ألقى الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب كلمة له الأحد أمام زعماء 55 دولة إسلامية في
السعودية، تحدث فيها عن عدة مواضيع أهمها الإرهاب.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الكلمة عن ترامب الذي قال: "أود أن أشكر الملك
سلمان على كلماته الاستثنائية، والمملكة العربية السعودية الرائعة لاستضافتها قمة اليوم.. لقد سمعت دائما عن روعة بلدكم ولطف مواطنيكم، ولكن الكلمات لا تنصف عظمة هذا المكان الرائع والضيافة المذهلة التي أظهرتموها لنا منذ لحظة وصولنا.
استضفتموني في بيت الملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة الذي وحد شعبكم العظيم. وقد بدأ الملك عبدالعزيز، إلى جانب زعيم آخر محبوب - الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت - الشراكة الدائمة بين دولتينا. أيها الملك سلمان، والدك كان سيفخر جدا برؤية أنك تواصل إرثه - وكما فتح هو الصفحة الأولى في شراكتنا، نبدأ اليوم فصلا جديدا يحقق فوائد دائمة لمواطنينا.
واسمحوا لي الآن أن أعرب عن امتناني العميق والصادق لكل رؤساء الدول الموقرين الذين قطعوا هذه الرحلة إلى هنا اليوم. إنكم تشرفوننا كثيرا بحضوركم، وأرسل أحر التحيات من بلدي إلى بلادكم. وأنا أعلم أن وقتنا معا سيجلب العديد من الفوائد لشعبكم ولشعبي.
إنني أقف أمامكم وأنا أمثل الشعب الأمريكي، لأقدم رسالة صداقة وأمل. وهذا هو سبب اختياري أن تكون أول زيارة خارجية لي إلى قلب العالم الإسلامي، إلى الأمة التي تخدم أقدس موقعين في دين الإسلام.
في خطاب تنصيبي أمام الشعب الأمريكي، تعهدت بتعزيز أقدم الصداقات الأمريكية، وبناء شراكات جديدة سعيا لتحقيق السلام. كما وعدت بأننا لن نسعى لفرض طريقة حياتنا على الآخرين، بل سنمد أيدينا بروح التعاون والثقة.
رؤيتنا هي رؤية تتمحور حول السلام والأمن والازدهار في هذه المنطقة، وفي العالم.
وهدفنا هو تحالف الأمم التي تشترك في هدف القضاء على التطرف، وتزويد أطفالنا بمستقبل متفائل يحترم الله.
ولذلك، فإن هذا التجمع التاريخي وغير المسبوق للقادة - الفريد من نوعه في تاريخ الأمم - هو رمز للعالم يعكس عزمنا المشترك واحترامنا المتبادل. وبالنسبة لقادة ومواطني كل بلد اجتمعوا هنا اليوم، أريدكم أن تعرفوا أن الولايات المتحدة حريصة على إقامة روابط أوثق للصداقة والأمن والثقافة والتجارة.
إن هذا وقت مثير للأمريكيين. وتجتاح دولتنا روح جديدة من التفاؤل؛ إذ في غضون أشهر قليلة، أنشأنا ما يقرب من مليون وظيفة جديدة، وأضفنا أكثر من 3 تريليونات دولار من القيمة المضافة الجديدة، وخففنا الأعباء على الصناعة الأمريكية، وسجلنا استثمارات قياسية في جيشنا ما سيحمي سلامة شعبنا، ويُعزز أمن أصدقائنا وحلفائنا الرائعين - وكثير منهم هنا اليوم.
الآن، هناك المزيد من الأخبار السارة التي يسعدني أن أشاركها معكم. إن اجتماعاتي مع الملك سلمان، وولي العهد، وولي ولي العهد، قد ملأها الدفء وحسن نية والتعاون الهائل.
لقد وقعنا أمس (السبت) اتفاقيات تاريخية مع المملكة تستثمر ما يقرب من 400 مليار دولار في بلدينا، وتخلق آلافا من فرص العمل في أمريكا والسعودية.
وتشمل هذه الاتفاقية التاريخية الإعلان عن مبيعات دفاعية للسعودية بقيمة 110 مليار دولار، وسنتأكد من مساعدة أصدقائنا السعوديين للحصول على صفقة جيدة من شركات الدفاع الأمريكية الكبرى. وستساعد هذه الاتفاقية الجيش السعودي على القيام بدور أكبر في العمليات الأمنية.
