نشر موقع "بازفيد" تقريرا لمراسلته عائشة غني، حول تقرير صدر مؤخرا عن لجنة شعبية يوم الاثنين، بحثت في مشاركة المسلمين في الحياة العامة، وقاد اللجنة المدعي العام السابق في حكومة المحافظين دومينيك غريف، ودعا فيه الحكومة لمراجعة استراتيجية "
بريفنت" لمحاربة التطرف، وقال إن الاستراتيجية تعطي نتائج عكسية منذ أن تم اتخاذها عام 2011.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن غريف، قوله إنه ما لم تتخذ الإجراءات المناسبة، فإن هناك خطرا "باستمرار دوامة نحو الأسوأ من الشك المتبادل وعدم الفهم"، مشيرا إلى قول معدي التقرير إن عملهم تم في أجواء يوجد فيها شعور بالانقسام والاستقطاب في المملكة المتحدة؛ ولذلك يجب التعامل مع توصياتهم على أن لها "الأولوية" لدى الحكومة.
وتذكر الكاتبة أن اللجنة، التي تألفت من شخصيات مشهورة في السياسة والتجارة والمجال الأكاديمي ومن مختلف الديانات، وجدت أن اندماج المسلمين في المجتمع لم يتطور كما يجب، وأن الإقصاء أدى إلى العزلة والانفصال.
ويشير الموقع إلى أن "لجنة المواطنين حول الإسلام والحياة العامة" جمعت شهادات وأدلة حول تجربة المسلمين وغير المسلمين في المملكة المتحدة، مدتها 500 ساعة، وكانت النتيجة تقريرا تاريخيا بعنوان "المسلمون المفقودون"، جاء بعد أربع هجمات إرهابية في أشهر قليلة.
وقال غريف النائب عن بيكونسفيلد: "الهجمات الإرهابية الصادمة في وستمنستر ومانشستر ولندن بريدج وفينزبري بارك تظهر آثار التطرف على حياة المواطنين الأبرياء"، وأضاف غريف: "إن ردة الفعل لتلك الهجمات بتوحد المجتمع والتحدي تبين لماذا يجب أن تتحول توصيات التقرير إلى أفعال بصفتها مسألة أولوية لتقوم المملكة المتحدة بالبناء على العمل الإيجابي الذي يتم".
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي تظهر فيه الاستطلاعات تشككا في المجتمع البريطاني حول انخراط المواطنين المسلمين البريطانيين في المجتمع، فإن هناك آراء مختلطة لدى المسلمين حول مدى تقبلهم بصفتهم مواطنين متساوين في المرتبة، ويتمتعون بالفرص ذاتها في المملكة المتحدة، حيث قال غريف إن هذه الديناميكية "تجعل الحاجة للقيام بفعل لكسر الحواجز وجعل الناس أقرب لبعضهم أمرا أكثر أهمية".
وتفيد غني بأن التقرير أبرز العوامل التي تتسبب بأن ينأى المسلمون بأنفسهم عن المشاركة في الحياة العامة، وأكد أهمية "إطلاق وجود وإسهام أكبر للمسلمين في الحياة البريطانية العامة"، لافتة إلى أن أحد أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها اللجنة هو أن المسلمين، الذين يشكلون نسبة 4.4% من سكان المملكة المتحدة، وهم أكبر أقلية دينية وأسرعها نموا، عادة ما يعاملون إما على أنهم محرومون أو أنهم "تهديد من الداخل".
وينقل الموقع عن مدير جمعية (Citizens UK)، التي تقف خلف اللجنة الشعبية التي قامت بالبحث وإصدار التقرير، قوله إن إحدى القضايا التي شكلت موجها للجنة كانت تجربة الناشطين في المجتمع، الذين وجدوا من الصعوبة جذب المساجد والمجموعات الإسلامية للدخول في تحالفات المواطنين، حيث إنهم أصبحوا أكثر قلقا من الاستقبال الذي سيحظون به في تلك التحالفات.
