تواجه شركات إماراتية وسعودية، موجة من
الخسائر المالية ناتجة عن مقاطعتها ودول عربية أخرى للدوحة وفرض حصار عليها، بدأ الأسبوع الماضي.
وبعد عقود من التكتل
الخليجي، الذي أفضى إلى شراكات اقتصادية ومالية بين الدول الست، فإن تقريرا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية الأحد، أظهر أن نتائج ارتدادية ستصيب شركات في كل من السعودية والإمارات.
ومنذ الاثنين الماضي، أعلنت ثماني دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع
قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر والمالديف، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات.
ولم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.
ونفت قطر الاتهامات بـ"دعم الارهاب" التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
يقول الخبير في
الاقتصاد الدولي، جاسم عجاقة، إن الاقتصاد العربي بمجمله خاسر بسبب الخلافات الأخيرة، إلا أن مصر والسعودية والإمارات ستكون أقرب إلى دوامة الخسائر.
دولفين الإماراتية
ستكون شركة دولفين للطاقة الإماراتية ومقرها أبوظبي، التي تعد واحدة من أبرز شركات نقل وتوزيع الغاز عالميا، أمام أزمة في حال احتدام أزمة "الأشقاء".
وتحصل "دولفين" على الغاز من قطر، وتصدر أكثر من ملياري قدم مكعب من الغاز يوميا لعديد من دول العالم أبرزها الولايات المتحدة وسلطنة عمان.
ورغم استمرار الأزمة، فإن الدوحة لا تزال تزود الشركة الإماراتية بالغاز، وهو تنفيذ لقرار أعلنه المسؤولون القطريون، بالتزامهم الكامل بعقود تصدير الغاز.
وسيدفع غلق أنبوب الغاز القطري لـ"دولفين"، إلى وقوع الأخيرة في أزمة نقص لتوريد الغاز إلى الولايات المتحدة والدول الأخرى، خاصة مع ارتفاع الطلب على الغاز اللازم لتوليد الطاقة.
واعتبر عجاقة، أن احتدام الأزمة إن حصل، فسيدفع نحو إقامة علاقة قطرية تركية، لتسويق الغاز إلى الأخيرة، أو تمريره عبر أراضيها نحو أوروبا، بموافقة روسية.
وأشار الخبير الاقتصادي الدولي العراقي وليد خدوري، إلى أنه في حال تأزم الموقف فستفقد قطر أحد أهم أسواق الغاز الإقليمية مثل السوق الإماراتية، التي تستورد الغاز القطري خلال أنبوب "دولفين"، والذي يعمل بشكل طبيعي حتى الآن.
"المراعي" السعودية
في السعودية، ستكون شركة المراعي التي تعد واحدة من أكبر شركات الألبان والأجبان في الشرق الأوسط، ضحية لغلق سوق رئيسية لها، لاحقًا لقرار الحصار والمقاطعة بحق الدوحة.
وعلى الرغم من عدم وضوح حصة قطر من واردات المراعي، إلا أن 25 بالمائة من صناعات الشركة السعودية تتجه نحو دول الخليج، بحسب بلومبيرغ.
وأشارت الوكالة، إلى أن أسهم المراعي تراجعت لأدنى مستوى في 8 شهور، يوم إعلان
المقاطعة، قبل أن تصعد قليلا في الأيام اللاحقة.
وتبلغ قيمة الواردات القطرية من دول الخليج، بنحو 5.1 مليار دولار أمريكي، بحسب "عجاقة"، مقابل صادرات قطرية بقيمة 6.5 مليار دولار أمريكي.
الخليج للسكر
ولن يكون حال شركة الخليج للسكر، ومقرها الإمارات، أفضل حالا من سابقاتها، بحسب "بلومبيرغ".
وتعد الشركة واحدة من أكبر مصافي السكر في العالم، لتحل منتجات هندية مكانها في السوق القطرية، مع استمرار المقاطعة.
ويرى الخبير الاقتصادي اللبناني، أن "خسائر الدوحة من الأزمة الحالية في حال استمرارها بنفس وتيرتها الحالية، لن تتجاوز الـ15 مليار دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم الصادرات القطرية، التي تتجاوز الـ77 مليار دولار".
وزاد: "التحدي الأبرز لقطر في الفترة الراهنة، هو دفاعها عن قوة الريال القطري، وعدم تعرضه لصدمات تهبط به لمستويات قياسية، "برأيي أن الاقتصاد القطري قادر على ذلك".
وقال وزير المالية القطري علي شريف العمادي، الاثنين، إن بلاده قادرة على الدفاع بسهولة عن اقتصادها وعملتها، في مواجهة العقوبات التي فرضتها عليها دول عربية أخرى.
مصر خاسرة
وقال جاسم عجاقة، أن الاقتصاد المصري سيكون من الخاسرين الرئيسيين للأزمة الحالية، "حجم الاستثمارات القطرية في مصر يتجاوز 14 مليار دولار أمريكي.. لا أعتقد أن الدوحة ستقف مكتوفة أمام الخطوات المصرية".
وتابع: "الأزمة إن تطورت، فإن مصر ستخسر أيضا نحو مليار دولار أمريكي سنويا، على شكل حوالات للعاملين المصريين في الدوحة، في الوقت الذي تحتاج فيه القاهرة لكل دولار بسبب شح النقد الأجنبي".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي العراقي وليد خدوري، إن الأزمة الحالية ستؤثر على درجة الثقة في اقتصاديات المنطقة، ما يعرضها إلى عقبات كثيرة أمام تدفقات رؤوس الأموال وحركة التجارة البينية.
وأوضح وليد خدوري، أن إغلاق الدول المجاورة المنافذ البحرية والجوية أمام قطر، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية، سيؤدي إلى الاستفادة المباشرة للموانئ والمطارات في كل من إيران وسلطنة عمان.
ونظرا للمسافة القريبة بين محافظة بوشهر الإيرانية وقطر، سيتم تخصيص ميناء بوشهر كمركز للتبادل الاقتصادي بين إيران والدوحة بهدف تنمية الصادرات بين الجانبين.
وقالت الشركة القطرية لإدارة الموانئ، الأحد الماضي إن خطي النقل البحري الجديدين سيتضمنان تسيير ثلاث رحلات أسبوعيا بين ميناء حمد القطري، وميناءي صحار في شمال عمان وصلالة في الجنوب العماني.