وقد بدأنا أيضا مناقشات مع العديد من البلدان الحاضرة اليوم بشأن تعزيز الشراكات الحالية، وتشكيل شراكات جديدة لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
في وقت لاحق اليوم، سنصنع التاريخ مرة أخرى بافتتاح مركز عالمي جديد لمكافحة الأيديولوجية المتطرفة، وسيكون المركز موجودا هنا، في هذا الجزء المحوري من العالم الإسلامي. ويمثل هذا المركز الجديد الرائد إعلانا واضحا بأنه يجب على الدول ذات الأغلبية المسلمة، أن تأخذ زمام المبادرة في مكافحة التطرف، وأود أن أعرب عن امتناننا للملك سلمان على هذا الاستعراض القوي للقيادة.
وقد كان من دواعي سروري أن أرحب بالعديد من القادة الحاضرين اليوم في البيت الأبيض، وأتطلع إلى العمل معكم جميعا.
إن أمريكا دولة ذات سيادة، وأولويتنا الأولى هي دائما سلامة وأمن مواطنينا. نحن لسنا هنا لنُحاضر، لسنا هنا لنملي على الآخرين كيفية عيش حياتهم أو التصرف أو ممارسة دينهم، وإنما نحن هنا لعرض الشراكة – على أساس المصالح والقيم المشتركة – بهدف الوصول إلى مستقبل أفضل لنا جميعا.
هنا في هذه القمة، سنناقش العديد من المصالح التي نتشارك فيها. ولكن قبل كل شيء يجب أن نتحد في السعي إلى تحقيق هدف واحد يتجاوز كل اعتبار آخر. وهذا الهدف هو مواجهة اختبار التاريخ العظيم، القضاء على التطرف وقهر قوى الإرهاب.
وينبغي أن يستطيع الفتيان والفتيات من الشباب المسلم أن يكبروا بعيدا عن الخوف، وفي مأمن من العنف، ولا تحرمهم الكراهية من البراءة.
وينبغي أن يتاح للمسلمين والمسلمات فرصة بناء حقبة جديدة من الازدهار لأنفسهم ولشعوبهم.
وبمساعدة الله، ستشكل هذه القمة بداية النهاية لأولئك الذين يمارسون الإرهاب وينشرون عقيدته الخبيثة. وفي الوقت نفسه، ندعو أن يُذكر هذا التجمع الخاص يوما ما باعتباره بداية السلام في الشرق الأوسط، وربما حتى في جميع أنحاء العالم.
ولكن هذا المستقبل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال هزيمة الإرهاب والأيديولوجية التي تدفعه. وقد نجا عدد قليل من الدول من انتشاره العنيف.
عانت أمريكا من هجمات بربرية متكررة من الفظائع التي وقعت في 11 سبتمبر إلى دمار تفجير بوسطن، إلى عمليات القتل الرهيبة في سان برناردينو وأورلاندو.
لقد عانت دول أوروبا أيضا من رعب لا يُوصف. كما الحال في دول إفريقيا وحتى أمريكا الجنوبية. ووقعت الهند وروسيا والصين وأستراليا ضحايا.
ولكن، بأعداد هائلة، حلت أكثر الخسائر فتكا بالشعوب العربية والإسلامية والشرق أوسطية البريئة. لقد تحملوا العبء الأكبر من أعمال القتل، وحلت بهم أسوأ أشكال الدمار بهذه الموجة من العنف المتعصب.
وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 95 في المائة من ضحايا الإرهاب من المسلمين.
إننا نواجه الآن كارثة إنسانية وأمنية في هذه المنطقة تنتشر عبر كوكبنا. إنها مأساة ذات أبعاد ملحمية. ولا يمكن لأي وصف للمعاناة والفساد أن يبدأ في استيعابه بالكامل.
التأثير الحقيقي لتنظيم داعش والقاعدة وحزب الله وحماس والعديد من التنظيمات الأخرى، لا يجب أن يُقاس فقط بعدد القتلى. يجب أن يُقاس أيضا بأجيال من الأحلام المتلاشية.