وينوه التقرير إلى أن اللجنة، التي تعد الأولى من نوعها، قامت بجلسات استماع عامة، من تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وحتى كانون الثاني/ يناير 2017، وزارت المجتمعات المسلمة في مختلف أنحاء البلاد من بيرمنغهام إلى كاردف إلى غلاسكو، مشيرا إلى أنها تتضمن شخصيات وخبراء من خلفيات متعددة، بينهم الرئيسة السابقة للجنة الانتخابات جيني واتسون، وأستاذة الدراسات الدينية في جامعة كارديف وصوفي جيليات-ري، ورجل الأعمال وعضو في اللجنة التنفيذية لمجلس القيادة اليهودية السير تريفور تشين، وقاموا بزيارة المناطق المختلفة، مصطحبين مستشارين ومجموعة قيادية من المسلمين ومجموعة قيادية من الشباب.
وتورد الكاتبة نقلا عن هاشي محمد، وهو محام ومذيع وعضو في اللجنة، قوله: "تواجه المجتمعات المختلفة تحديات خاصة بها.. لكن هناك إجماعا على أن المسلمين يعانون من تدقيق بدرجة أكبر الآن، حيث توجه التهم لهم عن دوافعهم للمشاركة في الحياة العامة والسياسة".
ويذكر الموقع أن التقرير الواسع يقترح 18 اقتراحا لثلاث جهات معنية، تتضمن المجتمع المدني وقطاع التجارة والحكومة والسلطات المحلية، بالإضافة إلى توصيات للمجتمعات الإسلامية، مشيرا إلى أنه غطى ستة مجالات لتقييم غياب المسلمين عن الحياة العامة، وهي المشاركة السياسية والهوية والانخراط والعمل والقيادة الإسلامية والأمن.
المشاركة السياسية
ويفيد النقرير بأنه فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، فإن استطلاعا لـ"بوليسي إكتشينج" وجد أن 72% منهم صوتوا في انتخابات مقابل 54% على مستوى السكان، وهناك 200 مسلم في المجالس المحلية، و15 مسلما أعضاء في مجلس العموم.
وتستدرك غني بأنه مع ذلك، وجدت اللجنة أن الخوف من
التمييز يعيق الشباب المسلمين عن المشاركة، وأشارت إلى عناوين الحملة المنافسة لصديق خان عندما كان مرشحا في انتخابات عمدة لندن، وأشار تقرير اللجنة إلى قضية مهمة، وهي أن السياسيين المحليين يسعون للحصول على مباركة كبار المجتمع "شيوخ القبائل"، الذين يستبعد منهم النساء والشباب.
وبحسب الموقع، فإن تقرير اللجنة اقترح أن تقوم الأحزاب بتشجيع المرشحات، وللحكومة أن تطور استراتيجية دمج وتعيد تقييم الطريقة التي تتعامل فيها مع المسلمين، وكذلك للحكومة والمجتمعات الإسلامية بأن تقوم بأداء دورها في إنهاء حالة الجمود.
الهوية
ويقول التقرير: "أما بالنسبة للهوية، فإن تقرير اللجنة أشار إلى أن 73% من المسلمين في إحصاء عام 2011 عرفوا أنفسهم بأنهم بريطانيون، لكنه أشار أيضا إلى أن الشباب المسلمين ينشأون في بيئة يتم اعتبارهم فيها آخرين، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ازدواجية (نحن وهم)، التي تخلق دورتها الخاصة بها من الانفصال، وحث التقرير على تشكيل هوية بريطانية استيعابية، يشعر فيها المواطن بالانتماء لمجتمع متعدد الثقافات".
