عينت سلطات الانقلاب في
مصر اللواء خالد شلبي المتهم الأول لدى
إيطاليا في قتل مواطنها وتعذيبه، جوليو
ريجيني، بداية 2016، مديرا لأمن الإسكندرية.
وتم تعيين شلبي بأوامر من وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار، الأربعاء، ضمن حركة تنقلات لمديري الأمن في الوزارة، في قرار اعتبره الكثيرون "مكافأة لشلبي"، بنقله من الفيوم في الصعيد إلى الإسكندرية، المدينة الأكثر سكانا وأهمية بعد القاهرة.
بذلك، يعود شلبي إلى الاسكندرية بعد 18 عاما من اتهامه بجريمة قتل أحد المصريين بقسم المنتزه.
وتتهم السلطات الإيطالية شلبي بخطف جيوليو ريجيني وتعذيبه حتى الموت، معتمدة على أدلة منها أنه أول من أعلن أن سبب موت ريجيني حادث سير، رغم آثار التعذيب الواضحة بجثته، ونفي وجود شبهة جنائية، إلى جانب سجل شلبي السابق وإدانته بالحبس عاما في إحدى قضايا التعذيب في الإسكندرية.
جريمة ريجيني
وأثناء تولي شلبي منصب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، وقعت جريمة اعتقال طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، وتعذيبه، مساء الذكرى الخامسة للثورة في 25 تشرين الثاني/ يناير 2016.
وفي 3 شباط/ فبراير 2016، أعلن اللواء شلبي العثور على جثة مجهولة الهوية بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، وعليها آثار تعذيب، ليعلن في اليوم التالي أن الجثة لشاب إيطالي يدعى جوليو رجيني، وأن التحريات الأولية أشارت إلى تعرضه لحادث سير.
ونفى حينها إصابته بأي طلقات نارية أو طعنات، وقطع بعدم وجود شبهة جنائية في وفاة ريجيني.
واعترف الأمن المصري لاحقا بأن ريجيني كان تحت رقابته بعد اختفائه في ذكرى ثورة 25 يناير، رغم إنكاره في البداية.
وفي عام 1999، كان يترأس شلبي مباحث قسم المنتزه برتبة مقدم، وشارك وآخرون في قتل المواطن فريد شوقي عبد العال، خنقا وتحت التعذيب، وحكم عليه بالحبس عاما مع إيقاف التنفيذ، وظل في الإسكندرية يمارس عمله حتى عام 2003.
ريجيني المصري
وقبل أن يغادر شلبي مكان عمله مديرا لأمن الفيوم إلى الإسكندرية، تحدثت الصحافة المصرية ووسائل التواصل الاجتماعي عن جريمة مقتل "ريجيني مصري" في الفيوم.
والثلاثاء الماضي، ضجت مصر بصورة الشاب ثروت سامح (19 عاما) مقتولا وعليه آثار تعذيب، بعد اختفائه منذ يوم الجمعة 22 تموز/ يوليو من مدينة السادس من أكتوبر، ليتم العثور على جثته في صحراء الفيوم (دائرة عمل اللواء خالد شلبي)، وعليها آثار تعذيب وصعق بالكهرباء.
وعلى طريقة ريجيني، نفى مصدر أمني رفيع المستوى في مديرية أمن الفيوم، صحة ما تردد عن تورط جهاز الشرطة في الاعتداء على الشاب ثروت سامح.
رد فعل الإيطاليين
وفي تعليقه على ترفيع شلبي وتجاهل غضب دولة مثل إيطاليا، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، أن "وزارة الداخلية جزء من النظام الحاكم الذي لا يعنيه إلا تماسكه واستمراره فقط، عن طريق بث الخوف ونشر العوز والطبقية، وأداته المباشرة لتحقيق ذلك هي الشرطة ثم الجيش".
وأضاف الأشعل لـ"
عربي21"، أن "الشعب والوطن والدولة المصرية ومصالحها تدفع ثمن سلوك النظام الحاكم الذي يتستر بالدولة والوطن، وتطبيقات ذلك أنه لا يهتم باستفزاز إيطاليا أو غيرها"، مضيفا: "ربما كان ذلك في حسابات النظام عند تعيين شلبي".
اقرأ أيضا: إيطاليا: علاقاتنا مع مصر يحددها تعاون القاهرة بقضية ريجيني
وحول وجود أوراق ضغط بيد روما على النظام في مصر، أكد أستاذ القانون والمحكم الدولي، أن "روما لديها أوراق تثبت تورط السلطة في الجريمة، ولكن من الناحية الدبلوماسية تصر إيطاليا على معرفة من ارتكب الجريمة، وليست مقتنعة بالأوراق والحجج المصرية".
وأضاف الأشعل أن "الموقف الإيطالي يتستر وراء المصالح، ولكنه قابل للانفجار بالتحالف مع أوروبا إذا توقفت أهمية النظام المصري لهم".
انتقاد حقوقي
من جهته، طالب مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، محمد جميل، الحكومة الإيطالية باتخاذ موقف حاسم إزاء هذا التعيين، ودعاها للإصرار على تسليم ذلك الضابط للإنتربول الدولي، وإظهار ما لديها من أدلة مادية وقاطعة على تورطه بقتل مواطنها ريجيني.
وأكد جميل لـ"
عربي21"، أن "ريجيني لا يقل أهمية عن أي مصري قتلته سلطات الانقلاب بدم بارد خارج إطار القانون، إلا أن قضية ريجيني تعد علامة هامة جدا كونه إيطالي، وتقف خلفه دولة يمكنها أن تطالب بحقه، وتحصل عليه".
وأضاف جميل أن "حصول روما على حق ريجيني يعد مؤشرا جيدا لحصول كل مصري سجن أو قتل تحت التعذيب أو خارج إطار القانون، على حقوقهم"، مستنكرا "عدم وجود آلية قضائية أو دبلوماسية ضاغطة على
السيسي".
وحول عدم اكتراث السلطات المصرية بالاتهام الرسمي الإيطالي للواء شلبي، قال جميل: "كما يقولون (من يزرع يحصد)، والمجتمع الدولي زرع نظام السيسي في الجسد المصري، وسكت عن جرائمه بحق آلاف المصريين، لذا فالمجتمع الدولي يحصد هذا، ثمنا للسكوت البشع".
وأوضح أن "السيسي يستمد جبروته من الولايات المتحدة ومن دعم ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي قدمت مصالحها ومنافعها على الأخلاق والقيم ومبادئ القانون الدولي"، مؤكدا أن "تقديم الغرب مصالحه على القيم هو ما دفع السيسي لتعيين مثل هذا القاتل لريجيني، بل ويدفعه لمكافأة كل شرطي يقتل مصريا".
وأكد جميل أن "تلك الدول لو حاصرت السيسي، وأوقفت دعمه ماديا ومعنويا، لما تجرأ على فعل ما يفعل، ولأوقف تلك المجازر التي يواصلها ليل نهار"، وفق قوله.