الشرق الأوسط غني بالجمال الطبيعي، والثقافات النابضة بالحياة، وكميات هائلة من الكنوز التاريخية، وينبغي أن يصبح أحد المراكز العالمية الكبرى للتجارة والفرص، ولا ينبغي أن تكون هذه المنطقة مكانا يفر منه اللاجئون، وإنما يتدفق إليها القادمون الجدد.
المملكة العربية السعودية هي موطن لأقدس المواقع لأحد أكبر الديانات في العالم، كل عام يأتي الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم إلى السعودية لأداء الحج. وبالإضافة إلى العجائب العتيقة، هذه الدولة هي أيضا موطن لعجائب حديثة، بما في ذلك الإنجازات المذهلة في الهندسة المعمارية.
كانت مصر مركزا مزدهرا للتعليم والإنجازات منذ آلاف السنين، وسبقت أجزاء أخرى من العالم. عجائب الجيزة والأقصر والإسكندرية هي مصدر فخر لهذا التراث القديم.
في جميع أنحاء العالم، يحلم الناس بزيارة أنقاض البتراء الأثرية في الأردن. وكان العراق مهد الحضارة وهو أرض الجمال الطبيعي. وقد وصلت الإمارات العربية المتحدة إلى ارتفاعات لا تصدق بالزجاج والصلب، وحوّلت الأرض والمياه إلى أعمال فنية مذهلة.
وتقع المنطقة بأكملها في قلب الممرات الرئيسية في قناة السويس والبحر الأحمر ومضيق هرمز.
وإمكانات هذه المنطقة أكبر الآن من أي وقت مضى؛ إذ إن 65 في المائة من سكانها تحت سن الثلاثين. وكما الحال مع جميع الشباب والشابات، فهم يسعون لبناء مستقبل كبير، وللانضمام إلى مشاريع وطنية، وإيجاد منازل لعائلاتهم.
ولكن هذه الإمكانات غير المستغلة، هذا السبب الهائل للتفاؤل، يكبحه سفك الدماء والإرهاب. ولا يمكن أن يكون هناك تعايش مع هذا العنف. لا يمكن أن يُحتمل، أو يُقبل، أو يُعذر، أو يُتجاهل.
في كل مرة يقتل إرهابي شخصا بريئا، ويستخدم اسم الله على نحو كاذب، ينبغي أن يمثل ذلك إهانة لكل شخص مؤمن.
الإرهابيون لا يعبدون الله، إنهم يعبدون الموت.
وإذا لم نتصرف ضد هذا الإرهاب المنظم، فإننا نعرف ما سيحدث. وسيستمر انتشار تدمير الإرهاب للحياة. ستتحول الجماعات السلمية إلى العنف. وسيضيع للأسف مستقبل أجيال عديدة. إذا لم نقف في إدانة موحّدة لهذا القتل، فلن تحاسبنا شعوبنا فحسب، ولن يحاسبنا التاريخ فحسب، وإنما سيحاسبنا الله.
هذه ليست معركة بين مختلف الديانات أو الطوائف المختلفة أو الحضارات المختلفة. هذه معركة بين المجرمين الهمجيين الذين يسعون إلى طمس حياة الإنسان، والناس الكرماء من جميع الأديان الذين يسعون إلى حمايته.
هذه معركة بين الخير والشر.
عندما نرى مشاهد الدمار في أعقاب الإرهاب، لا نرى أي علامات على أن القتلة كانوا من اليهود أو المسيحيين، من الشيعة أو السنة. عندما ننظر إلى تيارات الدماء البريئة التي أغرقت الأراضي القديمة، لا يمكننا أن نرى دينا أو طائفة أو قبيلة الضحايا – كل ما نراه فقط أنهم كانوا أبناء الله الذين يُعد موتهم إهانة لكل ما هو مقدس.
ولكننا لا نستطيع التغلب على هذا الشر إلا إذا كانت قوى الخير متحدة وقوية، وإذا قام كل فرد في هذه القاعة بنصيبه العادل وتحمل جزءا من العبء.
لقد انتشر الإرهاب في جميع أنحاء العالم، ولكن الطريق إلى السلام يبدأ هنا، في هذه الأرض العتيقة، في هذه الأرض المقدسة.
الولايات المتحدة مستعدة للوقوف معكم من أجل المصالح المتبادلة والأمن المشترك.
