الخط الفاصل بين السلطات المختلفة (التنفيذية والتشريعية والقضائية)".
اقرأ أيضا: ما هي الدوافع الحقيقية لعزل ترامب مدير الـ"أف بي آي"؟
وفي السياق، أعرب بدوره النائب الجمهوري في مجلس الشيوخ، جون ماكين، عن أسفه تجاه القرار المفاجيء الذي اتخذه ترامب تجاه رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية.
وفي بيان على موقعه الرسمي، قال ماكين "أشعر بخيبة أمل بسبب قرار إقالة جيمس كومي، فهو رجل يتميز بالشرف والنزاهة، وتولى قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالية في ظروف استثنائية".
وفي نص البيان، شدد ماكين على ضرورة تأسيس لجنة مكونة من الحزبين السياسيين في الولايات المتحدة (الجمهوري والديمقراطي) من أجل متابعة التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية.
وأضاف "إقالة جيمس كومي تؤكد على ضرورة تأسيس هذه اللجنة التي طالما طالبت بها بعد انتهاء انتخابات العام 2016".
وفي تغريدة على موقع "تويتر"، قال النائب الديمقراطي تيم كاين، والذي اختارته المرشحة السابقة هيلاري كلينتون نائبا لها في انتخابات الرئاسة، إن قرار الإقالة "يعكس مدى خوف ترامب من التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي".
فيما علق الناشط الحقوقي، المحامي توم بيريز، عبر حسابه على تويتر "ترامب أقال الرجل الذي يحقق معه، وهذا يعد سوء استخدام خطير جدا للسلطة".
وعلم مدير التحقيقات الفيدرالية السابق، جيمس كومي، بخبر إقالته من خلال نشرات الأخبار.
وذكرت صحيفة "نيو يورك تايمز" الأمريكية، الثلاثاء، أن "كومي" كان يعقد اجتماعا مع فريق عمله عندما شاهد خبر إقالته مذاعا على التلفاز.
ترامب يتهم ويبرر
وفي نص خطاب الإقالة الذي وصل كومي، قال ترامب إنه "بات ضروريا العثور على قيادة جديدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، تعيد الثقة العامة في تلك المؤسسة الوطنية لتنفيذ مهمتها في تنفيذ القوانين".
وحمل ذلك النص انتقادات لكومي، حسب وسائل الإعلام المحلية، وهي التي كان أشار إليها خلال تصريحات في أبريل/ نيسان الماضي، رغم محاولته نفي أي مزاعم حول التخلي عن جيمس كمدير لمكتب التحقيقات الفيدرالية.
اقرأ أيضا: إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي تدفع الدولار إلى خسائر
وحينها، قال ترامب لقناة "فوكس بيزنس" التلفزيونية "لدي ثقة في جيمس كومي، لنرى ماذا سيحدث؟ هذا سيكون مثيرا جدا".
وفي أبريل المنصرم، نقل موقع "بريت بارت" المحافظ، الداعم لسياسات ترامب، تصريحات للأخير مفادها بأنه "لن يطالب جيمس كومي بالاستقالة حرصًا منه على إعطاء الجميع فرصة جيدة وعادلة في إدارته الجديدة".
وأوَّل ترامب فكرة استبعاد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، لكنه في المقابل، وجه إليه بعض الاتهامات التي اعتمد عليها، وفق التقارير الإعلامية الأمريكية، في إصدار قرار الإقالة الذي أوصى به كل من وزير العدل جيف سيشنز، ونائبه ريزنشتاين.
وفي تصريحاته السابقة لقناة "فوكس بيزني" الأمريكية، اتهم ترامب، كومي بأنه "أنقذ هيلاري كلينتون عندما نفى عنها تورطها في أي تهم جنائية، إثر قيامها بحفظ رسائل بريدها الإلكتروني على خادم (سيرفر) خاص في منزلها حين كانت تتقلد منصب وزيرة الخارجية".
جدير بالذكر، أن جيمس كومي أدلى الأسبوع الماضي بشهادته أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي، للدفاع عن قراراه إعادة فتح التحقيق في قضية استخدام كلينتون، لبريدها الإلكتروني الخاص أثناء توليها منصب وزارة الخارجية.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي أعلن قبل أيام من موعد الانتخابات الأمريكية أنه "لم يجد أي دليل على ارتكاب هيلاري كلينتون لأي جريمة جنائية"، وهو ما تراجع عنه فيما بعد وطالب بإعادة فتح التحقيق.
وجاءت الإقالة قبل يوم واحد من اجتماع وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف، مع كل من نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، وترامب نفسه فى البيت الأبيض، وهو ما أثار مخاوف تتعلق بإمكانية وجود علاقة وثيقة تربط ترامب بالجانب الروسي، وفق صحيفة "إكزامنير" الأمريكية.