نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تناولت فيه مسألة
غلاء الأسعار، الذي أرهق كاهل المواطن
المصري. ويعود ذلك إلى الإجراءات التي اتخذها نظام
السيسي المتمثلة في رفع الدعم عن المواد الغذائية، مع الترفيع في أسعار اللحوم والدواجن، وشمل ذلك أيضا الوقود والبنزين.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه الإجراءات تندرج ضمن قائمة الوعود التي قدمتها السلطات المصرية لصندوق النقد الدولي مقابل منحها قرض بقيمة 12 مليار دولار (10 مليار يورو) لإنعاش الاقتصاد الذي انهار خلال السنوات الأخيرة.
وذكرت الصحيفة تفاصيل جولة أجريت في سوق حي عابدين المتواجد وسط
القاهرة، حيث التقت بأحد باعة الدواجن الذي أقر بأنه ضاعف لتوه في سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الدواجن، وهو يفكر في زيادة السعر أكثر خلال الأيام القادمة، مشيرا إلى أن "هذه الزيادة تعزى إلى ارتفاع سعر المحروقات، نظرا لأن كل ما يعرضونه للبيع في هذا السوق يتم نقله عن طريق الشاحنات الصغرى".
إقرأ أيضا: السيسي يشكر المصريين بعد رفع الأسعار ويشيد بـ"صبرهم"
وأكدت "ليبراسيون" أن الحكومة المصرية قد زادت خلال الأسبوع الماضي في سعر البنزين بنسبة 50 بالمائة، وقد تزامن ذلك مع رفع الدعم عن المحروقات. وتجدر الإشارة إلى أن الدعم الحكومي على المواد الغذائية والطاقية يمثل قرابة ثلث ميزانية الدولة المصرية، كما أن هذا الدعم موجه أساسا إلى الطبقة الفقيرة.
وبالنسبة لدبلوماسي أجنبي في القاهرة فإن "هذا الدعم الحكومي ليس موجها فحسب للطبقة الفقيرة في مصر، وإنما تنتفع منه أيضا طبقة الأغنياء وأصحاب الشركات، ومن هذا المنطلق يبدو جليا أن الدعم يوزع بطريقة غير عادلة".
وبينت الصحيفة أن برنامج الحكومة الاقتصادي قد تسبب، خلال السنوات الأخيرة، في تضخم مالي بلغ حدود 30 بالمائة. وقد تفاقم هذا التضخم مؤديا إلى تعمق معاناة الشعب المصري الذي لا يتجاوز دخله 180 يورو، وهو مبلغ زهيد من المحال أن يغطي حاجيات عائلة كاملة. وفي هذا السياق، قالت مواطنة مصرية، وهي أم لأربعة أطفال: "لم أعد أقدر على تلبية حاجيات أطفالي من المواد الغذائية الأساسية، وكل ما أقدر عليه حاليا هو شراء كيس من الطماطم لنسد به رمق جوعنا".
إقرأ أيضا: "كارثة" رفع أسعار الوقود.. إلى أين تقود المصريين؟
ونقلت الصحيفة عن الباحث في الجامعة الأمريكية في القاهرة، شريف دلاور، قوله إن "الشعب لا يملك خيارا سوى مجاراة هذه الحالة الصعبة، وكله سخط على ما آلت إليه الأوضاع. وفي الوقت الحاضر، لا يمكننا أن ننزل إلى الشارع للتظاهر ضد إجراءات الحكومة، لأن أغلبنا ما زال يؤمن بأن ثورة 2011 تعد السبب الرئيسي لهذه المشاكل الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن اقتصاد البلاد يرتكز أساسا على السياحة، وعائدات قناة السويس، والأموال التي يرسلها المصريون في المهجر. باختصار، إن بلادنا لا تنتج شيئا".
ووفقا للمعهد الوطني للإحصاء، فإن 12 بالمائة من الشعب المصري عاطلون عن العمل رسميا. ويعاني المجتمع المصري من تفشي البطالة خاصة في صفوف الشباب، إذ إن قرابة 79 بالمائة من المعطلين عن العمل في مصر تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، مع العلم أن نسبة الشباب في هذا البلد العربي تصل إلى 60 بالمائة.
وأشارت الصحيفة إلى زيارة أدتها إلى إحدى مخابز حي عابدين، حيث التقت بإيهاب الذي يغطي الدقيق وجهه وقميصه الممزق. ورفع هذا الخباز رأسه وهو يدخن سيجارة قائلا: "يأتي إلينا أحيانا مواطنون يسألون عن ثمن الخبز، وبعد أن أجيبهم، يفكرون قليلا ثم يرحلون دون أن يشتروا شيئا". ثم أضاف المصدر نفسه: "لم نعد نفكر في المستقبل، بل كل ما يهمنا هو اليوم وكيف سنعيشه وسط الأسعار المشطة، لذلك لم نعد نأبه سوى للقمة العيش".