لكن دول الشرق الأوسط لا يمكنها انتظار تدمير القوة الأمريكية لهذا العدو (الإرهاب) بالنيابة عنهم. على أمم الشرق الأوسط أن تقرر نوع المستقبل الذي تريده لنفسها، وبصراحة، لعائلاتها وأطفالها.
إنه خيار بين مستقبلين – وهو خيار لا يمكن لأمريكا أن تأخذه بالنيابة عنكم.
المستقبل الأفضل سيكون محتملا فقط في حال طردت أممكم الإرهابيين والمتطرفين. اطردوهم من أماكن العبادة. أخرجوهم من مجتمعاتكم وأراضيكم المقدسة. اطردوهم من الأرض.
ومن جانبنا، فإن أمريكا ملتزمة بتعديل استراتيجياتها لمواكبة تطور التهديدات والحقائق الجديدة.
سنتخلى عن الاستراتيجيات التي لم تنجح، وسنطبق نهجا جديدا مستنيرا بالخبرة والفطنة. نحن نعتمد الواقعية الأخلاقية، المتجذرة في القيم والمصالح المشتركة.
إن أصدقاءنا لن يشككوا أبدا في دعمنا، ولن يشك أعداؤنا أبدا في عزمنا. إن شراكاتنا ستعزز الأمن من خلال الاستقرار، وليس من خلال الاضطراب الجذري. وسنتخذ قراراتنا على أساس النتائج في العالم الحقيقي، وليس بناء على أيديولوجية غير مرنة. سنسترشد بدروس الخبرة، ولن ننحصر ضمن حدود التفكير المتزمت. وسنسعى، حيثما أمكن، إلى إجراء إصلاحات تدريجية، وليس التدخل المفاجئ.
ويجب علينا أن نسعى للشراكة، وليس إلى الكمال، وأن نسعى للتحالف مع من يشاركنا أهدافنا.
وفوق كل شيء، تسعى أمريكا للسلام وليس الحرب.
ويجب أن تكون الدول الإسلامية مستعدة لتحمل العبء، إذا أردنا أن نهزم الإرهاب ونرسل أيديولوجياته الشريرة إلى غياهب النسيان.
المهمة الأولى في هذا الجهد المشترك، هي أن تحرم أممكم جنود الشر من الأراضي. ويجب على كل دولة في المنطقة أن تضمن ألا يجد الإرهابيون ملاذا آمنا فيها.
الكثير يقدمون بالفعل مساهمات كبيرة في الأمن الإقليمي: الطيارون الأردنيون شركاء حاسمون ضد "داعش" في سوريا والعراق. وقد اتخذت السعودية والتحالف الإقليمي تحركات قوية ضد المسلحين الحوثيين في اليمن. الجيش اللبناني يلاحق عناصر "داعش" الذين يحاولون التسلل إلى أراضي لبنان. وتدعم القوات الإماراتية شركاءنا الأفغان. في الموصل، تدعم القوات الأمريكية الأكراد والسنة والشيعة الذين يقاتلون معا من أجل وطنهم. وتعتبر قطر، التي تستضيف القيادة المركزية الأمريكية، شريكا استراتيجيا حاسما. وتواصل شراكتنا الطويلة الأمد مع الكويت والبحرين تعزيز الأمن في المنطقة. والجنود الأفغان الشجعان يقدمون تضحيات هائلة في الكفاح ضد حركة طالبان، وغيرها، ضمن جهود الكفاح من أجل بلدهم.
وبينما نمنع المنظمات الإرهابية من السيطرة على الأراضي والسكان، يجب علينا أيضا تجريدهم من إمكانية حصولهم على الأموال. يجب علينا قطع القنوات المالية التي تسمح لداعش ببيع النفط، والسماح للمتطرفين بالدفع لمقاتليهم، ومساعدة الإرهابيين على تهريب إمداداتهم.
إنني فخور بأن أعلن أن الأمم هنا اليوم ستوقع اتفاقا لمنع تمويل الإرهاب، بمسمى "مركز استهداف تمويل الإرهاب"، الذي تشترك في رئاسته الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وينضم إليه جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي. إنها خطوة تاريخية أخرى في يوم سيُذكر على مدى طويل.
