نشرت صحيفة "خبر ترك" التركية؛ مقال رأي للكاتب سيردار تورغوت، تحدث فيه عن استراتيجية الولايات المتحدة وعن اللعبة السياسية التي تعتزم تنفيذها في الشمال السوري.
وبحسب الكاتب، فإن الخطة تقضي بإقامة كيان كردي، مع الأخذ بعين الاعتبار الرفض التركي لهذا المخطط في منطقة غرب نهر الفرات.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "
عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ قد وجه رسائل سياسية تُفيد بنية إدارته لعقد اتفاق وقف إطلاق نار آخر في إحدى مناطق الشمال السوري، على غرار اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب. وأوضح المبعوث الأمريكي لمكافحة تنظيم الدولة، بريت ماكغورك، أنه يبدو أن منطقة الشمال السوري تشكل أهمية قصوى بالنسبة لتركيا.
وبيّن الكاتب أن فرض وقف لإطلاق النار لن يكون سهلا، كما هو الشأن بالنسبة لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري. وتفيد المعلومات الواردة بأن الجانب الروسي بصدد دراسة أبعاد هذه الخطة ووضع استراتيجيات معينة لحل بعض القضايا العالقة بين الطرفين.
ونقل الكاتب معلومات وردت من مصادر في الإدارة الأمريكية، تفيد بأن الولايات المتحدة تعمل على تلك الخطة مع الأخذ بعين الاعتبار الموقف التركي الرافض لإقامة كيان كردي في الشمال السوري، والموقف الكردي المطالب بإقامة كيان له في تلك هذه المنطقة. لذلك، هناك مباحثات حول إيجاد توافق يُمكن من خلاله عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها
تركيا فيما يتعلق بهذه القضية.
وقال الكاتب إن واشنطن قلقة بشأن إمكانية شروع القوات التركية في تنفيذ عملية عسكرية بهدف السيطرة على مدينة عفرين الواقعة تحت السيطرة الكردية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى إعاقة العملية العسكرية، التي تشارك فيها الوحدات الكردية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في مدينة الرقة.
وأوضح الكاتب أنه بالرجوع إلى ما قبل انطلاق عملية الرقة ضد تنظيم الدولة، نرى أن واشنطن تعهدت للوحدات الكردية بإقامة كيان مستقل لها في الشمال السوري. لكنها في نفس الوقت، قدمت تعهدات لتركيا بجعل منطقة غرب نهر الفرات خطا أحمر لن يقام فيها كيان كردي.
وبيّن الكاتب أن الولايات المتحدة لا تريد دفع
الأكراد للتحالف مع
روسيا عوضا عنها، في حال امتناعها عن الالتزام بتعهداتها معهم، علما بأن هناك مشاورات تجري بين الجانب الروسي والجانب الكردي في منطقة عفرين السورية.
وقد طلب الأكراد من الإدارة الأمريكية انتهاج سياسة تساعد الوحدات الكردية على وصل منطقة شرق نهر الفرات بغربه في الشمال السوري، ولم ترفض الولايات المتحدة ذلك، لأنها كانت تحشد جهودها لبدء عملية الرقة. أما في الوقت الحالي، فتبحث الولايات المتحدة عن حل وسطي يرضي الطرف الكردي والطرف التركي على حد سواء. ويقتضي هذا الحل إعطاء الضوء الأخضر للأكراد بإنشاء منطقة حكم ذاتي شرق نهر الفرات في الشمال السوري، حسب ما ذكره الكاتب.
وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تعمل على خطة كبرى تتكون من قسمين. أولا، أخذ الولايات المتحدة ضمانات من الوحدات الكردية بقطع علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني، وعدم المساس بالأمن القومي التركي، وإلا ستقوم الولايات المتحدة بقطع علاقاتها ومساعداتها التي تقدمها لهم. أما ثانيا، فطلبت الولايات المتحدة من تركيا السماح للمدنيين الأكراد بالتنقل بحرية بين منطقة شرق نهر الفرات وغربه دون إقامة كيان كردي لهم غرب نهر الفرات.
ونوّه الكاتب بأن صنّاع القرار في الولايات المتحدة يرصدون ردة الفعل الروسية المتعلقة بهذه الخطة. وفي هذا الشأن، تُشير بعض التقارير إلى عزم القوات الروسية السماح للقوات التركية بدخول منطقة عفرين، في حين تُشير أخرى إلى إجراء محادثات مشتركة بين الروس والجانب الكردي في عفرين.
وذكر الكاتب أن الروس يشيرون إلى إمكانية فتح الطريق أمام تركيا لدخول منطقة عفرين، مقابل تأثير تركيا على قوات المعارضة والفصائل التي تقاتل بجانبها في محافظة إدلب، بهدف إنشاء منطقة عازلة هناك، وكأنهم يوجهون رسالة لتركيا مفادها "اجعلوا إدلب آمنة لنا، ونحن سنسمح بدخولكم إلى عفرين".
وأفاد الكاتب أن فرصة تركيا لاستخدام الورقة الروسية في وجه الولايات المتحدة تقلصت بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وروسيا. ولكن تحتاج كل من روسيا والولايات المتحدة إلى تركيا كحليف لها في المنطقة. ولأن خطة الولايات المتحدة لا تقتضي استثناء الوحدات الكردية في المنطقة، فذلك يستلزم موافقة الجانب الروسي عليها من أجل تنفيذها على أرض الواقع.