أدانت بشدة 8 منظمات حقوقية دولية (غير حكومية)، منها "هيومن
رايتس ووتش"، التصديق على قانون جديد ينظم عمل المنظمات غير الحكومية في
مصر، مؤكدين أن هذا القانون ينص على "مستويات غير مسبوقة من القمع، وسوف يُجرّم نشاط العديد من منظمات المجتمع المدني، وسيجعل من المستحيل عليها أن تعمل بشكل مستقل".
وقالوا- في بيان مشترك لهم مساء الجمعة-: "تشمل عواقب القانون المتوقعة تغييب مبادرات التنمية الإنسانية والمبادرات الخيرية، وتعتيم العمل الإعلامي، وإلغاء المحاسبة على
الانتهاكات الحكومية. هذه المهام التي تتولاها منظمات المجتمع المدني المصرية، مطلوبة بشكل خاص في ظل الأزمات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الحالية".
وأضافوا: "المصريون المستضعفون واللاجئون في الأراضي المصرية يحتاجون أكثر من أي وقت مضى للدعم والخدمات الأساسية التي تقدمها الجمعيات التي يستهدفها هذا القانون، مثل الخدمات الاجتماعية والتعليم وتخفيف آثار الفقر، فضلا عن الدعم القانوني والطبي والنفسي للناجين من التعذيب والانتهاكات والعنف ضد المرأة".
وتابعوا: "التضييق على المجتمع المدني إلى هذه الدرجة يمحي مسارا كان يمكن للمواطنين المصريين من خلاله التعبير عن المعارضة، ومحاسبة الحكومة على انتهاكات
حقوق الإنسان، والاستفادة من مبادرات التنمية الإنسانية في وقت الأزمة الاقتصادية الطاحنة".
وأردفوا: "مع تكبيل المجتمع المدني، صعّبت الحكومة أكثر على الجمعيات الأهلية التعامل مع الاحتياجات الاجتماعية التي أدت في بعض الأحيان إلى اضطرابات، مثلما حدث مؤخرا مع ارتفاع سعر الخبز. زيادة السيطرة الحكومية على منظمات المجتمع المدني المصرية تؤدي إلى إخفاء التهديدات الأمنية والهجمات الإرهابية، وإعطاء الجناة فرصة لتشكيل سردية تدور حول حالة من القتال بين الدولة من جهة والمتطرفين المسلحين من جهة أخرى".
وفي 24 أيار/ مايو، صدّق رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي على القانون رقم 70 لسنة 2017 لتنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي، وبموجبه يُحظر على جميع الجمعيات ممارسة نشاط "يضر بالأمن القومي للبلاد أو النظام العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة"، وهو الذي وصفته المنظمات الحقوقية بأنه "مصطلحات مبهمة وفضفاضة يمكن أن يُساء توظيفها في تقييد أنشطة مشروعة".
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك: "هذا القانون الجديد يمثل انتكاسة هائلة لحرية تكوين الجمعيات في مصر. لقد أغلقت السلطات المصرية بإحكام المساحة المحدودة التي بقيت مُتاحة للمنظمات غير الحكومية، ودفعت بمجتمع المعنيين بحقوق الإنسان إلى العمل في الخفاء".
ودعت المنظمات الدولية الحكومة المصرية إلى إسقاط التحقيقات الجنائية كافة، القائمة بحق المنظمات غير الحكومية، وإلى إلغاء القانون اتساقا مع التزامات مصر الداخلية والدولية بحماية حرية تكوين الجمعيات.
كما دعوا من وصفوهم بشركاء مصر الدوليين الذين "يوفرون مساعدات أجنبية ومعونة اقتصادية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى استخدام نفوذهم لحث الحكومة المصرية على السماح للمنظمات غير الحكومية بالوفاء بمهامها في المجتمع المدني".
وشدّدوا على أنه يجب على "الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها، والدول الأعضاء بالأمم المتحدة، إلى التدخل كوسطاء بالمجتمع الدولي لتحميل مصر المسؤولية على هذا التشريع المكبل للمجتمع المدني إلى درجة شلّه تماما".
واستطردوا قائلين: "لا يجب أن تكون الدعوة لاحترام حقوق الإنسان والعمل على التنمية في مصر من الجرائم. لكن هذا القانون يجرّم هذه الأمور، ويشل المجتمع المدني لسنوات قادمة".
ووقع على البيان، كل من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط (TIMEP)، وهيومن رايتس ووتش، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وCIVICUS، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (OMCT)، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وجمعية الإبداع والثقافة الإيطالية (ARCI)، ومنظمة Un Ponte Per.