وأثني أيضا على مجلس التعاون الخليجي لحجبه الممولين عن استخدام بلدانهم كقاعدة مالية للإرهاب، وتصنيفه "حزب الله" منظمة إرهابية العام الماضي. كما انضمت المملكة العربية السعودية إلينا هذا الأسبوع في فرض عقوبات على أحد كبار قادة "حزب الله".
وبطبيعة الحال، لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به.
وهذا يعني مواجهة أزمة التطرف الإسلامي والجماعات الإسلامية الإرهابية. وهذا يعني الوقوف معا ضد قتل الأبرياء المسلمين، وقمع النساء، واضطهاد اليهود، وذبح المسيحيين.
يجب على القادة الدينيين أن يوضحوا أن البربرية لن تجلب لك أي مجد. تبجيل الشر لن يجلب لك أي كرامة. إذا اخترت مسار الإرهاب، ستكون حياتك فارغة، ستكون حياتك قصيرة، وستكون روحك مدانة.
ويجب على القادة السياسيين أن يتحدثوا لتأكيد نفس الفكرة: الأبطال لا يقتلون الأبرياء؛ بل يحمونهم. وقد اتخذت دول كثيرة هنا اليوم خطوات مهمة لنشر هذه الرسالة. إن رؤية السعودية 2030 يُعد تصريحا مهما ومشجعا حول التسامح والاحترام، وتمكين المرأة والتنمية الاقتصادية.
كما شاركت الإمارات العربية المتحدة في المعركة من أجل القلوب والنفوس، وأطلقت مع الولايات المتحدة مركزا لمواجهة انتشار الكراهية على الإنترنت. كما تعمل البحرين على تقويض التجنيد والتطرف.
كما أشيد بالأردن وتركيا ولبنان لدورهم في استضافة اللاجئين. إن تدفق المهاجرين واللاجئين الذين يغادرون الشرق الأوسط يستنزف رأس المال البشري اللازم لبناء مجتمعات واقتصادات مستقرة. وبدلامن حرمان هذه المنطقة من إمكانات بشرية كبيرة، يمكن لبلدان الشرق الأوسط أن تعطي الشباب الأمل في مستقبل أكثر إشراقا في دولهم ومناطقهم.
وهذا يعني تعزيز تطلعات وأحلام جميع المواطنين الذين يسعون إلى حياة أفضل، بمن فيهم النساء والأطفال وأتباع جميع الديانات. وقد قال العديد من العلماء العرب والإسلاميين ببلاغة، إن حماية المساواة تقوي المجتمعات العربية والإسلامية.
لقرون عديدة كان الشرق الأوسط موطنا للمسيحيين والمسلمين واليهود الذين يعيشون معا، ويجب أن نمارس التسامح والاحترام المتبادل مرة أخرى، وأن نجعل هذه المنطقة مكانا يمكن فيه لكل رجل وامرأة، بصرف النظر عن إيمانهم أو عرقهم، أن يتمتعوا بحياة كريمة يملؤها الأمل.
وبهذه الروح، في ختام زيارتي للرياض، سأسافر إلى القدس وبيت لحم، ثم إلى الفاتيكان، حيث سأزور العديد من أقدس الأماكن في الأديان الإبراهيمية الثلاثة. وإذا أمكن لهذه الديانات الثلاث أن تتعاون معا، فإن السلام في هذا العالم سيكون ممكنا، بما في ذلك السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وسأجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
إن حرمان الإرهابيين من أراضيهم وتمويلهم والجاذبية الكاذبة لإيديولوجياتهم الجبانة، ستكون أساسا لهزيمتهم.
ولكن، لن يكون هناك نقاش حول القضاء على هذا التهديد بالكامل، دون الإشارة إلى الحكومة التي تعطي الإرهابيين الملاذ الآمن، والدعم المالي، والمكانة الاجتماعية اللازمة للتجنيد. إنه نظام مسؤول عن عدم الاستقرار في المنطقة. أنا أتكلم عن إيران.
من لبنان إلى العراق إلى اليمن، تقوم إيران بتمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين والمليشيات والجماعات المتطرفة الأخرى التي تنشر الدمار والفوضى في المنطقة. على مدى عقود، غذّت إيران حرائق الصراع الطائفي والإرهاب.