الاندماج
وتشير الكاتبة إلى أن التقرير وجد أن غياب الاندماج في المجتمع أوضح ما يكون في المناطق المحرومة جدا، وأشار إلى أهمية معالجة الحواجز البنيوية، بما في ذلك غياب الفرص الاقتصادية والتمييز، واقترح في هذا المجال على السلطات المحلية والمدارس والكليات ونوادي الشباب توفير وتوسيع الفرص للشباب من خلفيات مختلفة للمشاركة، بالإضافة إلى أنه حث السلطات المحلية على العمل على تقوية البنى الموجودة لتطوير العلاقات ما بين المجتمعات المحلية المختلفة.
ويلفت الموقع إلى أن تقرير اللجنة اقترح على السلطات المحلية إيجاد مساحات عامة تجمع الناس معا في تجمعات علمانية، تشجع على بناء علاقات بين مختلف الخلفيات الثقافية، واقترح على الحكومة إنشاء منصة على الإنترنت تعلن عليها فرص المشاركة في الحياة المدنية على المستوى المحلي والقومي.
التوظيف
ويفيد التقرير بأن السلبيات والتمييز يقفان حاجزا ضد الاندماج بالنسبة للمسلمين البريطانيين، حيث أشار تقرير اللجنة إلى أن مشكلة التوظيف أكثر حدة في صفوف النساء المسلمات، فبالإضافة إلى التمييز، فإن هناك ضغوطا ثقافية وليست دينية من داخل المجتمع.
وتقول غني إن تقرير اللجنة اقترح تقوية برنامج التوجيه الذي تقدمه "موزيك"، وهي مبادرة تابعة لجمعية أمير ويلز الخيرية، وتوسيعه ليشمل الحاجات الضرورية للمسلمين، بالإضافة إلى تشجيع الصناعات على استحداث تعاقدات محلية مع أرباب العمل، بحيث يعرض الطلب على أصحاب القرار بعد اخفاء الاسم والعنوان.
القيادة الإسلامية
وينوه الموقع إلى أنه في مجال القيادة الإسلامية، وجدت اللجنة في أكثر من مجتمع مسلم مطالبات بقيادات أفضل، وشجع التقرير على نشوء لجان إدارة، مشيرا إلى قول التقرير إنه يجب بناء علاقات مع المجتمعات المحلية غير المسلمة؛ وذلك للقيام بأنشطة تهم المجتمع المحلي، وللتعاون في محاربة جرائم الكراهية، حيث أشاد بجهود بعض الجمعيات والأشخاص، الذين يقومون بتقديم الخدمات في مجتمعاتهم المحلية، كالحلاقة للمشردين، وتقديم الوجبات الغذائية لهم.
ويفيد التقرير بأن تقرير اللجنة يشجع على تدريب أئمة من المسلمين البريطانيين، لافتا إلى أن التقرير اقترح أن تقوم الجمعيات الاسلامية بإيجاد معايير تطوعية للمساجد والمراكز الإسلامية؛ لإصلاح اللجان الإدارية للمساجد، ولتحسين استفادة النساء من الجمعيات والمساجد.
وتورد الكاتبة أن التقرير أشار إلى أن "المساجد، التي تحتاج لتوسيع، فعليها تطوير شراكات مع أشخاص في المجتمع المسلم وغير المسلم لتطوير استيعابها، وعليها أيضا الاستثمار في أئمة مولودين في
بريطانيا".
الأمن والشرطة وجرائم الكراهية
ويختم "بازفيد" تقريره بالإشارة إلى أن تقرير اللجنة اقترح في مجال الأمن والشرطة بأن تقوم الحكومة بتعريف التمييز ضد المسلمين، وعلى منسق وسائل الإعلام إصدار توجيهات تحث على التغطية الدقيقة لقضايا المسلمين، وطلب من الحكومة مراجعة برنامج "بريفنت"، من خلال لجنة مستقلة، وكذلك على السلطات المحلية إنشاء مجموعة استشارية بخصوص برنامج "بريفنت"؛ للمشاركة بأفضل طرق التطبيق، بالإضافة إلى المخاوف بشأن البرنامج.