إنها حكومة تتحدث صراحة عن القتل الجماعي، وتتعهد بتدمير إسرائيل والموت لأمريكا، والخراب لكثير من القادة والأمم في هذه القاعة.
ومن بين أكثر التدخلات زعزعة للاستقرار، تدخل إيران في سوريا؛ إذ ارتكب (الرئيس السوري، بشار الأسد)، بدعم من إيران، جرائم لا توصف، واتخذت الولايات المتحدة إجراءات حازمة ردا على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية المحظورة، حيث أطلقت 59 صاروخا من طراز توماهوك على القاعدة الجوية السورية (الشعيرات) حيث نشأ هذا الهجوم القاتل.
يجب على الدول المسؤولة أن تعمل معا لإنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا، والقضاء على داعش، واستعادة الاستقرار في المنطقة.
وأكبر ضحايا النظام الإيراني هو شعبه. لدى إيران تاريخ وثقافة غنية، ولكن الشعب الإيراني عانى من المشقة واليأس في ظل سعي قادته بتهور للصراع والإرهاب.
وحتى يرغب النظام الإيراني في أن يكون شريكا في السلام، يجب على جميع الدول أن تعمل معا لعزل إيران، ومنعها من تمويل الإرهاب، وأن تدعو أن يأتي اليوم الذي يتمتع فيه الشعب الإيراني بالحكومة العادلة الصالحة التي يستحقها.
إن القرارات التي نتخذها ستؤثر على حياة أعداد لا حصر لها.
أيها الملك سلمان، أشكرك على خلق هذه اللحظة العظيمة في التاريخ، ولاستثماركم الضخم في أمريكا وصناعاتها ووظائفها. كما أشكركم على الاستثمار في مستقبل هذا الجزء من العالم.
هذه المنطقة الخصبة لديها كل المكونات لتحقيق نجاح استثنائي؛ تاريخ غني وثقافة، وشعب شاب ينبض بالحياة، وروح المبادرة. ولكن لا يمكن أن يُحقق هذا المستقبل إلا إذا تم تحرير مواطني الشرق الأوسط من التطرف والإرهاب والعنف.
ونحن في هذه القاعة قادة شعوبنا. إنهم يتطلعون إلينا للحصول على إجابات ولاتخاذ إجراءات. وعندما ننظر إلى وجوههم، نرى وراء أعينهم روحا تتوق إلى العدالة.
واليوم، تنظر مليارات الوجوه إلينا الآن، في انتظار أن نتخذ إجراء بشأن أعظم سؤال في عصرنا.
هل سنكون غير مبالين في وجود الشر؟ هل سنحمي مواطنينا من أيديولوجيته العنيفة؟ هل سنترك سمّه ينتشر عبر مجتمعاتنا؟ هل سنتركه يدمر معظم الأماكن المقدسة في الأرض؟
إذا لم نواجه هذا الإرهاب القاتل، فإننا نعرف ما سيحدث في المستقبل – المزيد من المعاناة واليأس.
ولكن إذا تصرفنا؛ إذا تركنا هذه الغرفة الرائعة متحدين وعازمين على القيام بما يلزم لتدمير الإرهاب الذي يهدد العالم، فلا يوجد حد للمستقبل العظيم الذي سيحظى به مواطنونا.
مسقط رأس الحضارة ينتظر بداية نهضة جديدة. تخيلوا فقط ما يمكن أن يحققه الغد.
عجائب العلوم والفنون والطب والتجارة لإلهام البشرية. المدن الكبرى التي بنيت على أنقاض المدن المحطمة. وظائف وصناعات جديدة من شأنها أن ترفع من معيشة الملايين من الناس. الآباء والأمهات الذين لم يعودوا بحاجة للقلق على أطفالهم، والأسر التي لم تعد في حالة حداد على أحبائهم، والمؤمنون الذين يستطيعون أخيرا ممارسة دياناتهم دون خوف.
هذه هي بركات الرخاء والسلام. هذه هي الرغبات الجامحة في قلب كل إنسان. وهذه هي المطالب العادلة لشعوبنا الحبيبة.
أطلب منكم أن تنضموا إلي، الانضمام معا، للعمل معا، والقتال معا؛ لأنه إذا اتحدنا، فلن نفشل.
شكرا. حماكم الله وبارك في بلادكم. وبارك الله الولايات المتحدة الأمريكية."